فرض فيروس “كورونا” واقعا جديدا على الجزائريين الذين تعايشوا مع ” الجائحة” من خلال خلق السبل للتمكن من الإستمرار في حياتهم اليومية، وتوجه أغلب الموظفين بالشركات سواء العمومية أو الخاصة للعمل عن بعد من خلال الرقمنة التي يرى مختصون أن الجزائر ما تزال بعيدة على تعميمها، فيما ينتظر أن تتجه الجزائر للتوظيف عن بعد عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي، وذلك للتغلب على تداعيات الوباء الذي عصف باقتصاديات العالم .
يونس قرار: “علينا استخلاص الدروس وتطوير أنفسنا في مجال الرقمنة”
أكد الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس قرار، أن أزمة جائحة “كورونا” في الجزائر “استلزمت إعادة النظر في الأنماط العادية للشغل والتحول نحو العمل عن بُعد، والطب عن بُعد، والإدارة الرقمية، للحد من وتيرة تنقل المواطنين”.
وقال الخبير في تكنولوجيات الاتصال في تصريح لـ” الجزائر” إن الجزائر “لا تزال متأخرة تكنولوجيا وذلك بالنظر إلى الإحصائيات والترتيبات المنظمات العالمية على غرار اليونسكو، البنك الدولي وغيرها وحتى داخل الجزائر”، مؤكدا أن العديد من الخبراء يؤكدون أنها “كانت جد متأخرة في مجال التكنولوجيا والرقمنة” .
وأشار قرار إلى أنه “حتى الدول المتقدمة في القطاع بعد جائحة كورونا زادت في الوتيرة الرقمنة، فمثلا الدفع بالنقود والصكوك تم إلغاؤه بشكل نهائي في بعض الدول”.
“كورونا” كشف تخلف الجزائر في ميدان الرقمنة
دعا الخبير إلى استخلاص الدرس من الوضع الذي تعيشه البلاد اليوم جراء تفشي “كورونا” الذي كشف عن “تخلف” الجزائر في استخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة، حيث كان عاملا زاد من الآثار السيئة للجائحة على وضعية البلاد الاقتصادية والصحية.
وأكد الخبير قرار أنه “يجب تقوية البنية التحتية لبناء الاقتصاد الرقمي الذي يتطلب زيادة الإنفاق الاستثماري في مجال تكنولوجيا المعلومات، والتوسع في استخدام شبكة الانترنت”، كما أشار إلى “عصرنة مختلف القطاعات والمصارف والبنوك التي تتطلب تطوير قاعدة التكنولوجيا الجديدة في الإعلام والإتصال”.
واعتبر الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال أن الخدمات الالكترونية والرقمنة بصفة عامة “تسهل الوصول إلى الخدمة وتحسن مستوى المعيشة”، مضيفا في هذا السياق أن التجارة الإلكترونية كخدمة “تعتمد على تكنولوجية الإترنيت والهواتف الذكية تساعد المواطن لدفع الفاتورة عن بعد، ولا تحتاج إلى التعامل بالنقود”.
الدفع الإلكتروني حتمية
وقال المتحدث ذاته، إنه “حان الوقت للجزائر التي تشهد تأخرا كبيرا في خدمة الدفع الإلكتروني أن تطلق هذه الخدمة، خاصة وأن الأمور مواتية، فبالإضافة إلى التحفيزات التي يجب توفيرها لتشجيع المواطنين على الذهاب إلى الدفع الإلكتروني، هناك التحفير الآخر والمتعلق بعدم استعمال النقود لتفادي مخاطر فيروس كورونا، وعليه يجب أن نطلق هذه الخدمة مباشرة وبطريقة جدية لأننا كلما نتأخر أكثر سندفع عواقب ذلك”.
ودعا الخبير يونس قرار إلى “خلق سياسة شاملة للرقمنة، موضحا أن الذهاب إلى الرقمنة “يجب أن يكون من أجل تقديم خدمة جيدة وتقليص التكاليف وكذا التحضير لمرحلة ما بعد البترول “.
التسجيل عبر “الواب كام” لطالبي العمل
أعلنت الوكالة الوطنیة للتشغیل، عن إطلاق عرض خدمة جديدة متمثلة في إمكانية تسجيل طالبي العمل الجدد من خلال تقنية المحادثة باستخدام “الواب كام” وذلك عن طريق موقع التواصل الاجتماعي “فیسبوك”.
وأوضحت الوكالة عبر صفحتھا الرسمیة في “الفایسبوك” أنه “في إطار تحسين عروض خدماتها لفائدة طالبي العمل، تعلن الوكالة الوطنية للتشغيل عن إطلاق عرض خدمة جديدة متمثلة في إمكانية تسجيل طالبي العمل الجدد من خلال تقنية المحادثة باستخدام الواب كام وذلك عن طريق موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك”.
