قال الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان عية، إن “هناك إمكانية كبيرة للنهوض بالصناعة التحويلية الغذائية في الجزائر، خصوصا وأن الجزائر تحقق اكتفاء ذاتيا في المنتجات الفلاحية”، وأكد في حوار مع “الجزائر”، أنه “لا بد من وضع استراتيجية في هذا المجال، سيما وأن هذا النوع من الصناعات لا يكلف أموالا كبيرة ولا يحتاج إلى تكنولوجيات عالية، كما أن هذا المجال من بين المجالات التي يحبذ المستثمرون الأجانب التشارك فيها مع المحليين بصفة كبيرة لأنها غير مكلفة”، وأضاف أنه “حان الآون للاهتمام فعليا بهذه الصناعة للنهوض بالاقتصاد الوطني والتقليل من فاتورة استيراد المواد الغذائية”.
– بلغت فاتورة استيراد المنتجات الغذائية في الجزائر 1.93 مليار دولار خلال الثلاثي الأول من سنة 2020، وهي مرتفعة مقارنة بالسنة المنصرمة، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد إنتاجا فلاحيا وفيرا، فأين يكمن الخلل في رأيكم ؟
أولا لا بد أن نفرق بين استيراد المواد الغذائية المنتجات الزراعية، فمن حيث المنتجات الفلاحية الجزائر تحقق اكتفاء ذاتيا، والمنتجات الغذائية تتضمن بعض المنتجات على غرار القمح بودرة الحليب والتي يمكن لفاتورةهاتين المادتين لوحدهما أن تشكل ما نسبته 50 بالمائة من فاتورة استيراد المواد الغذائية، وكذلك بعض المنتجات كالمصبرات والمكسرات، والتي حقيقة يمكن الاستغناء عنها، لكن هذا لا ينفي أن هناك خلل، فنحن دولة تنتج المواد الفلاحية وتستورد المواد الغذائية وهذه مفارقة ومعادلة لا يمكن تقبلها اقتصاديا، فالبلد الذي يمتلك قدرات إنتاجية في المجال الزراعي وجب أن يكون لديه صناعة غذائية.
– إذا هل ترون أن الصناعة الغذائية في الجزائر ضرورية وحان الوقت للتوجه نحوها بقوة؟
بالطبع الصناعة الغذائية بالجزائر ضرورية، لأننا نملك فيها ميزة تنافسية والتي هي المادة الأولية عكس أننا اتجهنا في السابق للصناعة الميكانيكية التي لا نمتلك فيها مؤهلات، والتي تحتاج بالتكنولوجيات العالية، وتحتاج شركات مناوبة والعديد من الأمور التي للأسف الجزائر لا تتوفر عليها، وكان المفروض وبدلا من هذا التوجه نحو الصناعة الغذائية لكن للأسف النظام السابق دائما توجه لبعض الصناعات حتى وإن كانت البلاد لا تتوفر على الخبرة فيها إلا أن مصالحهم كانت توجههم دون الاكتراث بمصلحة البلاد ومصلحة الاقتصاد الوطني.
– بالنظر إلى حصيلة الجمارك حول المنتجات الغذائية التي يتم استيرادها في الثلاثة أشهر من هذه السنة نجد بعض حتى بعض الفواكه التي تتوفر بكثرة في الجزائر، حتى أن المزارعين يشتكون من كسادها بعد أن كان هناك وفرة في المنتوج إضافة إلى تلفها نتيجة غياب مصانع لتحويلها إلى منتجات غذائية كالمربي، أو معجون الطماطم، أو مختلف المنتجات الأخرى التي يمكن تحويلها، فما تفسيركم لذلك؟
بالنسبة لمنتجات الفواكه فمهما كان الإستيراد فلن يكون هناك استراد كبير، وعادة ما يكون في المجفف وليس في الفواكه الطازجة، لكن هذا لا يمنع أن نقول أنه لا بد من إعادة النظر في هذه المسألة، لأنه يمكن التوجه من خلال المنتجات المحلية من الفواكه الطازجة إلى المجففة، وأيضا تحويل المنتج الزراعي إلى صناعة غذائية، إذا فالإشكال ليس في الاستيراد، إنما في غياب استراتيجية، وهنا لا بد أن نوضح نقطة مهمة، فالإستيراد المتعلق بالقمح ومسحوق الحليب هو استيراد له بعد استراتيجي مرتبط بالاحتياط المتعلق بالاحتياج الداخلين أما الإستيراد مثل الفواكه وغيرها تعود دائما إلى بعض الأطراف والمجموعات التي تضغط من أجل الاستمرار في استيرادها.
– التوجه نحو المنتجات التحويلية هل يتطلب أموالا كبيرة ما قد يصعب من العملية؟
مصانع التحويل الخاصة بالصناعات الغذائية لا تكلف الكثير، كباقي الصناعات الأخرى كالميكانيك أو غيرها، كما أنها لا تحتاج الى تكنولوجيات عالية، فهي تحتاج إلى شروط معينة كتوفير وسائل الحفظ الجيدة لتفادي تلف المنتجات وكذا توفر كل شروط النظافة والمراقبة الصحية للمنتجات، وهي تجربة سهلة وكما أن المستثمرين الأجانب يحبذون هذا النوع من الشراكات لأنها لا تكلفهم الكثير ولا تدفعهم لكشف أسرار عملهم لأنها أصلا لا تحتاج إلى ذلك فهي صناعة بسيطة، وهي توفر مناصب عمل ومع مرور الوقت تصبح مؤسسات ركيزة للاقتصاد الوطني.
حاورته:رزيقة.خ