
وري جثمان الفنانة الراحلة باية بوزار والمعروفة بـ “بيونة“، الثرى أمس بمقبرة العالية/ العاصمة، بحضور جمع غفير من المواطنين والفنانين.
وكان قد تم تنظيم مراسم إلقاء النظرة الأخيرة على روح الفنانة القديرة بالمسرح الوطني “محي الدين بشطارزي” لإلقاء النظرة الأخيرة، بحضور وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة وأسماء فنية بارزة، على غرار: حسان بن زيراري، حسان كشاش، مفيدة عداس، شمس، عتيقة طوبال… إلخ.
ورحلت بيونة عن عالمنا في مستشفى بني مسوس بالعاصمة، وذلك بعد معاناة مع المرض وتدهور سريع في حالتها الصحية نُقلت على إثره للمستشفى، خاصةً وأن سرطان الرئة كان في مراحله الأخيرة وعانت بسببه من مشاكل تنفسية.
فنانون ينعون الراحلة
وخيم الحزن على الوسط الفني الجزائري والعربي، حيث نعاهـا العديد من الفنانين ومحبوها بكلماتٍ وجمل مؤثرة.
وقالت الممثلة نوال زعتر، التي شاركت بيونة في العديد من الأعمال التلفزيونية الكوميدية على غرار: “ناس ملاح سيتي” لجعفر قاسم، إن الفقيدة كانت “أيقونة كبيرة” في الفن الجزائري وكان لها “طاقات إبداعية متميزة“، مذكرة في سياق كلامها بأنها كانت قريبة جدا منها وأنهما “اشتركتا في أعمال تلفزيونية شهيرة تركت بصمة لا تمحى لدى الجمهور الجزائري“.
واعتبر الممثل حسان بن زيراري، الذي شاركها بدوره في “ناس ملاح سيتي” وأعمال أخرى، أن “بيونة كانت فنانة موهوبة ورائعة وقد أعطت كل حياتها للفن“، مضيفا أنها “تميزت بقوة إبداع كبيرة” وأنها “دخلت قلوب كل الجزائريين بموهبتها وتلقائيتها ما جعلها شخصية فنية راسخة في الذاكرة الوطنية“.
وقال الممثل عبد النور شلوش أن بيونة كانت فارسة الكوميديا في الجزائر ومن أحسن الممثلات في هذا النوع الفني، تركت بصمة كبيرة على مر سنوات طويلة من الإبداع وخصوصا في التلفزيون، مضيفا أنها كفنانة وكامرأة تمثل “الجرأة الفنية والموهبة والكرم ومساندة الفنانين والكثير من الخصال الطيبة“.
وبحزن كبير، عادت الممثلة عتيقة طوبال إلى المسار الفني الثري للراحلة الذي امتد على مدار أكثر من خمسين عاما، معتبرة أنها كانت نجمة كبيرة في سماء الفن الجزائري، وأن رحيلها خسارة كبيرة.
من جهتها الممثلة عايدة قشود، التي شاركت الراحلة في عدة أعمال سينمائية وتلفزيونية بينها مسلسل “الحريق” (1973) لمصطفى بديع و فيلم “الجارة” (2002) لغوثي بن ددوش، فقد أكدت أنها كانت فنانة طيبة ووفية جدا لعملها الفني ومحبوبة من جميع الجزائريين وفي كل مكان.
ونشر المخرج المصري يسري نصر الله، صورة لها عبر صفحته على “فيسبوك“، معلقاً: “فقدت السينما ممثلة من طراز شديد الخصوصية… وداعا بيونة“.
مسيرة حافلة
وقدمت بيونة مسيرة فنية طويلة امتدت لأكثر من أربعة عقود، قدمت خلالها أعمال سينمائية وتلفزيونية لا تُنسى، كان لها بصمة مميزة في تطور الفن الجزائري.
بدأت الراحلة حياتها الفنية كمغنية في الحفلات والأعراس، واستطاعت أن تحقق شهرة كبيرة وقتها، لكن الانطلاقة الحقيقة والنقطة الفاصلة في مشوارها الفني كانت عام 1973 عندما قدمها المخرج مصطفى بديع في السينما لأول مرة من خلال فيلم “الدار الكبيرة“، وكانت هذه التجربة بمثابة نقطة التحول التي غيرت حياتها تماماً، وتحولت وقتها من هاوية إلى نجمة صاعدة.
بداية بيونة كانت في السينما، وكان لها حضور مميز، حتى أن بعض صناع الفن اعتبروها ظاهرة فنية فريدة، خاصةً وأن أداءها في فيلم “ليلى والأخريات” عام 1977 أثبت براعتها وتحديداً في الكوميديا، وكانت خفة ظلها وحضورها هو سر نجاحها وتصنيفها كنجمة التليفزيون الأولى في الجزائر.
وخلال مسيرة بيونة الفنية، قدمت عدد كبير من الأعمال الخالدة، لعل أبرزها سلسلة “ناس ملاح سيتي” للمخرج جعفر قاسم وكان هذا التعاون نقطة تحول في مسيرتها، حيث تجاوزت شهرتها الجزائر لتصل المغرب وتونس والعديد من البلدان العربية، كما شاركت أيضاً في أعمال تونسية مثل “نسيبتي العزيزة” و“المليونير“، لكنها لم تكتف بالنجاح على المستوى العربي فقط، فشاركت في أفلام أجنبية. في عام 2007، تعاونت مع المخرج نذير مقناش في فيلم “ديليس بالوما“، ولعبت دور البطولة الأصلي لشخصية مدام ألجيريا، إحدى شخصيات المافيا الشهيرة.
وفي عام 2011، قدمت دور أيقوني مميز، عندما اختارها كاتب السيناريو والمخرج رادو ميهايلينو لأداء دور امرأة مضربة عن الحب في فيلمه الدرامي الكوميدي “نبع النساء“، وكان هذا العمل أشبه بمباراة فنية بينها وبين الفنانة ليلى بختي التي شاركتها بطولة العمل. وكان آخر ظهور فني لبيونة في رمضان 2023، من خلال مشاركتها في مسلسل “دار لفشوش” للمخرج جعفر قاسم.
في مسيرة فنية طويلة استمرت لعقود، واجهت بيونة المرض بشجاعة وقوة دون أن تترك أو تتخلى عن حبها وشغفها بالفن، حيث عانت من مضاعفات مرض السرطان الذي أُصيبت به منذ 2016. وبعد صراع طويل مع المرض، رحلت عن عمرٍ ناهز 73 عاماً، تاركة وراءها أعمال فنية خالدة.
صبرينة ك
جريدة الجزائر اليومية الجزائرية