اجتمع المترشحون الخمسة على موقف مشترك بخصوص ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد ورفض المرحلة الانتقالية، في حين اختلفوا في كيفية معالجة الأزمة السياسية، وفي طريقة إجراء الإصلاحات الضرورية لدمقرطة نظام الحكم والتأسيس للجمهورية الجديدة أو الدولة الوطنية لما بعد 22 فيفري، التي يطالب بها الحراك الشعبي منذ تسعة أشهر.
دخل المترشحون للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 12 ديسمبر المقبل، في الأيام الخمسة الأولى مباشرة في أجواء الحملة الانتخابية بما يميزها من شد وجذب وجدال سياسي وتراشق بالمصطلحات والوعود الرنانة، لكن الأهم في كل ما يُقال هي الأفكار والمقترحات التي تطرحها هذه الشخصيات المترشحة لإخراج البلاد من وضعية الانسداد والتوجه نحو انفتاح سياسي وديمقراطية ناشئة تستجيب لتطلعات المواطنين الباحثين عن تغيير سلمي للمنظومة.
وحسب قراءة أولية للبرنامج السياسي وتصريحات كل مترشح خلال الأيام القليلة الماضية، فإن هناك إجماع صريح من طرفهم على أن الانتخابات الرئاسية هي الحل أو القاعدة الأساسية لبناء التغيير المنشود، وأنه لا مجال للحلول “السحرية” خارج إرادة الصندوق كمعيار أساسي في البناء الديمقراطي للأنظمة السياسية الباحثة عن الانتقال الديمقراطي وفق الحل الدستوري.
ولأول مرة يجد المترشحون للرئاسة منذ أول انتخابات تعددية عام 1995.. فما بعد 22 فيفري ليس كما قبله مثلما يؤكد الكثير من المراقبين للمشهد السياسي الجزائري.
فالمترشح الحر عبد المجيد تبون، الذي أقيل من الحكومة عام 2017 بعد 3 أشهر فقط من تعيينه على رأسها، يعد بمراجعة الدستور الحالي بهدف “تقنين ما جاء به الحراك الشعبي” في أسابيعه الأولى، كما يتعهد بمراجعة قانون الانتخابات والقضاء على ظاهرة “تأثير المال على العملية الانتخابية”، فهذا المترشح الذي سبق له إدارة وزارة السكن في الحكومات السابقة، يشدد في برنامجه المطروح أمام الناخبين على الجانب الاقتصادي، حيث اختار له الشعار التالي: “فصل المال عن السياسة”، ويرى تبون أن كثيرا من أصحاب المال الفاسدين تغلغلوا في المجال السياسي وكان لديهم تأثير كبير في القرار، فهُمش السياسيون النزهاء والشباب الأكفاء لصالح “أوليغارشيا” مالية، أصبحت تشتري وتبيع المناصب على مستويات متعددة.
من جانبه، يعتقد المترشح علي بن فليس الذي يستغل شرعية معارضة الرئيس السابق ومنافسته في رئاسيات 2004 و2014 أنه لا مجال للتغيير إلا عبر “تحرير القضاء والإعلام وتقوية المعارضة”، متعهدا بحماية المعارضة على مستوى البرلمان، بما يقيها من سطوة الأغلبية، كما اقترح بن فليس تثبيت “النظام شبه الرئاسي وشبه البرلماني”، كما أن برنامجه الانتخابي تضمن العديد من المحاور أهمها: “تغيير قانون الأحزاب السياسية، لإعطاء الضمانات الكافية للأحزاب وإعطائها القدرات اللازمة للعمل، وتغيير قانون الانتخابات بالتشاور مع كل الطبقة السياسية بإشراف من رئيس الجمهورية شخصيا”، كما شدد بن فليس على ضرورة فتح الحوار مع المعارضة للخروج من الانسداد.
في المقابل، يعتقد مرشح التجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي، أن تطبيق المادتين الدستوريتين 7و8 اللتين يطالب بهما الحراك الشعبي منذ الشهر الأول لن يكون إلا عبر تنظيم الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى ضرورة “بناء دولة جديدة عبر إعطاء سيادة القضاء على البيروقراطية والفساد، وإعادة المصداقية للمؤسسات”، ويطرح ميهوبي الذي سبق له تسيير وزارة الثقافة علاوة على أنه مثقف ملتزم، فكرة “التحول الجمهوري” داعيا إلى تجديد الأدوات السياسية تماشيا مع إرادة ورغبة الشعب الجزائري في التغيير.
أما مرشح حركة “البناء الوطني” عبد القادر بن قرينة الذي يرفض وضعه في خانة “مرشح التيار الإسلامي” فيقترح برنامج للإصلاح السياسي، مستمد كما يقول من بيان أول نوفمبر، وعلى مبادئ الأمة اللغوية والدينية، بالموازاة مع ذلك يقترح مترشح جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، “إصلاحات عميقة”، وهو الذي اختار لحملته الانتخابية شعار” الشعب يقرر”، متعهدا بأنه في حالة انتخابه رئيسا للبلاد سوف يعمل على “بناء مؤسسات قوية تعكس قوة ومكانة الدولة الجزائرية”، وأشار المترشح الأصغر سنا إلى إعادة دور الجزائر الدبلوماسي، وأوضح بلعيد أن من بين أولويات برنامجه “مراجعة الدستور وكل القوانين المرتبطة بالإصلاحات” إلى جانب “فتح حوار جامع يضم كل الأطياف السياسية في البلاد”، بالإضافة إلى بناء “اقتصاد قوي” يرتكز على “أرضية سياسية متينة”.
إسلام كعبش