شغل خبر الزيارة المرتقبة للرئيس التركي طيب رجب أردوغان للجزائر، الكثير من المتتبعين للشأن الجزائري والتركي، ورغم أنها ليست الزيارة الأولى التي يقوم بها أردوغان للجزائر، إلا أن العديد من المراقبين يعتبرونها “جد خاصة وهامة” فهي زيارة في ظاهرها وكما أعلن عنها ستخصص لمناقشة آفاق التعاون الجزائري– التركي وسبل ترقيته، إلا أن في باطنها تخفي العديد من الأهداف من الجانب التركي، لعل أهمها التشاور والتنسيق بخصوص الأزمة الليبية، ومحاولة تركيا الحفاظ على مصالحها مع حكومة الوفاق الليبية التي تدعمها أيضا الجزائر باعتبارها الحكومة الشرعية، إضافة إلى سعي تركيا تعزيز مصالحها الاقتصادية مع الجزائر ومن ثمة مع إفريقيا، وقد تكون للزيارة هدف سياسي آخر وهو دعم تركيا لحلفائها السياسيين في الجزائر للعودة إلى النظام.
من المنتظر أن يحل الرئيس التركي طيب رجب أردوغان بالجزائر في زيارة تدوم يومين، وكما كان قد أعلن عن فحواها فهي ستكون لمناقشة آفاق التعاون الجزائري- التركي وسبل ترقيته، وقد كان للرئيس التركي عدة زيارات سابقة للجزائر كانت أخرها في نهاية فيفري 2018 كان هدفها تحسين المبادلات التجارية وحماية الاستثمارات، غير أن هذه الزيارة وحسب المراقبين تختلف عن نظيراتها السابقة، لعدة أسباب، ولعل أهمها الوضع السائد في ليبيا، وما يكتسيه هذا الملف من أهمية بالنسبة لتركيا وإدراكها لأهميته أيضا بالنسبة للجزائر، حيث يؤكد خبراء أنه لا يمكن فصل زيارة أردوغان عن القضية الليبية، حيث من المنتظر أن يأخذ هذا الملف النصيب الأكبر من المحادثات التي سوف تجري بين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ونظيره التركي، على مستوى الرؤساء، وأيضا على مستوى الوفد المرافق لأردوغان مع نظراءهم في الجزائر في القاءات التي من المحتمل أن تعقد على الهامش، خصوصا وأن كلا البلدين يعدان طرفان لهما ثقلهما وتأثيرهما على مجريات هذه القضية.
رابح لونيسي:
“لزيارة أردوغان ثلاثة أهداف رئيسة أهمها الملف الليبي“
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي رابح لونيسي في تصريح لـ”الجزائر”، أن “أغلب الزيارات التي يقوم بها الرؤساء أو المسؤولين الأجانب للجزائر في هذه الفترة متعلقة بالأزمة الليبية، وزيارة أردوغان تدخل في هذا الإطار”، فتركيا-يقول لونيسي- “تحضر كفاعل في الصراع الليبي، فهي تقف مع حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فايز السراج والمعترف بها دوليا، ضد اللواء خليفة حفتر، وعليه فهذه الزيارة تدخل ضمن عملية التأثير في الملف كون الجزائر أعلنت عن استعدادها احتضان حوار ليبي-ليبي وبدأت بالفعل في هذا المسار بعقدها اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الليبي، كما أن ترحيب حكومة السراج بدعوة الجزائر و قبولها للوساطة الجزائرية، مع احتمال كبير لقبول أيضا حفتر بالدعوة، فهذا أكيد سيشغل تركيا ويقلقها حيال مصالحها مع حكومة السراج، فهنا تركيا سوف تحاول حماية مصالحها، وزيارتها للجزائر في هذه الفترة بالذات لها علاقة وطيدة بهذه المسألة”.
ويرى لونيسي أن هناك هدف آخر محتمل لزيارة أردوغان يتمثل في كون تركيا “بلد يريد ولوج السوق الإفريقية بقوة، و بما أنها –أي تركيا- أصبحت قوة إقليمية فسوف تعمل من أجل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية، و لديها مصالح اقتصادية واستثمارات كبيرة في الجزائر، والتي تريد انطلاقا منها المرور إلى إفريقيا”.
لزهر ماروك:
“زيارة أردوغان مرتبطة بمصالح اقتصادية مشتركة بين البلدين“
من جانبه، قال الخبير السياسي لزهر ماروك، في تصريح لـ”الجزائر”، أن زيارة أردوغان للجزائر “ليست الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها للبلاد، حيث سبقتها زيارات عدة في السابق، وذلك كون العلاقات الجزائرية –التركية بلغت مستوى الشراكة في مختلف المجالات، الأمنية، السياسية، الاقتصادية، وبالنظر إلى أن تركيا اليوم أصبحت قوة إقليمية تتمتع بالكثير من عوامل القوة، سواء اقتصادية وعسكرية وسياسية، وكذلك بالنسبة للجزائر التي دخلت بعد الرئاسيات الماضية في مرحلة جديدة من الانتشار الدبلوماسي وتعزز حضورها الدبلوماسي في المحافل الدولية وتمتعها أيضا بعوامل قوة إقليمية سواء من حيث الموقع، وعدد السكان وما تملكه من مقومات أخرى، فهي عوامل مشتركة بين الدولتين، إضافة إلى وجود مصالح مشتركة مهمة-يقول ماروك- تتعلق بالقضايا الأمنية كالأزمات في ليبيا و منطقة الساحل ، والأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى وجود قنوات سياسية ودبلوماسية يتم من خلالها التنسيق والتشاور الدائم بين الجانبين سواء من خلال الزيارات أو الاتصالات المباشرة أو الحضور في المنتديات الإقليمية و الدولية”.
ويعتبر ماروك أن أهم نقطة اليوم في العلاقات الجزائرية التركية هي “المصالح الاقتصادية، فهناك استثمارات تركية كبيرة في الجزائر، إضافة إلى مشاريع مشتركة، ولا ننسى أيضا الصادرات التركية نحو الجزائر”، وعليه -يقول المتحدث ذاته- فلتركيا مصالح اقتصادية هامة في الجزائر وتسعى للحفاظ عليها وتقويتها باعتبار الجزائر نقطة ارتكاز للانتشار نحو إفريقيا.
غير أن ماروك أكد أن للزيارة أيضا علاقة وطيدة بالملف الليبي، حيث قال أن تركيا “تدعم حكومة الوفاق، والجزائر تدعم نفس الحكومة غير أن نقطة الاختلاف أن الجزائر تدعمها لكونها تمثل الشرعية، وترفض أي حل عسكري أو تدخل أجنبي، و مقاربة الجزائر لحل هذه الأزمة واضحة، فإذا وافقت النظرة التركية المقاربة الجزائرية فسيكون هناك تشاور حول كيفية تجسيد مخرجات مؤتمر برلين في الميدان و سيعمل الطرفان على كيفية إعطاء صبغة من خلال الأمم المتحدة، أي جعل مخرجات مؤتمر برلين إلزامية”.
رزيقة.خ