
أكد وزراء ومسؤولون وخبراء شاركوا في يوم دراسي نظمته الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار أمس، حول إحلال الواردات، على ضرورة توجيه الاستثمار من أجل إحلال الواردات وتقوية الإنتاج الوطني، مؤكدين أن إحلال الواردات لا يطرح كخيار ظرفي بل كمسار استراتيجي.
وزير التجارة الخارجية كمال رزيق:
الجزائر تتوفر على إمكانيات معتبرة تمكّنها من إحلال العديد من المنتجات المستوردة بمنتجات وطنية
أكد وزير التجارة الخارجية وترقية الاستثمار، كمال رزيق، في مداخلة له بالمناسبة، أن الجزائر تتوفر على إمكانيات معتبرة تمكّنها من إحلال العديد من المنتجات المستوردة بمنتجات وطنية، في إطار مقاربة اقتصادية تقوم على تثمين القدرات الإنتاجية المحلية وتعزيز الاستثمار المنتج.
وأوضح رزيق، في كلمة له، أنه ومنذ سنة 2020، شهد النسيج الإنتاجي الوطني تطورًا ملحوظًا، حيث أصبحت الجزائر منتِجة لعدد من المواد التي كانت تُستورد سابقًا، بل وتمكنت بعض هذه المنتجات من الولوج إلى الأسواق الخارجية واكتساب تنافسية حقيقية على المستوى الدولي.
وزيرة التجارة الداخلية آمال عبد اللطيف:
الاستثمار لا يحقق أثره الاقتصادي الحقيقي إلا إذا أُدرج ضمن منظومة متكاملة للإنتاج والتسويق
من جانبها، أكدت وزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية، آمال عبد اللطيف، في كلمة لها، أن الاستثمار لا يحقق أثره الاقتصادي الحقيقي إلا إذا أُدرج ضمن منظومة متكاملة للإنتاج والتسويق، مشددة على الدور المحوري لوزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية في ضبط العلاقة بين الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، وضمان استقرار السوق وتوازنها.
وأوضحت عبد اللطيف، أن دور القطاع لا يقتصر على الرقابة وضبط الأسعار، بل يمتد إلى توجيه الاستثمار اعتمادًا على أدوات تنظيمية، سوقية ورقمية تسمح بتشخيص الاختلالات وقراءة مؤشرات العرض والطلب.
وأشارت الوزيرة إلى أن القطاع يعتمد مقاربة تقنية قائمة على تحليل السوق، تشمل رصد بنية العرض والطلب، تحديد الفجوات الإنتاجية خاصة في المواد واسعة الاستهلاك، تقييم قدرات التخزين والتوزيع واللوجستيك، وتحليل تشكّل الأسعار عبر مختلف حلقات سلسلة القيمة، بما يتيح توجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية.
كما قالت الوزيرة إن عملية الإحصاء الاقتصادي التي أجراها القطاع بداية السنة الجارية، تعتبر أداة إستراتيجية لرصد القدرات الإنتاجية الحقيقية والطاقات غير المستغلة، وبناء قاعدة بيانات وطنية محينة وموثوقة تسمح بتوجيه الاستثمار توجيهًا عقلانيًا ومدروسًا، خاصة نحو القطاعات القادرة على خلق قيمة مضافة، تقليص الواردات، وتعزيز الأمن التمويني للسوق الوطنية.
وأكدت في هذا الإطار أن المعطيات المحينة للنسيج الاقتصادي الوطني تُظهر أن الفترة الممتدة من 2020 إلى 2025 شهدت تطورًا ملحوظًا، مع استحداث نحو 36 ألف مؤسسة جديدة، خاصة في قطاعات البناء والأشغال العمومية، الصناعات الكهربائية والإلكترونية والكهرومنزلية، الصناعات التحويلية، إلى جانب الصناعة الصيدلانية والصناعات الغذائية، ما يعكس الديناميكية المتزايدة للاستثمار المنتج.
