عادل.ب
أجمع المتتبعون أن العام 2019، كان استثنائيا في المجال الرياضي، بعدما تمكن المنتخب الوطني الجزائري من التتويج بكاس أمم إفريقيا التي جرت الصيف الماضي بمصر، ليكسّر أشبال المدرب جمال بلماضي، حاجزا دام لمدة 29 سنة بعد آخر صعود لـ”الخضر” فوق منصة الأبطال، وهو الإنجاز الذي “غطّى” على الإخفاقات و”النكسات” التي عرفتها الرياضة الجزائرية، سواء في كرة القدم أوفي الرياضات الأخرى وعلى رأسها ألعاب القوى من خلال الحصيلة الضعيفة التي سجلها الرياضيون الجزائريون في بطولة العالم التي جرت وقائعها في العاصمة القطرية الدوحة.
وسيبقى العام 2019، عالقا في أذهان الجزائريين وعشاق المنتخب الوطني الذي أبهر في “أرض الكنانة” وحقق إنجازا تاريخيا وأرقاما مميزة جدا تحت قيادة “المايسترو” جمال بلماضي، فقد نجح “محاربو الصحراء” في تحقيق لقبهم الثاني في كأس الأمم الأفريقية بعد 29 سنة من الغياب، في إنجاز غير مسبوق لـ”الخضر”، كون التتويج الأول سنة 1990 تحقق داخل الديار وبمشاركة 8 منتخبات فقط، عكس نسخة 2019 التي نظمت في مصر وبحضور 24 منتخبا لأول مرة في تاريخ المسابقة.
وفاجأ “الخضر” المختصين والمتتبعين، فقبل بداية البطولة، لم تكن الترشيحات تصب أبدا في صالح “محاربي الصحراء” بالنظر للعديد من الأسباب، حيث لم يكن أشد المتفائلين يتوقع ذلك المستوى الذي ظهر به محرز ورفاقه، غير أن البداية القوية خاصة في دور المجموعات، وحصوله على تسع نقاط من ثلاث مواجهات، في مجموعة قوية ضمت السنغال وكينيا وتنزانيا، قلت جميع الموازين وغيّرت النظرة نحو “الخضر”، لتأتي الأدوار الإقصائية التي كانت مميزة جدا، لاسيما مباراة ربع النهائي أكمام كوت ديفوار والسيناريو الدراماتيكي لها، حيث نال بفضلها المنتخب، إشادة الخبراء والمختصين على الساحة الإفريقية والعالمية، بعد الروح القتالية والإرادة الكبيرة التي خرج منها الفريق بتأهل مستحق بضربات الترجيح.
وفي نصف النهائي واجه “المحاربون” منتخب نيجيريا في لقاء انتهى بطريقة أقل ما يقال عنها أنها رائعة، عقب نجاح نجم مانشستر سيتي، رياض محرز، من توقيع هدف العبور إلى النهائي في الدقيقة 95 من مخالفة رائعة، لتحمل علامة مميزة في الأوساط الكروية “حطها في الغول يا رياض”، وتصبح هذه العبارة الأشهر في وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن ينجح أشبال بلماضي في العودة بالكأس الغالية بعد فوزهم في النهائي على منتخب السنغال، بهدف القناص، بغداد بونجاح.
استقبال أسطوري من الجماهير الجزائرية
وبعد المشوار الرائع، عاد أبطال إفريقيا من مصر بالكأس الغالية، ليجدوا في استقبالهم الشعب الجزائري الذي صنع ملحمة هو الآخر لا يقل عن ملحمة القاهرة، حيث تجمّع مئات الآلاف في الساحات العمومية وانتظروا حافلة الأبطال التي مرت وسط حشود غفيرة وأجواء خيالية تناقلتها وسائل الإعلام العالمية والعربية، وأدهشت أيضا اللاعبين والمدرب جمال بلماضي الذي أكّد بأن ما رآها يعتبر ضربا من الخيال، وأنه لم يكن يتصور هذا الكم الهائل من الجماهير والاستقبال الأسطوري له وللاعبين، قبل أن تتوجه النخبة الوطنية إلى قصر الشعب وتنال تكريما رسميا من طرق رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي منحهم وسام الاستحقاق.
