توصف العلاقات الجزائرية التركية بـ”المميزة والعميقة” على مختلف الأصعدة، سواء من الجانب الاقتصادي وما يشمله من تبادل تجاري واستثمارات، وهو الأمر الذي يعرف نموا تصاعديا خلال السنوات الأخيرة، ومن الجانب السياسي والأمني وما يجسده ذلك من مشاورات وتنسيق في مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى الجانب التاريخي العميق بين البلدين.
عرفت العلاقات الجزائرية التركية منذ صعود الرئيس التركي طيب رجب أردوغان للحكم في 2014 دفعة قوية، خاصة من الجانب الاقتصادي، بالرغم من أنه ومنذ 2006 والجزائر وتركيا تربطهما معاهدات صداقة وتعاون ساهمت آنذاك في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، غير أنه ومنذ مجيء أردوغان للحكم في هذا البلد، أعطى اهتماما بالغا للعلاقات مع الجزائر، وتجسد ذلك فعليا من خلال اتفاقيات وشراكات اقتصادية كبيرة وقعها البلدان في عدة قطاعات، منها البناء، النسيج، الطاقة والتجارة غيرها.
وتسعى الجزائر و تركيا اليوم إلى الوصول بهذه العلاقات إلى المستوى التعاون الاستراتجي، وما زيارة أردوغان إلى الجزائر، التي باشرها أمس، وتستمر إلى اليوم، والتي رافقه فيها كبار المسؤولين الأتراك إضافة إلى أزيد من 140 رجل أعمال تركي، إلا تأكيد على هذا السعي، و من اجل إعطاء دفعة قوية لهذه العلاقات.
وتعتبر الجزائر أكبر شريك تجاري لتركيا في إفريقيا، بحجم مبادلات تجارية تقارب 5 مليار دولار سنويا، فيما تجاوز حجم الاستثمارات التركية في الجزائر 4 مليار دولار.
وتتجلى أهم المشاريع بين تركيا والجزائر في افتتاح “طيال” أكبر مصنع للنسيج في إفريقيا، بغليزان باستثمار يقدر بـ1.5 مليار دولار، إضافة إلى مصنع للحديد والصلب بوهران الذي دشن في 2013 و الذي تشرف عليه الشركة التركية “توسيالي أيرون أند ستيل” بتكلفة تفوق 750 مليون دولار، وبقدرة إنتاجية بلغت 1.2 مليون طن سنويا من المواد الحديدية، إضافة إلى استثمار في نفس المجال- الفولاذ- بين الشركة المختلطة “أوزميرت”-تركية جزائرية -أنشئت في 2007 بوهران مصنعا بعين تيموشنت متخصص في صناعة الفولاذ والقضبان المسطحة.
ويقدر عدد المشاريع التركية في الجزائر بنحو 138 مشروعا من مختلف القطاعات، العديد منها تم استكمالها، حيث تركز هذه المشاريع على وجه الخصوص في القطاع الصناعي الذي نال نصيب الأسد بإجمالي 23 مشروعا بلغت قيمتها 74 مليار دينار-720 مليون دولار.
إضافة إلى مشاريع أخرى تفوق الـ100 مشروعا مسجلة في إطار استثمارات تركية في الجزائر.
ويتصدر المستثمرون الأتراك قائمة المستثمرين الأجانب في الجزائر، من حيث الحجم المالي للمشاريع، وعدد المناصب التي تم خلقها في إطار استثماراتهم.
الخبير الاقتصادي ياسين ولد موسى:
“زيارة الرئيس التركي فرصة لإقامة شراكة رابح-رابح”
قال الخبير الاقتصادي ياسين ولد موسى في تصريح للإذاعة الوطنية، أمس، بخصوص زيارة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان للجزائر رفقة وفد هام من المسؤولين ورجال أعمال، أن تركيا “بلد اقتصادي قوي وزيارة أردوغان للجزائر فرصة لإقامة شراكة رابح-رابح في عديد المجالات”.
وأضاف أن زيارة الرئيس التركي للمرة الثانية للجزائر والمرفوق بوفد كبير من رجال الأعمال ستسمح بإمضاء عدد كبير من عقود شراكة، واعتبر أن هذه الشراكة من الأفضل أن تكون رابح رابح، ويقتضي ذلك توازنا في المصالح وتقاسم الأعباء والأرباح ووحدة الرؤية الإستشرافية بين البلدين.
واعتبر الخبير أن “لتركيا نظاما اقتصاديا مرنا وقويا وإنتاجا متنوعا، حيث تمكنت في مدة قصيرة من الوصول إلى مستوى بعض الدول الأوروبية، فضلا عن تطورها في إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومن الطبيعي أن تسعى إلى إيجاد أسواق جديدة لها”، مشيرا إلى سعي هذا البلد لـ”ضمان تموين الموارد الطاقوية”.
رزيقة.خ