تواصل أسعار النفط منحناها التصاعدي المسجل منذ أشهر، خاصة منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حيث تجاوز سعر برميل من النفط منذ أشهر عتبة 100 دولار، وحاليا يقف على 120 دولارا، في حين بلغ سعر صحاري بلاند الجزائري الأسبوع الماضي، 123 دولارا، وهي أسعار يعتبرها محللون “ممتازة” رغم أنها “ظرفية” وتسمح بدعم خطة الإقلاع الإقتصادي.
وتشهد أسعار النفط منذ أشهر عديدة ارتفاعا يفوق 100 دولار للبرميل، وتأتي هذه الزيادة بعد ارتفاع الطلب الأوروبي والأمريكي على الطاقة بسبب قرار الاتحاد الأوروبي تقليص الاعتماد على النفط الروسي، بعد الأزمة في أوكرانيا، حيث تعمل الدول المستهلكة على الضغط على الدول المنتجة من أجل رفع الإنتاج لكسر الأسعار، غير أنه يبدو بحسب خبراء ومختصين أن الأزمة الطاقوية العالمية لا تزال مستمرة ليتواصل معها مسلسل ارتفاع أسعار النفط.
وقد ارتفعت العقود الآجلة للنفط يوم أمس، متخطية 120 دولارا بعد أن رفعت السعودية أسعار بيع الخام في جويلية، مما يشير إلى قلة في الإمدادات رغم موافقة “أوبك+” على تسريع وتيرة زيادة الإنتاج على مدى الشهرين المقبلين.
أما بالنسبة للنفط الجزائري-صحاري بلاند- فقد وصل إلى مستويات “قياسية”، بحيث بلغ الأسبوع المنصرم 123 دولارا للبرميل، وهي أسعار “ممتازة” بالنسبة للجزائر بحسب خبراء ومحللين طاقويين، غير أنهم أكدوا على ضرورة الإستفادة من هذه المرحلة الحالية المؤقتة التي تشهد ارتفاع الأسعار، في تطوير القطاعات ذات المردودية.
الخبير الطاقوي، توفيق حسني:
“ارتفاع الأسعار ظرفي”
قال الخبير الطاقوي، توفيق حسني، إنه “قبل الخوض في كيفية استغلال عائدات النفط في هذه المرحلة بعد أن شهدت أسعاره ارتفاعا فاق أمس 120 دولارا للبرميل، يجب التذكير دائما أن هذا الإرتفاع ظرفي، أي مؤقت، نتيجة تداعيات الحرب في أوكرانيا وما نجم عنها من أزمة طاقة، والأسعار سوف ترجع إلى الانخفاض إلى ما كانت عليه سابقا بعد زوال سبب ارتفاعها لهذا المستوى”.
وأوضح حسني في تصريح لـ”الجزائر” أن “الأسعار ارتفعت نتيجة قلة المعروض مقابل ارتفاع الطلب الناجم عما ذكر آنفا”، مبرزا أنه “لا يجب أن نبقى نأمل في استمرار ارتفاع الأسعار أو أن نبني عليها خططا مستقبلية تتعلق بالاقتصاد الوطني”، غير أنه أكد أنه “يمكن في هذه المرحلة الحالية التي تعرف فيها الأسعار ارتفاعا الإستفادة من عائدات النفط التي يتوقع مختصون أن تصل إلى 50 مليار دولار، في القطاعات الأكثر مردرودية، والتي تضمن للبلاد أمنها الطاقوي، الغذائي والصحي”.
وبخصوص اجتماع “أوبك+” الأخير الذي أقر زيادة طفيفة في الإنتاج، قال الخبير الطاقوي ذاته إن “هذه الزيادة تبقى طفيفة جدا ولن تحل أزمة الطلب المتزايد”، واعتبر أن أزمة الطاقة التي يعيشها العالم حاليا أعمق من الأزمات السابقة، ويرى أن استمرار هذه الأزمة سيدفع الدول المستهلكة للطاقات التقليدية إلى البحث عن بديل عنها والتحول أكثر فأكثر نحو الطاقات المتجددة.
الخبير الإقتصادي، عبد القادر سليماني:
“أسعار النفط الحالية ممتازة بالنسبة للجزائر وتسمح لها بدعم خطة الإقلاع الاقتصادي”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عبد القادر سليماني، إن السعر الحالي لبرميل النفط المقدر بحوالي 120 دولار “سعر ممتاز بالنسبة للجزائر”.
وأكد سليماني لـ”الجزائر” أنه “في خضم زيادة الجزائر لإنتاجها، إضافة إلى النظرة الاستشرافية في مجال الطاقة وتنويع شركة سوناطراك لشركائها لتحقيق استثمارات كبيرة خلال الخمس سنوات القادمة، حتى في مجال الطاقات المتجددة ، عوامل تتيح للجزائر هامشا للتحرك من أجل الاستثمار في سعر البترول والذهاب نحو الطاقات الجديدة من بينها الهيدروجين الأخضر”.
ويؤكد الخبير الاقتصادي ذاته أن السياسة الجديدة للجزائر هي الإقلاع الاقتصادي والعمل على بلوغ صادرات خارج المحروقات إلى 7 مليار دولار، وهذا لا يتأتى إلا عبر نسيج اقتصادي متكامل، في انتظار تطبيق قانون الاستثمار الجديد لجلب رؤوس أموال أجنبية وتحفيز الإستثمار الداخلي، ويمكن الاستفادة من عائدات النفط في هذه المرحلة لدعم هذه الخطة.
للتذكير، كانت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وحلفاؤها، في إطار مجموعة “أوبك+”، قدر قررت الخميس المنصرم، رفع الإنتاج الإجمالي للمجموعة 648.000 برميل/يوميا، خلال شهر جويلية المقبل، حيث كان وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، قد قال عقب اختتام أشغال الاجتماع الوزاري التاسع والعشرين لدول “أوبك” وخارج “أوبك” لقد راجعنا بعناية التطورات الأخيرة في سوق النفط العالمية وتوقعاتها للأسابيع والأشهر القادمة وبناء على عمل اللجنة الفنية التي اجتمعت أمس، لاحظنا أن المخاطر على النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط من غير المرجح أن تستمر”، وأضاف في هذا الشأن “مسؤوليتنا كمنتجين هي دعم ديناميكية الانتعاش من خلال ضمان إمدادات مستقرة ومنتظمة”.
وأضاف الوزير “اعتبرنا أن أساسيات سوق النفط تتطلب الآن تعديلا تصاعديا لسياسة التوريد الخاصة بنا من خلال طرح حجم أكبر في السوق مما كنا نورده خلال الأشهر السابقة”.
وبخصوص إنتاج الجزائر من النفط سيرتفع إلى مليون و39 ألف برميل/يوميا في جويلية القادم، وتقدر زيادة إنتاج الجزائر، وفق قرار “أوبك+” بـ17000 برميل يوميا في شهر جويلية، مما سيسمح لها بالوصول إلى مستوى إنتاج يبلغ 039ر1 مليون برميل في اليوم.
رزيقة. خ