جريدة الجزائر اليومية الجزائرية
مقالات مشابهة
أكد خبراء اقتصاد أن ملف مراجعة نمط الدعم الإجتماعي في الجزائر “حسّاس” ما يتطلب وضع مخطط عمل ومنظومة إحصائية رقمية تمكن من التحكم في آلياته، مشددين على ضرورة إشراك الجميع للوصول إلى وضع حلول واقعية، وبحسب رأيهم فإن عملية المراجعة قد تتطلب سنوات أخرى، بالمقابل اقترحوا أن يتم رفع الدعم تدريجيا.
الخبير الإقتصادي، هواري تغرسي:
“لا بد من منظومة إحصائية رقمية وإشراك كل المختصين في تحديد آليات الدعم”
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي، هواري تغرسي، إن “للدعم الإجتماعي أنواع إضافة إلى الدعم الموجه للمواد الاستهلاكية، فهناك دعم للمواد الطاقوية، ودعم للتصدير وآخر للاستيراد، ودعم في النفقات الضريبية وغيرها”، مبينا أن القيمة الإجمالية له في حدود 45 مليار دولار.
وأكد تيغرسي في تصريح لـ”الجزائر” أن هذا الملف غاية في الأهمية ما يتطلب ضرورة وضع مخطط عمل ومنظومة إحصائية رقمية للتمكن من التحكم فيه، وأشار هنا إلى أول خطوة وجب القيام بها للتمكن من التحكم، وهي إحصاء عام للسكان، موضحا أن “الأمم المتحدة توصي الدول بإجراء إحصاء عام لسكانها كل 10 سنوات، في حين أن الجزائر منذ 14 سنة لم تقم بعملية إحصاء –كانت مقررة في 2019 وتأخرت بسبب الوضع السياسي آنذاك ثم بعدها بسبب الجائحة وهو الإجراء الضروري لمعرفة الأوضاع الاجتماعية وإحصاء العائلات”، مفيدا أن السلطات ستقوم باستقدام أزيد من 60 ألف لوحة رقمية لإجراء هذه العملية.
الإجراء الثاني حسب الخبير الاقتصادي يتعلق بضرورة أن يكون لكل فرد بطاقية فردية رقمية، أو استعمال بطاقة التعريف الوطنية الحالية الرقمية أو استغلال كل المعلومات المرتبطة بها ليكون لكل فرد رقم يمكن من خلاله تتبع حالته.
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة إشراك كل الفاعلين من كل الاختصاصات، وكل القطاعات، داخلية، عمل، مالية، خارجية.. إلخ، و كل المؤسسات حتى تكون هناك معلومات أدق عن العائلات الفقيرة التي وجب أن تستفيد من الدعم المباشر وتحديد الشريحة التي تليها.
ويرى تيغرسي أن عملية إعادة النظر ورفع الدعم تتطلب عدة سنوات، حيث قال إنه في السنة الأولى من بداية رفع الدعم وتحوليه إلى مباشر، قد ترتكب أخطاء وبتضافر جهود الجميع وبالتنسيق سيكون هناك في المرحلة التي تليها تحسن وتدقيق أكثر، إلى إن نصل إلى الطريقة المثلى في هذه العملية.
كما يرى تيغرسي أنه قد لا يكون بمكان في المرحلة الأولى من بداية تطبيق العملية رفع الدعم عن كل شيء دفعة واحدة، ويعتقد أنه لا بد أولا في مرحلة أولى رفع الدعم عن مواد أساسية، ثم ثانوية.
واقترح الخبير الاقتصادي تشكيل مجلس أعلى لإصلاح الدعم الاجتماعي يكون تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية يتكون من خبراء اقتصاديين، ومعاهد وطنية في البحث والإحصاء وفي مختلف الاختصاصات، إضافة إلى إشراك كل الفاعلين.
الخبير الإقتصادي، إسحاق خرشي:
“رفع الدعم يجب أن يكون تدريجيا”
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي، إسحاق خرشي، إنه من المتوقع أن يكون لرفع الدعم قيمة اقتصادية ومنفعة اجتماعية، بحيث يخفف الضغط على ميزانية الدولة التي يكلفها كل سنة حوالي 19 مليار دولار والتي تتسبب دوما في تعميق العجز الموازناتي، كما ستساهم منحة الدعم في رفع القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا الفئات الهشة وأصحاب الدخل الضعيف وهذا ما يقصد بتوجيه الدعم لمستحقيه.
غير أن خرشي يرى في حديث مع “الجزائر” أن عملية رفع الدعم عن غير مستحقيه، قد تصطدم بعراقيل، مثل كيفية التعامل مع البطالين الذي يتقاضون منحة البطالة، وكيف سيتم تصنيفهم، وأيضا الأشخاص الناشطين في السوق السوداء، والمسجلين لدى الدولة كمعوزين، بسبب عدم التصريح بنشاطهم، فضلا عن عدم تقبل البعض لقرار رفع الدعم رغم المنحة التي قد يتقاضوها، وغياب البيانات عن الممتلكات للأثرياء والتجار، وغياب مفهوم الدخل الضعيف، بسبب تباين وارتفاع الأسعار في كل مرة، وبالتالي –يضيف خرشي- المنحة تظل مفتوحة وخاضعة للتعديل حسب واقع السوق، فضلا عن عدم قيام بعض الهيئات المختصة لحد الساعة دراسة دقيقة حول رفع الدعم.
ويرى المتحدث في السياق ذاته أن رفع الدعم يجب أن يكون بشكل تدريجي على مدى سنوات وليس في ظرف سنة واحدة.
للتذكير، كان رئيس المجلس الشعبي الوطني، ابراهيم بوغالي، قد أكد السبت الماضي، خلال يوم برلماني، على ضرورة مراجعة آليات الدعم ليستفيد منه مستحقوه، مبرزا في ذات الوقت أن “حساسية” هذا الملف تقتضي توفر مجموعة من الشروط لتبلغ مبتغاها وتحقق أهدافها.
وقال بوغالي “لا بد من الإشارة إلى أن نمط الدعم المعمم أصبح من الضرورة بما كان أن يستجيب لمجموعة من المقاييس والمعايير الموضوعية توخيا للعدالة في التوزيع، وضمانا للانسجام الاجتماعي الذي يقتضي مراجعة آليات هذا الدعم ليستفيد منه مستحقوه، لأن الأصل في الدعم هو أن يحدث توازنا اجتماعيا ويقلص دائرة الفوارق بين أفراد المجتمع”.
رزيقة. خ