السبت , نوفمبر 16 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / المناضل في مجال البيئة والكاتب خالد فوضيل: “سياحتنا مهددة وبيئتنا في خـــطر”

المناضل في مجال البيئة والكاتب خالد فوضيل: “سياحتنا مهددة وبيئتنا في خـــطر”

نحتاج إلى ثقافة بيئية للمواطن ورؤية جادة للمسؤولين

قريبا إصدارقراءة سوسيولوجية حول المدينة والعمران

 

يتحدث المختص في مجال البيئة خالد فوضيل عن التحديات والمشاكل التي تواجه الجزائر في مجال البيئة والسياحة، والتي يرجعها بالدرجة الأولى إلى إهمال المسؤولين في الدولة وعدم وجود استراتيجية بيئية وسياحية صارمة، فضلا عن غياب الثقافة البيئية والسياحية وحس المواطنة عند الفرد، الذي يتحمل جزءا كبيرا من الكارثة.

خالد فوضيل، ابن بجاية من مواليد 1984، أستاذ بمعهد تسيير التقنيات الحضرية، جامعة قسنطينة 3.  ناشط جمعوي، رئيس ومؤسس جمعية Oxy-jeunes. لحماية وترقية التراث الطبيعي والتاريخي لدرقينة/بجاية،  مكوّن في مجال حماية البيئة والمواطنة، نشر كتاب: “ما دمت أملك اجنحة سنة “2018. بدار الوطن اليوم. مراسل صحفي منذ سنة 2008. توقف العمل في الصحافة منذ 2015. حاليا مهتم ببحوث ودراسات المدينة والعمران، ويناضل ميدانيا وفي مواقع التواصل الاجتماعي من أجل حماية البيئة وترقية المواطنة الفعالة.

باعتبارك أستاذا مهتما في مجال البيئة والسياحة، هل ترى أن الجزائريون يملكون ثقافة بيئية وسياحية تليق بدولة تتنوع فيها التضاريس والمؤهلات السياحية؟

أعتقد أن الإجابة عن السؤال بموضوعية يحتاج إلى دراسة سوسيولوجية تشرّح موقف ونظرة الجزائري إلى البيئة والسياحة بصفة دقيقة، لأن الحالة التي نعيشها من تسيب واعتداءات ومظاهر للتخلف والتخريب للمؤهلات الطبيعية والسياحية يتعدى أن يكون مسؤولية المواطن وحده. الأمر أعمق بكثير. يتعلق بدرجة أولى بالجانب القانوني الذي لم يرفق رغم ثرائه بميكانزمات وآليات لتفعيل تطبيقه وتدعيمه بالجانب الردعي في كل عملية تخريب أو تلويث. وهنا نركز على غياب سياسية وطنية واضحة ومنهجية لحماية البيئة أو ترقية السياحة، وتغير الوزراء في كل مرة في هذين القطاعين دليل على التخبط وعدم وجود رؤية جادة للقطاع، فضلا على نقص حس المواطنة وغياب ثقافة الحفاظ على البيئة الناتج تراجع دور المدرسة والأسرة معاً. وتراجع سُلم القيم في المجتمع، حيث أضحى رمي القمامة في مكان عام أو تخريب مكونات أثرية أو تكسير مصباح إنارة عمومية أشبه برياضة يومية يمارسها المواطن الجزائري.. ونحتاج إلى دراسات توضح لماذا الجزائري عنيف ومعادي تجاه كل ما هو عمومي وعام.. أو ” بايلك” !

عانت الجزائر من نقص الأمطار، وقبلها شهدنا حرائق للغابات في مختلف ولايات الوطنباعتقادك ماهي التحديات التي تعيشها البيئة اليوم في بلادنا؟

مساحة الجزائر التي تتعدى مليوني كيلومتر مربع في حد ذاتها تحدي كبير في الحماية والاستغلال والتسيير. كيف لا وهو يواجه توزيعا ظالما وغير متوازن للسكان والنشاطات. كيف لا و90 % من السكان تتمركز في 10 % من المساحة. و10 % من السكان تتوزع على 90 % من المساحة الباقية. كل هذا جعل من الشمال هشا جدا بالنظر إلى الضغط الممارس عليه من السكان والنشاط الاقتصادي، كما جعل الهضاب العليا والجنوب أكثر هشاشة لغياب برامج اقتصادية وزراعية وزحف التصحر إلى الشمال.

