ككل موعد انتخابي رئاسي، تبرز في مقدمة المشهد شخصيات تقليدية الحضور لكن ما يميزها أنها قادمة من رفوف “النظام”، وهي في الأساس أسماء مارست التسيير في فترات سابقة سواء بجبة مدنية أو بقبعة عسكرية، أشخاص يصفهم البعض بـ “أبناء السيستام” وأغلبهم ينطلقون في تحليلاتهم ومساهماتهم التي كثيرا ما تهتم بها الصحافة الوطنية من زاوية أن البلاد غارقة في أزمة متعددة الجوانب ولا بد من “التغيير” السياسي الحتمي والآني لتجنب انهيار السقف على الجميع على حد تقدير أحدهم وهو مولود حمروش.
حمروش، غزالي، بن بيتور غارقون في التحاليل السياسية
يشترك كل من مولود حمروش وسيد احمد غزالي وأحمد بن بيتور في صفة أنهم كلهم عملوا كرؤساء حكومات، في فترات مختلفة من تاريخ الجزائر السياسي، وكل واحد منهم يحتفظ بتوجه معين وفق خارطة طريق السلطة في الفترة التي تولاها، ولكن جميعهم يتفقون اليوم وباختلافات ضئيلة على أن البلاد في أزمة سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية وأن المشكلة تكمن أساسا في تنظيم عملية رحيل سلمي للنظام والتوافق بين القوى السياسية والسلطة لأجل هذا الهدف.
قبل أسبوع خرج رئيس حكومة الإصلاحات (1989-1991) مولود حمروش ليدلو بدلوه في النقاش بعد آخر ظهور له عشية رئاسيات 2014، ولم يبتعد حمروش عن الصورة النمطية التي التصق بها لدى غالبية الجزائريين من أنه ابن “السيستام” الذي يفهم جيدا لعبة تدوير الحكم والمصالح داخله، وتجنب حمروش كعادته “شخصنة” الأزمة التي يقر بها وينادي بضرورة حلها وفق عملية سياسية تقودها نخب داخل النظام لتتولى المهمة وتجنب البلاد أي عاصفة هوجاء.. لكن عندما يسأل المترشح السابق في رئاسيات 1999 عن طموحه الرئاسي لتجسيد تصوراته التي يروج لها من حين لآخر يرفض حمروش المشاركة ويقر بأن العملية الانتخابية لن تفضي إلى شيء.
وقبل أيام استضاف منتدى صحيفة “ليبرتي”، رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور للنقاش حول مستجدات الراهن السياسي، وكانت فرصة للرجل لدعوة النخب الجزائرية لإنشاء جبهة موحدة لحماية الجزائر، محذرا من تآكل ما تبقى في خزينة الدولة من احتياطي الصرف ودخول البلاد أزمة اقتصادية حادة ابتداء من عام 2012 ويظل بن بيتور متمسك بفكرة رفض الترشح أمام مرشح السلطة، حيث سبق له الانسحاب عام 2014 من السباق بمجرد إعلان الوزير الأول السابق عبد المالك سلال ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة.
ومن جهته، يرفض سيد أحمد غزالي رئيس الحكومة سنة 1991 في حوار نشر مؤخرا في موقع “أكتي فيل” الإخباري بالفرنسية الإقرار بأن هناك عملية انتخابية في الجزائر، واصفا إياها بـ “اللاحدث والكوميديا التي ستزيد في حجم الانهيار القائم”، ويرى غزالي الذي عمل إلى جانب الرئيس الراحل محمد بوضياف أن الجزائر لم تعرف انتخابات تعددية فعلية منذ 1991، في إشارة إلى الانتخابات التعددية الأولى التي جرت في عهده عندما كان يقود الحكومة، مؤكدا في الاتجاه ذاته، أنه في الجزائر ينسحب في منظومة الحكم منطق “التعيين” وليس خيار “الانتخاب”.
جنرال متقاعد يقرر المشاركة في الرئاسيات
بعد 42 عاما قضاها إطارا عسكريا في الجيش الوطني الشعبي وبعد سنوات قليلة من تقاعده الطوعي، اختار اللواء علي غديري التقدم للانتخابات الرئاسية، ولم يشر في بيانه الذي اطلع عليه الرأي العام لأي شروط قد يضعها الرجل للمشاركة، وترك الباب مفتوحا لخوض غمار معركة الرئاسة ولا يبدوا بأنه يهمه ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة جديدة أم لا، هذا الموقف في حد ذاته مؤشر نوعي جديد له بخصوص تعامل العسكريين المتقاعدين مع الانتخابات الرئاسية في الجزائر، حيث أنه في 2014 انسحب الجنرال المتقاعد محمد الطاهر يعلى بعدما أعلن ترشحه، والسبب كان أن بوتفليقة دخل السباق لعهدة رابعة. كما سبقه الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، الذي حاول المشاركة عام 2004 لكنه لم يستطع جمع التوقيعات اللازمة لخوض غمار المنافسة، فهل باستطاعة اللواء المتقاعد علي غديري مواصلة المغامرة السياسية والترشح بقبول ملفه من طرف المجلس الدستوري لتحدث سابقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية ؟؟.. الأيام القليلة القادمة ستخبرنا بالإجابة.
إسلام كعبش