
عنوان أصبح مقرون بالكثير من الأسئلة و التساؤلات، يوم أصبح مقرون بكثير من الأحاسيس بواقع صعب التشريح و الفهم.
لطالماحاولت استرجاع ذكرياتي من خلال تجربتي، و من خلال تجارب عديد الفنانات والفنانين المسرحيين، أجد دائما المواقف الطريفة أحيانا و الغريبة أحيانا أخرى، أجد في ذكرياتي نساء ورجال، كانوا و لا يزالوا حاملين هواجس و أحلام مسرح له مساره، غني بحضور نسائه و رجاله، و إبداعاته و أعماله، أعطى عديد الألوان لفن له جذوره الممتدة عبر محطات أهم ما يقال عنها أنها كانت حاملة لأحلام و نضالات “حركات” توعوية كان لها أن تشارك في تعبيد الطريق لتوعية و تنوير الإنسان.

مسرحنا كان مناضلا، كان مبدعا و سندا لنضالنا التحرري بتنوير العقول، و تحفيز النفوس للإرتقاء بها إلى مفاهيم وجب الآن شرحها، و وجب إعادة النظر فيها.
اشتغل مسرحنا في جزائرنا على أعمال كتاب و مؤلفين و أدباء جزائريين لهم أصالتهم و لهم قضاياهم، كان له أيضا عديد الاشتغالات و الانشغالات في البحث بحس جمالي راق جدا على جوهر الوجود، على التجاوب و الإجابة على أسئلة و تساؤلات أحيانا مصيرية تتعلق بحاضرنا و مستقبلنا من خلال أعمال رائعة، كان أيضا عامل مهم في الحفاظ على الذاكرة الجماعية، كان كاتب الذاكرة، و كان الجسر الذي أظهر للعالم تاريخنا، واقعنا، طموحنا و أحلامنا، قيمة وجودنا و قيمة تواجدنا.
كان مسرحنا الكاشف و الجامع لفنانات و فنانين رائعين و مهمين جدا، تركوا بصماتهم في سجل الإبداع الوطني و خارج حدودنا.
كم يلزمنا هنا لذكر من كتبوا، من أخرجوا، من أسسوا و من أدوا و مثلوا الأدوار الرائدة الرائعة!
نقول باعتزاز، أن مسرحنا دافع بقوة، وبحنكة، و بجمال على تواجدنا، على كينونتنا و خصوصا على انتمائنا التاريخي و الحضاري، بكل انواعنا و بكل ألواننا، دافع على أرض طاهرة شريفة، فحافظ على كل موروثنا المادي و اللامادي من خلال كتابات و مؤلفات و عروض رائدة و رائعة.
مسرحنا اشتغل على إنتاج الجمال والتاريخ، على اكتشاف مبدعات و مبدعين، على تكوين خزان من الفنانات و الفنانين المسرحيين، مسرحنا من ما قبل النضال إلى سنوات قليلة مضت كان، مع من سبقونا من أمهاتنا و آبائنا رمز و رائد و مزار أكبر المبدعين، كان مسرحنا منارة الفنانات و الفنانين.
الآن و قد أخذت منا الأعوام و السنين، أجد نفسي أحن حقيقة لذلك الزمن الذي كان فعلا جميل، أحن إلى ضحكات من فارقونا و من من سمعت عنهم من الحكايات و الأقصوصات من أوائل المبدعين.
أراني الآن ارجع إلى سؤالي الأول، أين نحن من إرث كبارنا، أين نحن من مواقف آبائنا أين نحن و فقط؟
كم كنت و لا زلت أتمنى التآخي و التصالح مع ذاتي التي أصبحت بعيدة و غريبة عني، ذاتي التي هي تاريخي، تواجدي الفني، مع من عرفت و من أعرف من صديقاتي و أصدقائي، مع أسماء لطالما صنعت أمجاد فننا المسرحي، و لكن و للأسف، مصالحة أصبح يقابلها واقع غريب جدا، يرفض الامتداد، يرفض الانفراد و يرفض نفسه و الآخر.
دعونا نكون، نحن، دعونا نصبح الإبداع دعونا نصبح الغد الجميل، لا نريد أن يأتي علينا يوم أو عيد مثل عيد الفنان بكل رمزيته و جماله و امتداد تاريخه، أقول لا نريد أن يأتي علينا يوم و لا نجد فيه حتى فرصة للتصالح مع ذواتنا. كل عام و الفنان بخير، كل عام و غد الفنان إن شاء أجمل.
أمال منيغاد
جريدة الجزائر اليومية الجزائرية