من بين 14 خطر  يهدد العالم، 10 منها تهدد الإقليم الجزائري، نذكر منها الزلازل، الفيضانات، التصحر، انزلاق الأرضية، الحرائق، التلوث البيئي، البحري والبري والجوي، الأخطار الصناعية…. ونقل المواد الخطيرة… هذا ما زاد من هشاشة الطبيعة والإقليم. تراجع التنوع البيولوجي أيضا يهدد كيان البيئة وتوازنها، بسبب الحرائق المتكررة، الصيد غير القانوني، والرعي الجائر… وهذا ما يسبب اختلالات كبيرة في الطبيعة تعود بأثرها على الإنسان مباشرة. تراجع المساحات الطبيعية تدريجيا يسبب العمران العشوائي وغزو الاسمنت للمساحات الزراعية من جهة وللمساحات الغابية من جهة أخرى، فقد ضاعت متيجة في البليدة بزحف العمران وضاعت “متيجة الشرق” سكيكدة كذلك بغزو العمارات والمشاريع السكنية غير المدروسة. كما تحولت مساحات فيضية فلاحية في بجاية، عنابة والشلف إلى مدن وأقطاب حضرية جديدة، ومع تقدم العمران، ازداد التمركز في الشمال، وأصبح الساحل مهددًا أيضا.

في مثل هكذا ظواهر، ماهي القرارات الواجب اتخاذها من طرف الدولة والمواطن؟

الدولة بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية وقوية لتصميم إستراتيجية وطنية على المدى القصير، المتوسط والبعيد، من أجل حماية الإقليم والمحيط والمكتسبات الطبيعية من كل أشكال التهديدات الطبيعية والبشرية، ثم العمل على ترقية الجوانب السياحية والاقتصادية والثقافية بميكانيزمات حقيقية وهيئات تسهر على تطبيق القانون.  مع العلم أن الجزائر مصنفة من بين الدول التي لم تترك شيئا لم يُقنن. لكن… عن أي قوانين نتحدث ومن يطبقها وعلى من يتم تطبيقها؟  هنا بين القصيد.  توجد عشرات القوانين لحماية البيئة والأوساط الطبيعية  والمواقع الأثرية والتاريخية وتوجد قوانين لترقية السياحة والنشاطات المتعلقة بها… لكن؟  هل تملك هذه القوانين مراسيم تنفيذية؟ أغلبها غير موجود. هل تم إنشاء هيئات ومراصد مخولة ماديا ومعنويا للسهر على تطبيق القوانين؟  لا طبعاً.  كل هذا يؤكد التخبط في القطاع .. وغياب إرادة حقيقية لإرجاع الأمور إلى نصابها، بحماية التراث الطبيعي والتاريخي وترقيته إلى ما يسمح بدفع عجلة السياحة والتنمية المحلية إلى الإمام وتعويض البترول بمداخيل وعائدات السياحة الداخلية الممتدة على أكثر من مليوني كيلومتر مربع وتزخر بآلاف المواقع التي قد تجلب ملايين السياح داخليا وخارجيا، المواطن عليه أن يكون جزءا من هذه الإستراتيجية وذلك بوعيه المتزايد والمطلوب لحماية كل ما هو طبيعي وسياحي فهو …شئنا أم أبينا بديلاً عن البترول. بشرط توفر إرادة سياسية حقيقية، عمل تشاركي ومواطَنة حقيقية. ولنا في جيراننا تونس والمغرب خير مثال.

إذا ماتحدثنا، عن الجانب السياحيهل أنت متفائل بتطور هذا القطاع؟

سأكون مباشرا، لست متفائلا بخصوص تطور قطاع السياحة في بلادنا، ولكن من جهة أخرى لست متشائما. لست متفائلا،  لأننا ضيعنا الكثير من الوقت وعقود من الزمن  لم نجعل من الجزائر قبلة سياحية عالمية بامتياز يقصدها الملايين وليس الآلاف فقط سنويا، كيف لا وبلادنا تتعدى مساحتها 2 مليون كيلومتر مربع بكل ما فيها من مؤهلات طبيعية متنوعة وتاريخية عريقة بمواقع تشهد مرور حضارات متعاقبة، وتراث مادي ولامادي ثري متنوع انثروبولوجيا وثقافيا وإنسانيا،  كما أن هناك مؤهلات بشرية يمكن لها دفع القطاع إلى الأمام.  لكن.  متى؟

أكرر، التغير في الوزارات والوزراء كل سنة واعتبار عائدات السياحة مجرد فاكهة إضافية على طبق الاقتصاد القائم على الريع البترولي. هذا يؤكد التخبط في القطاع وغياب إستراتيجية ما دفع بلدان مجاورة بأخذ حصتنا من السياحة العالمية خاصة في حوض المتوسط، هناك دول سياحية أولهم المغرب لديهم سياسة خارجية قائمة وأحيانا تضر بالسياحة في الجزائر وتقوم بإقناع بعض الدول الأجنبية بان الجزائر بلد غير مستقر أمنيا ففي 2008 مثلا قامت قناة M6 الفرنسية ببث وثائقي لتشويه الجزائر وللسخرية من القطاع السياحي الجزائري و في هذا الوثائقي قاموا بإعطاء صورة أن الجزائر لا تمتلك فنادق و ليس لها أي تأطير لاستقبال السواح الأجانب – الصحفي الذي اخرج هذا الوثائقي (فرنسي مغربي الجنسية) وفي نفس الشهر قام ببث وثائقي يُصوّر فيه أن المغرب هي جنة الأرض.

