يرتقب أن تكون رواية “لابوانت.. جدوا قاتلي” لمحمد جعفر والصادرة عن دار “ناشرون” موضوع ندوة شهريّة في مركز باسل الأسد الثقافي في صور بلبنان، يوم 20 مارس المقبل بحضور الناقد الدكتور علي حجازي الذي ستكون له قراءة نقديّة مسهبة..
الرواية وحسب كلمة الناشر، تصدر رواية “لابوانت.. جدوا قاتلي” لإثبات مركزيتها في الإبداع العربي عموماً والجزائري خصوصاً، ولعل في استثمار الروائي محمد جعفر لأجواء ومفاهيم الثورة الجزائرية، وجبهة التحرير الوطني والحزب الشيوعي الجزائري؛ واختياره لغة تفاقم الخلافات والتناقضات في مكونات الثورة السياسية والعسكرية على المستعمر الفرنسي له ما يبرره إيديولوجياً في تقديم عمل روائي يسعى إلى تكوين القارئ العربي رؤية خارجية حيادية بمعيار ما، تتحول فيما بعد إلى حافز لنوع من المقايسة بين زمن الآمال العريضة، ومآل أضحت فيه البلاد والعباد رهينة للمستعمر وانتشار العنف، بشتى تجلياته الحسية والمعنوية والنفسية، فيصير الفضاء المثقل بالذاكرة، قاعدة لإعادة إنتاج الصور المنسية، أو المتكدسة في لا وعي بطل رواية “لابوانت.. جدوا قاتلي”، ومن ثم يأتي الصوغ الدرامي لوقائع المسار الشخصي له، وتحريك الرومانسيك الساخر أشبه بكوميديا سوداء ونوع من الذاكرة المضافة لكل ما مرت به الجزائر عبر تاريخها الطويل منذ قيام الثورة الجزائرية وحتى تسعينيات القرن المنصرم. تبدأ قصة بطل الرواية “علي” مع نهايات احتلال فرنسا الجزائر، تعرّض للاعتقال على يديّ السلطة الجزائرية ومن ثم السلطة الفرنسية. ولهذه الأسباب أصبح لا يرى العالم إلا من خلال ثلاثة ألوان، هي الأبيض والأسود والأحمر. ويحمل ذاكرة تحتفظ بالكثير من التواريخ والأحداث والأسرار، وخاصة بعد انتمائه شاباً إلى منظمة تتبع الحزب الشيوعي، ما أدى إلى سجنه وتعذيبه أيام “الاحتجاز الفاشية”. وتوجيه تُهم إليه أقلها التخابر والوشاية مع دولة أجنبية ومع أنه بدأ مقاوماً، ولكن مع التعذيب تلاشت المقاومة تدريجياً، ثم أخذت منحى آخر حين خضع عقله للأخذ والرد، أملاً في أن يتاح له خلاص بدا مستحيلاً. وبعد إفلاته من قبضة السلطات الفرنسية يتردى علياً في مهاوي الرذيلة والفسق. وينتهي تائهاً وأشبه برجلٍ ضائعٍ أسير ذاكرته وذاتيته وزمنه التائه؛ وبانوراما هائلة من العبث والفوضى وقساوة الثورة وتسلط الدولة. وهذه الأسباب هي نفسها التي جعلت روايات بعد الاستقلال وهذه الرواية واحدة منها تتخذ من لغة الخيبة والانكسار هامشاً للتعبير والمسائلة لخبايا المرحلة التاريخية وكشفاً لأسرارها.
صبرينة ك