اتحاد الجزائر يتوج بلقبه الثامن
وعلى المستوى المحلي، نجح اتحاد الجزائر في تحقيق ثامن ألقابه كبطل للجزائر منذ تأسيسه، في سيناريو غير متوقع، خاصة وأن الفريق فشل في تحقيق الفوز في المباراة ما قبل الأخيرة على ملعبه أمام مولودية وهران (1-1)، قبل أن يعود بفوز كبير من قسنطينة، أمام الشباب المحلي (3-1)، في جولة إسدال الستار، وهو الإنجاز الذي تخلله مشاكل لا حسر لها مازال يعاني مننها الفريق لحد الآن، في أعقاب اعتقال مالك الفريق علي حداد بتهم فساد، وتخلي “مجمع حداد” على الفريق، ما أدخله في دوامة من المشاكل المالية التي انعكست على التشكيلة فنيا، غير أن رفقاء القائد محمد الأمين زماموش، عرفوا كيف ينهون الموسم في الصدارة ويتوجون بلقب جديد يضاف إلى الخزائن.
شباب بلوزداد…. الكأس الثامنة بعد معاناة في الرابطة الأولى
وفي منافسة كاس الجمهورية، عانق شباب بلوزداد أيضا لقبه الثامن، بعد فوزه على شبيبة بجاية في النهائي بثنائية نظيفة، وأضاف الشباب بذلك ثامن الألقاب إلى خزائنه في منافسة كأس الجمهورية، بعد تلك التي حققها سنوات: 1966، 1969، 1970، 1978، 1995، 2009 و2017، وهو التتويج الذي كان له طعما خاصا، بالنظر للمشاكل الكثيرة التي واجهها الفريق في بداية الموسم وخصم ثلاث نقاط من رصيده، بسبب الأزمة المالية وعدم الاستقرار الإداري ويتحول للصراع على تحقيق البقاء، قبل أن يتولى عبد القادر عمراني مهامه في العارضة الفنية ويستطيع الشباب تحقيق البقاء وإحراز الكأس.
المنتخب الأولمبي يخيّب ويغيب عن أولمبياد طوكيو
وخيب المنتخب الجزائري الأولمبي التوقعات بعد إقصائه في تصفيات كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة التي أجريت في مصر، ليضيع فرصة ثمينة للتأهل إلى أولمبياد طوكيو 2020. ولم تشفع عودة أولمبي الخضر بالتعادل الإيجابي (1-1) من العاصمة الغانية أكرا، أمام منتخب البلاك ستارز، حيث فشل في الظفر بتأشيرة التأهل بعد سقوطه في لقاء الإياب، على ملعب 8 ماي 1945 بسطيف، بهدف دون رد، ليفوت على نفس فرصة التأهل للنهائيات.
المنتخب المحلي على خطى سابقه
بدوره فشل المنتخب الجزائري للمحليين، في بلوغ نهائيات كأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين “الشان”، والتي ستقام في الكاميرون سنة 2020، بعد إقصائه على يد شقيقه المغربي، في الدور التصفوي الأخير، حيث كان المنتخبان قد تعادلا في مباراة الذهاب سلبا بملعب مصطفى تشاكر، قبل أن يدك “أسود الأطلس” شباك نظرائهم من الجزائر بثلاثية كاملة في مباراة العودة بملعب مدينة بركان المغربية، ليفتح هذا التعثر فتح أبواب الانتقاد تجاه الاتحاد الجزائري لكرة القدم بعد أشهر قليلة من نيله الثناء عقب تتويج المنتخب الأول بكأس أفريقيا. وساهم تزايد حدة الانتقادات في إجبار الاتحاد الجزائري على اتخاذ قرار إقالة المدير الفني للمنتخبات الوطنية، الفرنسي لودوفيك باتيلي، بعد فشله في قيادة المنتخبين الأولمبي والمحلي، نحو بلوغ الأهداف المسطرة.