من جهة أخرى،  لن أخوض في مسائل تقنية ولوجيستية تعيق القطاع السياحي في بلادنا. ولكن سأتحدث عن الجانب الاجتماعي والثقافي. حاليا لا نملك حاليا مواطنا واعيا بالثقافة السياحية. نعاني ونشهد معاملات مخلة وغير لائقة مع السياح المحليين فما بالنا بالسياح الأجانب. فمثلا : أي سائح يأتي إلى ولاية يتم فيها قطع الطرقات بمعدل 370 مرة في السنة؟ وهنا اقصد ولاية بجاية. التي خلعت فستانها السياحي الذي كان سيجعلها جنة وقبلة سياحية عالمية.  ولكن.

نجدك في كثير من المرات تستهجن بعض الظواهر الشاذة التي ينتهجها المواطن عبر حسابكالفيسبوكي، كرمي النفايات مثلا، لكنك نبهت في كثير من المرات إلى البناء العشوائي، الذي لايملك جمالية ولا إبداع ويشوه الصورة العامة للمحيطبرأيك ما هي الأسباب التي تؤدي إلى هكذا ظواهر؟

أعتقد أن المظاهر التي ذكرتها لم تعد شاذة، بل أشبه برياضة يومية يمارسها العديد من المواطنين.  كيف لا، ولا يمر علينا يوم لا نرى فيه إحدى هذه المظاهر المخلة وغير الأخلاقية كرمي النفايات في غير الأماكن المخصصة لها، وتلويث الطبيعة والأماكن العامة بكل مخلفاتنا، للاستحواذ على الأرصفة وتحويلها إلى ملكيات خاصة أو أماكن لبيع السلع، قلع وتكسير الأشجار في الحدائق دون سبب، البناء العشوائي الذي يسئ إلى صورة المدينة والمحيط العام. تكسير مواقف الحافلات،  وغيرها من التصرفات المخلة بالحياة العامة والآداب.

يعود سببها أولا إلى غياب ثقافة المواطنة واحترام المكان العمومي، وهذا يعود أساسا إلى تراجع دور الدولة وغياب الجانب الردعي في تطبيق القانون. مع التذكير بوجود قوانين صارمة تمنع كل ما أسلفت ذكره، ولكن؟ من يطبق القانون على من؟  وهنا يجب تفعيل الجانب الردعي ومتابعة كل من يتجاوز حدود الإطار العام سواء بالاعتداء أو التخريب بالعقوبة المنصوص عليها قانونا.  وثانيا نعيش اليوم تراجعًا رهيبا في القيم والأخلاق والآداب العامة. أصبح كل مواطن يمارس نوع من العنف المادي والمعنوي تجاه كل ما هو عمومي سواء طريق، مساحة عمومية؛ رصيف أو حديقة عامة. حتى أضحى الأمر جزءا من حياتنا اليومية وهذا الحال بنذر بما هو أخطر، وهنا يعود الأمر إلى تراجع دور الأسرة أولاً، ثم المدرسة، ثم المجتمع والمؤسسات المختلفة.

وكل هذه التصرفات وخاصة وأننا نعيش عصر المعلومة والتواصل الاجتماعي فهي توثر سلبًا على صورة المجال الاجتماعي والثقافي لبلادنا وتعجل من نفور السياح وهروبهم واختيار وجهات أخرى غير الجزائر.

نعرف انك كاتب ومبدعٱلا تفكر بإصدار كتاب حول البيئة أو السياحة في بلادنا، ترصع فيه مسارك النضالي ومجهوداتك في زراعة الوعي الجماعي في المجتمع الجزائري؟

شخصيا لست من النوع الذي يتسرع للنشر،  أنا أمارس مواطنتي الفعالة يوميّا وأحاول أن أكون إيجابيا في كل شي أقوم به أو أقدم فيه انتقادا، حاليا أعيش مواطنتي في ثلاث عائلات: بيولوجية، ايكولوجية وبيداغوجية،  الأسرة الأولى هي عائلتي البيولوجية التي ترعرعت وكبرت فيها ولازلت أكبر،  وأسرتي الثانية هي الأسرة الإيكولوجية بصفتي رئيس مؤسس لجمعية أكسيجين درقينة- ولاية بجاية- والتي أحاول مع الزملاء الأعضاء والمنخرطين خلق إطار مميز للعمل على غرس ثقافة المواطنة البيئة الفعالة وحماية المحيط، كما انتمي إلى أسرة ثالثة وهي الأسرة البيداغوجية بصفتي أستاذ في معهد تسيير التقنيات الحضرية بجامعة قسنطينة 3.  أمارس التدريس والبحث العلمي في مجال العمران، تسيير المدن والحوكمة الحضرية. برفقة الزملاء الأساتذة وأعزائي الطلبة. 

وهنا، أخبرك والقراء الأعزاء باقتراب انتهائي لكتاب حول المدينة والعمران في الجزائر، قراءة سوسيوثقافي،  و حاليا استكمل الرتوشات الأخيرة، وأتمنى أن يرى النور قريبًا.

صبرينة كركوبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super