يرى خبراء في العلاقات الدولية أن الوضع في ليبيا “يتدحرج كل يوم نحو الأخطر”، وأن الصراع في هذا البلد “دخل مرحلة جديدة وتحول من صراع بين الأطراف الليبية إلى صراع أطلسي-روسي”، وفي ظل هذا الوضع وجب على الجزائر –وفقهم- استغلال عدة نقاط لصالحها في هذا الملف المتأزم.
عامر مصباح: “هناك عدة نقاط يمكن للجزائر استغلالها في الملف الليبي”
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية عامر مصباح في تصريح لـ”الجزائر”، أن الصراع في ليبيا “دخل مرحلة جديدة وهي الصراع الأطلسي –الروسي، بعد نقل روسيا أسلحة مهولة متطورة والتي خرجت بها قافلة من بني وليد رغم أن روسيا حاولت أن تنفي ذلك، وهو ما أثار حفيظة الأطراف التي كانت ترى في البداية أن الملف الليبي لا يعنيها كثيرا كالولايات المتحدة الأمريكية، والتي انخرطت بسرعة في هذا الصراع، حيث اعترفت أنه لا شرعية إلا لحكومة الوفاق، وبعدها تلتها تصريحات لقائد الحلف الأطلسي بأن الحلف يتعامل فقط مع حكومة السراج، إضافة إلى نشر قوات في تونس لمكافحة النفوذ الروسي في المتوسط”.
ويرى المحلل السياسي مصباح أن “الأتراك توجهوا إلى ليبيا بموافقة أمريكية لم تكن معلنة في السابق، إلا أنه اليوم أصبحت لهما أي لتركيا والولايات المتحدة الأمريكية ومعهما الحلف الأطلسي، الأجندة نفسها، وهي طرد قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر من غرب ليبيا، خصوصا وأن القاعدة العسكرية (الوطية) تتواجد بالمنطقة الغربية”.
وبالنسبة للجزائر، والتحركات التي وجب أن تسلكها في هذه المرحلة لدرء الخطر على الحدود الشرقية، قال عامر مصباح، إنه “في ظل التطورات المتسارعة على أرض الميدان والتدخلات الخارجية والتحالفات الدولية، على الجزائر أن تعمل للتواجد بقوة في الملف الليبي”، واقترح المتحدث ذاته مقاربة ما تعرف بـ”وجود الأقدام فوق الأرض”، حيث أشار أنه “يمكن للجزائر أن تتواجد بليبيا تحت العديد من العناوين وتحت غطاء بعيدا عن التدخل العسكري المباشر بما أن الدستور يمنع خروج الجيش خارج حدود التراب الوطني”، وأوضح عامر مصباح أن هناك العديد من النقاط التي يمكن للجزائر أن تستغلها في هذا النطاق وتتواجد بليبيا دون أن تتعرض لأي مضايقات، ومنها “المساهمة في بناء الجيش الليبي، وذلك لعدة دوافع منها أن هذا الجيش –الليبي- سيكون على حدودنا، ولتحقيق هذا وجب توسيع التعاون الأمني والعسكري مع حكومة الوفاق، كتدريب الشرطة الليبية، والقادة العسكريين في مكافحة الإرهاب وغيرها”.
كما يرى الخبير الاستراتيجي أنه “يمكن للجزائر أن تتواجد على الأرض الليبية كفتح مستشفيات ميدانية على الحدود مع ليبيا كما فعلت مع الصحراء الغربية، أو عن طريق الهلال الأحمر الجزائري”، ويؤكد أنه “حان الوقت لتفعيل هذه الفواعل بدلا من البقاء ضمن دائرة “العلاقات العامة والاتصالات الدبلوماسية”.
بشير شايب: “الوضع في ليبيا يتدحرج كل يوم نحو الأخطر “
من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية بشير شايب في تصريح لـ “الجزائر”، أن الوضع في ليبيا “يتدحرج كل يوم نحو الأخطر، الوضعية حاليا متحكم فيها من قبل قوى أجنبية، فبعد الإنغماس التركي المباشر والتدخل الروسي الإماراتي السعودي الفرنسي إلى جانب حفتر، ها هي الولايات المتحدة الأمريكية تدخل على الخط طمعا في نصيب من الكعكة”، وأضاف أن كل هذه التدخلات من الدول الكبرى “تنذر بحريق حرب يمتد من قناة السويس إلى جبل طارق نظرا لهشاشة الأوضاع الداخلية في دول شمال افريقيا ووجود امتدادات ايديولوجية وحزبية للكثير من الجماعات الليبية في بلدان شمال افريقيا”.
وقال شايب أنه بالنسبة للجزائر التي تراهن على حل ليبي ليبي “تستمر في وضع الحياد الإيجابي في الوقت الذي يزداد فيه ترحيل الجماعات المسلحة من دول الساحل ومن سوريا ومناطق أخرى إلى ليبيا من قبل هذا الطرف أو ذاك مع تدفق كبير لكل أنواع الأسلحة”، وقال شايب إن الوضع خطير ما لم تسارع الأطراف الفاعلية في المجتمع الدولي إلى فرض ما يشبه “دايتون” جديد تحت الفصل السابع وهو الأمر الذي يمكن أن يفرض سلام في ليبيا وفق رؤية دولية قد لا تكون في صالح الجزائر ولا ليبيا ولا دول الجوار.
ويرى شايب أنه “حاليا ليس للجزائر غير الوسائل الدبلوماسية، إذ لا يعقل أن تتدخل عسكريا لدعم هذا الطرف أو ذاك لأن هكذا تدخل مباشر سيزيد الطينة بلة وقد يفتح الباب أمام تدخلات دولية مباشرة ستسرع من عملية تقسيم ليبيا وعودتها إلى ولاياتها الثلاث، طرابلس وبرقة وفزان”.
رزيقة.خ