الفشل القاري يبصم على مشاركات الأندية الجزائرية
وعلى صعيد الأندية، واصلت الفرق الجزائرية غيابها عن منصات التتويج في المنافسات الأفريقية، منذ سنة 2014 عندما توج وفاق سطيف بلقب كأس رابطة أبطال أفريقيا، ولم يتمكن شباب قسنطينة من مواصلة مغامرته وإحداث المفاجأة في ثاني مشاركة في تاريخه، وفشل في تجاوز عقبة الترجي التونسي حامل اللقب في الدور الربع نهائي، إثر سقوطه ذهابا وإيابا بنتيجتي (2-3) و (3-1) تواليا. كما عجز شبيبة الساورة عن عبور دور المجموعات في أول مشاركة له في المنافسة القارية ليغادر بخفي حنين، شأنه شأن مواطنيه نصر حسين داي، واتحاد بلعباس اللذين عجزا عن التقدم في كأس الكونفيدرالية الإفريقية.
فضيحة “الداربي” العاصمي ستبقى عالقة في الأذهان
ولعل من الأحداث الرياضية التي أثارت جدلا واسعا وانتقادات لاذعة لمسؤولي كرة القدم، كانت عدم إجراء “الداربي الكبير” بين مولودية الجزائر واتحاد الجزائر الذي تم برمجته يوم 12 أكتوبر الماضي، ضمن تسوية الجولة الرابعة من المحترف الأول، وهو التاريخ الذي تزامن مع تواريخ التوقف الدولي “الفيفا”، حيث طالبت إدارة اتحاد الجزائر بتأجيل المباراة سبب تواجد عدد من لاعبيها الدوليين مع المنتخبات (05 مع المنتخب العسكري الجزائري ومؤيد اللافي مع منتخب ليبيا)، إلا أن رد الرابطة جاء سلبيا، ورفضت هيئة عبد الكريم مدوار طلب “سوسطارة” بحجة أن المكتب الفدرالي وافق على برمجة اللقاءات المتأخرة في تواريخ “الفيفا”، ليقرر مسؤولو الاتحاد مقاطعة “الداربي” في سابقة هي الأولى، حيث حرمت الجماهير الجزائرية وحتى العربية من مباراة ينتظرها الملايين، وسط انتقادات لاذعة للرابطة الوطنية، والتي أقدمت أيضا على معاقبة “سوسطارة” بخصم ثلاث نقاط من الرصيد واحتساب الفوز على البساط لصالح “العميد”، وهي القضية التي لا تزال في أروقة المحاكم الرياضية.
مخلوفي يحفظ ماء الوجه وسقوط متواصل لألعاب القوى
وشهد العام 2019، إجراء بطولة العالم لألعاب القوى في العاصمة القطرية الدوحة، شهر سبتمبر الماضي، حيث شارك الجزائريون في مختلف الرياضات، إلا أن الحصيلة كانت ضعيفة لأبعد الحدود، بعدما خرجت النخبة الوطنية بميدالية واحدة كانت من نصيب العداء توفيق مخلوفي الذي نال فضية سباق 1500 متر، حيث دخل العدّاء توفيق مخلوفي ثانيا في سباق النهائي، بِتوقيت قدره 3د و31ثا و38ج، حيث عادت ألعاب القوى الجزائرية من بعيد، حيث لم يصعد أيّ عدّاء فوق منصّة التتويج للبطولة العالمية، منذ إحراز عيسى جبير سعيد قرني الميدالية الذهبية لِسباق الـ 800 متر في نسخة العاصمة الفرنسية باريس صيف 2003.