وأضافت الوزيرة أن هذه الديناميكية تعززت أيضًا بفضل التدابير الواردة في قوانين المالية المتعاقبة، والتي شملت إعفاءات ضريبية وجمركية، ودعم الصناعات التحويلية، الشركات الناشئة، البحث والتطوير، وتعميق الإدماج المحلي، بما يعزز جاذبية الاستثمار المنتج واستدامته.
وفيما يخص تنظيم السوق، شددت وزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية على أن توجيه الاستثمار يمر حتمًا عبر عصرنة شبكات التوزيع، تطوير الفضاءات التجارية، تشجيع الاستثمار في المساحات الكبرى، وتعزيز الربط المباشر بين المنتجين والموزعين، مع الحد من الوسطاء غير النظاميين. كما أكدت مواصلة تعميم الأدوات الرقمية لتتبع المواد واسعة الاستهلاك، مراقبة التدفقات التجارية، والتحكم في الأسعار، حمايةً للقدرة الشرائية للمواطنين، وتوفير مؤشرات دقيقة لتوجيه الاستثمار.
عمر ركاش:
إحلال الواردات لا يطرح كخيار ظرفي بل كمسار استراتيجي
من جانبه، شدد المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عمر ركاش أمس، إن توجيه الاستثمارات نحو شعب إنتاجية ذات الأولوية وتثمين الموارد المحلية وتطوير سلاسل القيمة، يساهم في التقليص من الواردات وبناء قواعد إنتاجية قوية تمكن من رفع القدرة التنافسية للمنتوج الوطني، مبرزا دور الوكالة في هذا الإطار من خلال مرافقة المشاريع ذات الأثر الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات التي ترفع نسب الإدماج وتخلق قيمة مضافة.
وقال إن إحلال الواردات يعد بمثابة مقاربة اقتصادية تتمثل في اتخاذ الحكومات جملة من الإجراءات الرامية إلى تشجيع إنتاج السلع محليا بدل استيرادها، قصد خفض فاتورة الواردات مع تقليص التبعية للأسواق الأجنبية، في إطار ترقية الصناعة الوطنية.
كما شدد ركاش، على أن إحلال الواردات لا يطرح كخيار ظرفي بل كمسار استراتيجي، يندرج ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والصناعية للبلاد، ويستدعي مقاربة منسجمة تجمع بين السياسات الاستثمارية والتجارية، خاصة وأن وضعية التجارة الخارجية أظهرت بوضوح وجود فرص حقيقية في العديد من الشعب، التي تتوفر فيها شروط الإنتاج المحلي.
أشار المدير العام، إلى أبرز هذه الشعب، منها الصناعات الغذائية والتحويلية المرتبطة بالزيوت، الحبوب، السكر وكذا مشتقات الحليب وتعليب المنتجات الفلاحية، بالإضافة إلى المدخلات الصناعية خاصة المواد الكيميائية الأساسية، البلاستيك نصف المصنع، ومواد التغليف.
يضاف إلى ذلك، شعب قطع الغيار والمكونات الصناعية المرتبطة بالمعدات الصناعية والفلاحية ووسائل النقل، مواد البناء ومستلزماتها ذات الأثر الكبير على فاتورة الاستيراد، يضيف ركاش.
وقال ركاش بخصوص اليوم الدراسي، إنه يكتسي أهمية خاصة، بالنظر لارتباطه المباشر بتحقيق هدف رئيسي من أهداف السياسة الاقتصادية في تحقيق أحد التوازنات الاقتصاد الكلية، المتمثلة في توازن ميزان المدفوعات، عبر تحفيز الإنتاج المحلي وفي إطار رؤية اقتصادية جديدة مبنية على الاستثمار المنتج كقاطرة حقيقية للتنمية.
ويسمح اللقاء بالمساهمة في بناء رؤية مشتركة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين لتعزيز الإنتاج المحلي الموجه لإحلال الواردات، وفرصة لبحث العراقيل التي تواجه المستثمرين، وآليات التحفيز الجبائي والمالي الأكثر نجاعة وسبل تسريع دخول المشاريع حيز الإنتاج وربطها بالسوق.
رزيقة. خ
جريدة الجزائر اليومية الجزائرية