ويؤكد المصدر: “سيتم في إطار تجريبي البدء بولاية برج بوعريريج ليتم تعميم هذه العملية عبر كامل التراب الوطني”، وأضاف: “سيتم في إطار تجريبي البدء بولاية برج بوعريريج ليتم تعميم هذه العملية عبر كامل التراب الوطني”.
كورونا يُغير من عادات العمل
في سياق ذلك، ما تزال تداعيات فيروس “كورونا” تلقي بظلالها على سوق العمل بالعالم عامة وبالجزائر خاصة، حيث تغيرت أساليب سوق العمل من حال إلى آخر، وتوجهت أغلب المؤسسات إلى “الرقمنة” للتمكن من تسيير أمورها ومسايرة الأزمة الصحية في إطار الإجراءات الإحترازية التي اتخذتها الحكومة من أجل التصدي لفيروس كوفيد 19 ومنع انتشاره.
ويرى مختصون أن الرقمنة البديل الوحيد لتخطي الأزمة الصحية، وبعد تعذر التوجه للمؤسسات وتسيير العمل من المكاتب راحت أغلب المؤسسات تسير أمورها عن بعد باستخدام تقنيات التحاضر، أو من خلال الهواتف ومختلف الوسائط الحديثة، وينادي العديد من المختصين في مجال التكنولوجيات الحديثة إلى ضرورة الذاهب إلى تفعيل “الإدارة الإلكترونية” خاصة وأنها البديل المعمول به في جميع الدول التي تواكب العصرنة.
القضاء على البطالة.. رهان حكومة جراد
ومن الواضح أن حكومة الوزير الأول، عبد العزيز جراد، تراهن على القضاء على البطالة بالرغم من ثنائية “تهاوي أسعار النفط وجائحة كورونا” التي أثرت على جميع القطاعات الحيوية ما جعلها تتحرك من خلال خطة إنقاذ للاقتصاد الوطني، ويؤكد وزير المالية، عبد الرحمن راوية، أن الحكومة “اتخذت تدابير مرافقة نتيجة انخفاض نفقات التسيير والتجهيز في مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2020، ويوضح في كل مرة أنه سيتم تأجيل “عمليات التوظيف جميعها باستثناء القطاعات الضرورية والأولوية لقطاع التعليم والصحة”، حيث ما تزال أبواب التوظيف بالقطاعات الحيوية مفتوحة رغم الأزمة.
التجارة الإلكترونية تنقذ التجار
كما انتعشت خلال هذه الأيام التجارة الإلكترونية التي منعت العديد من الموظفين من العمل، وآخرين من الخروج من البيت بسبب الحجر الصحي، حيث تنامت مبيعات المنصات الإلكترونية بنسبة كبيرة، ووجد فيها العديد من المتسوقين بديلا لتبضعهم التقليدي تقيدا بتعليمات الحجر الصحي في ظل إعادة إغلاق أغلب المحلات.
وما زاد من انتعاش هذه التجارة أن أغلب المواقع باتت توفر خدمة التوصيل إلى المنازل بالمجان أو بأسعار رمزية، والدفع يكون “كاش” عند الاستلام، ما يعني أنه ليس من الضروري امتلاك كل الزبائن بطاقات الدفع الإلكترونية للاستفادة من مختلف عروض البيع.
ويؤكد مختصون على أهمية إطلاق التجارة الالكترونية وتفعيل نصوصها التنفيذية كونها – حسبهم- دافع للاقتصاد الوطني وتساهم في استقطاب الأموال الموجودة في الأسواق الموازية.
ويؤكد خبراء أن “تقنية “المركت بليس” أتاحت لكل شخص عرض منتوجه عبر منصات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والانستغرام، غير أن مفهومها ومفهوم المنصات الأخرى التي تضبط دفتر الشروط والقوانين تختلف لأن هذه الأخيرة تدفع ضرائب وتساهم في الاقتصاد مثل ما هو موجود في الدول، موضحين أنه “حان الوقت لدفع وتطوير التجارة الالكترونية لما لها من مزايا ومساهمة لبعث مختلف الأنشطة الاقتصادية”، مؤكدا أنها فرصة أخرى لجذب الأموال.
الوكالة الوطنية للرقمنة والتحديات الراهنة
ينتظر أن يتم إطلاق “وكالة وطنية للرقمنة” بالجزائر في القريب العاجل، والتي ستضم ممثلين عن كل الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات صلة بهدف تطوير هذا الميدان وإدماجه في الاقتصاد الوطني، حيث سترفع الجزائر التحدي عاليا لمواكبة التطورات عبر العالم وهذا في إطار “الجزائر الجديدة”.
إعداد: خ.قدوار/ فلة.س