الأحد , أبريل 28 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الاقتصاد / الحكومة لوحت باللجوء إلى قرارات "غير شعبية" :
إلغاء الدعم.. سنوات صعبة أمام الجزائريين

الحكومة لوحت باللجوء إلى قرارات "غير شعبية" :
إلغاء الدعم.. سنوات صعبة أمام الجزائريين

شكل تصريح وزير المالية عبد الرحمن راوية من دبي حول توجه الدولة نحو سياسة رفع الدعم الحكومي لعدد من المواد كالبنزين ابتداء من العام المقبل، حفيظة الكثير من المراقبين، معتبرين أن القرار خطوة خطيرة سيكون لديها تأثير على الجبهة الاجتماعية التي تشهد أصلا غليان لم تستطع حكومة أويحيى خفض حدته إضافة إلى أن 2019 هي سنة مرتبطة بموعد انتخابي هام.
ستتجه الجزائر حسب وزير المالية عبد الرحمن راوية إلى وضع حد لدعم أسعار البنزين اعتبارا من 2019، ورفع الدعم عن مواد أخرى بداية من عام 2020، وهذا بهدف القضاء على العجز في الميزانية في السنوات الأربع المقبلة وتعتبر حكومة أحمد أويحيى إن قرارها التخلي عن سياسة الدعم العام يندرج ” ضمن جملة من الإصلاحات الاقتصادية التي تندرج في إطار خطة الجيل الثاني الإصلاحية، التي تهدف بحسبها إلى تحريك عجلة الاستثمار “. وكان بعض الخبراء سبق لهم توجيه ملاحظات للحكومة حول ضرورة السير نحو تقليص الدعم العام نحو تثبيت الدعم الموجه.
وستصطدم الحكومة كما تبرز عدة مؤشرات ابتداء من السنة المقبلة مع واقع اجتماعي يزداد احتقانا إذا طبقت سياسة رفع الدعم بدون دراسة وافية وهي التي تكلف الدولة 1760 مليار دينار سنويا، ولم تلجأ إلى تصويب الدعم الاجتماعي إلى الطبقة التي هي في حاجة إليه، الأمر الذي دفع بعض الجمعيات الاقتصادية لدق ناقوس الخطر والتحذير من تأثير هكذا قرارات على الوضع الاجتماعي خاصة أن تحرير أسعار المواد المدعمة سيكون لديه وقع كبير على صحة الجبهة الاجتماعية التي يعاني حوالي 10 ملايين جزائري من تدهور قدرتهم الشرائية جراء انخفاض سعر الدينار وارتفاع الأسعار والتضخم وعدم ارتفاع الأجر القاعدي منذ 2012.
وكان مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك قد شدد على أن جمعيته تعتبر إلغاء سياسة الدعم الاجتماعي ” خطا أحمر، لا يجب المساس به “، مؤكدا في تصريح لموقع ” سبق برس ” أن جمعيته ” ترفض أي توجه يراد به الإلغاء التام لسياسة الدعم والتي ستكون بمثابة انتحار لطبقة اجتماعية واسعة “. وجدد زبدي تأكيده أن جمعيته كانت من السباقين الذين نادوا إلى إعادة توجيه الدعم نحو مستحقيه، مضيفا أنه في حالة ما استمر الوضع على ما هو عليه فلا بد من رفع الدعم عن عدد من المواد التي لا يستفيد منها المواطن مباشرة، على غرار الإسمنت وبودرة الحليب، مؤكدا أنه يرفض أن تمس العملية المواد الأساسية كحليب الأكياس والخبز والبنزين، ودعا زبدي إلى ضرورة إشراك مختلف الفاعلين في عملية إعداد قائمة المستفيدين من سياسة الدعم، مشددا على ضرورة أن تبقى مفتوحة وقابلة للتحيين سنويا، إضافة إلى ضرورة اعتماد سياسة دعم تناسبية مع الدخل، حيث أن الدعم الذي يجب أن يستفيد منه صاحب دخل 18 ألف دينار لا يجب أن يعادل الدعم الذي يتلقاه صاحب دخل 100 ألف دينار.
ويتساءل بعض المراقبين عن التوقيت الذي دفع وزير المالية عبد الرحمن راوية لإطلاق تصريحات من هذا النوع، خاصة أن بداية تطبيق هذا القرار يتزامن مع موعد رئاسيات 2019 رغم أن الوزير الأول أحمد أويحيى أكد في كثير من المرات على أن الدولة لن تتخلى عن دعم المواد الأساسية، كما أن الرئيس بوتفليقة ظل يحض في رسائله المختلفة على أهمية الحفاظ على ” الطابع الاجتماعي للدولة “. وليست هذه المرة الأولى التي تفكر من خلالها الحكومة مراجعة سياسة الدعم حيث أن الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون كان قد أشار إلى أن حكومته تفكر في مراجعة هذه السياسة، ولكن حكومته لم تعمر طويلا وتمت إقالته ليستبدل بأويحيى الذي ظل يؤكد على عدم التراجع على سياسة الدعم، وحديث وزير المالية اليوم وهو عضو في جهازه التنفيذي على مراجعة هذه السياسة ” التقليدية ” للجزائر دليل على أن الأزمة المالية وصلت إلى درجة عميقة من التأثير على خطط الحكومة.
ويشير الدكتور عمر هارون الخبير الإقتصادي في تصريح لـ ” الجزائر ” على أن ” الجزائر مقبلة على إنتخابات رئاسية في مطلع 2019، وأي رفع كبير للدعم قد يؤدي لغليان الجبهة الإجتماعية وإشعالها أكثر مما هي الآن، خاصة أن أغلب القطاعات الحساسة تعرف إضراب أو على وشك الدخول فيه، قطاعات تحوي على أعداد كبيرة من الموظفين، مما يجعلني غير متأكد من قدرة الحكومة على رفع الدعم، لكنني أتوقع أن ميزانية 2019 ستشهد اعادة هيكلة لمختلف القطاعات الحكومية والوزارية، والعمل على تهيئة الأرضية لأجل تطبيق هذا البرنامج في آفاق 2020 “.
ومن جانب آخر، يوجه البعض انتقادات لسياسة الدعم الشامل التي تقدم عليها الحكومات المتعاقبة، في إشارة إلى أن أكثر المستفيدين من هذه السياسة الاجتماعية هم البارونات في مختلف الميادين، من الإسمنت إلى الحليب الطازج، هذا الأخير لأنه يستغل من قبل الملبنات لصناعة مشتقات الحليب من أجبان وغيرها. في حين أنه من الضروري توجيه هذه السياسة نحو مستحقيها من أصحاب الأجور الزهيدة والطبقة المحتاجة إلى الدعم عوض رفعه بصفة نهائية لما للقرار من تأثير على تماسك النسيج الاجتماعي ومستقبل السلطة في حد ذاتها التي كثيرا ما قاومت الاحتجاجات منذ 2011 عن طريق شراء ” السلم الاجتماعي ” أما اليوم فهناك رهانات أمنية واقتصادية بالغة الخطورة.
إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super