أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، كمال بلجود، أن السلطات العمومية تسعى لتبني مقاربة جديدة قائمة على تكريس الأخلاقيات المهنية في المؤسسات العمومية وفق آليات تهدف إلى تقييد الموظف بواجباته عند تأدية المهام المنوطة به، باعتبارها آلية ناجعة لتحسين هذه المرافق من خلال تفعيل أدوات مكافحة جميع أشكال الفساد ومحاربة البيروقراطية والمحسوبية والرشوة وضمان الشفافية في تسيير المرفق العام .
وأضاف الوزير بلجود في كلمته خلال اليوم الدراسي الذي نظم حول أخلاقيات المرفق العام بالمدرسة الوطنية للإدارة أن إصلاح الإدارة وتبسيط الإجراءات الإدارية واعتماد مقاربة جديدة في العلاقة بين المواطن وكل مصالح الدولة وبعث الاقتصاد الوطني هي نقاط تأتي جميعا في صلب تعهدات رئيس الجمهورية والتي يعمل كل المتدخلين على وضعها حيز التنفيذ في أحسن الآجال.
وأشار في السياق ذاته إلى أن السلطات العمومية قامت بإنجاز العديد من المرافق العامة قصد تحسين وتطوير الخدمات المقدمة للمواطن وإرساء قواعد وتدابير رامية لتنظيم هذه المرافق بغية تكييفها مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية وخاصة التكنولوجية منها حيث عمد المشرع لوضع ترسانة قانونية من شأنها النهوض بالخدمة العمومية وترقيتها وتحسينها قصد تعزيز العلاقة التي تربط المواطن بالإدارة وتضييق الهوّة بينهما وتحسين صورة المرفق العام أمام المنتفعين من خدماته.
وقال وزير الداخلية والجماعات المحلية: “يتعين على العون العمومي أن يتحلى خلال مسيرته المهنية بجملة من القواعد السلوكية و المعايير الأخلاقية تقوم على مبادئ و قيم الشفافية المهنية المسؤولية وأخلاقية الإدارة العمومية تجاه المرتفقين وحرصه على القيام بالمهام المسندة إليه وفقا ما تمليه عليه مقتضيات الممارسة المهنية من احترافية ونزاهة وشفافية ما يضمن حسن سير المرفق العام بصفة منتظمة وتقديم خدمات ذات جودة تستجيب لمتطلبات جميع المرتفقين”.
وأضاف الوزير: “كما يستوجب على العون العمومي أن يسهر خلال تأدية مهامه العمل على تغطية وحماية حقوق المرتفقين من خلال إعلامهم بكل القرارات المتعلقة بهم بالإضافة إلى توضيح الأسباب وطرق الطعون المتاحة لهم ووضع المعلومات المتعلقة بالإجراءات المرتبطة بخدمات المرفق العام في متناول المرتفقين وحث المواطنين والمرتفقين على المشاركة في تحسين الخدمات العمومية لاسيما من خلال التواصل الملاحظة والمساهمة الفعالة في العمل الإداري”.
وأضاف قائلا إن “الإصلاحات التي شرعت فيها السلطات العمومية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الظروف المادية اللازمة التي تتكيف مع حاجيات المرافق العامة تستوجب الاستثمار أكثر في العنصر البشري من خلال انتقاء إطارات وكفاءات تتحلى بهذه القيم والمبادئ لضمان تحسين الخدمة والقضاء على العراقيل البيروقراطية بشتى أشكالها والتغلب على العقبات التي ترهق كاهل المواطن وتعطل مصالحه وهذا الأمر يستدعي كذلك تقييم مساهمة الأخلاقيات الوظيفية في تحسين أداء الخدمة باعتبار الموظف في واجهة المنتفعين بخدمات المرفق العام ويكون بأخلاقه المهنية قادرا على تقديم خدمات تنال رضا المواطن حتى ولو كانت نسبية وذلك من خلال الاهتمام بالشكاوي المقدمة من قبله وحسن استقباله والإصغاء لمتطلباته وتطوير وسائل إعلامه لا سيما عبر الدعامات التكنولوجية الحديثة.
وأشار إلى أنه وقصد تحقيق المبتغى من هذه الإصلاحات الإدارية يتعين تكريس هذا البعد الأخلاقي والعمل على تدعيم الآليات الكفيلة بترسيخ ذلك من خلال التحسيس بأهمية هذا المنهج من خلال نشره على أوسع نطاق مع إعداد مواثيق تحدد القيم الأخلاقية التي توضح مسؤوليات وواجبات الإدارة والموظف إزاء المنتفعين وتعزيز العلاقة بين الإدارة والمرتفقين من خلال وضع أطر قانونية تحدد كيفية ذلك مع ترسيخ مبدأ المساءلة وتقييم الأداء على جميع أعمال المرافق العامة وتفعيل الرقابة والتكوين الدائم للموظفين بهدف تنمية وتطوير سلوكياتهم واعتماد نظام التحفيز قصد تشجيع الموظفين المتميزين مع تطوير أساليب حديثة في إدارة وتسيير الموارد البشرية من خلال اعتماد مناهج حديثة ومقاربات مهنية تستوجب التوجه نحو الاحترافية والابتكار.
وكشف ذات المسؤول أنه وفي ظل التحول الذي تشهده الجزائر فقد باشر قطاعه الوزاري في الإجراءات المتعلقة بمراجعة النصوص القانونية المسيرة للمرصد الوطني للمرفق العام المنشأ بموجب المرسوم الرئاسي رقم 03/16 المؤرخ في 7 جانفي 2016 قصد تعزيز المهام المنوطة به وتمكينه من إرساء هذه الحوكمة العمومية ومساهمته بفعالية في الإرتقاء بالمرفق العام.
أرضية رقمية تسمح للمواطنين بتقييم جودة الخدمة في المرافق العامة
ونوه على أن ذلك يكون من خلال تقييم لهيكلة المرفق العام ومدى ملاءمة توزيع واستغلال الموارد البشرية والمادية لتحقيق الأهداف المسطرة وجودة الخدمة والتسهيلات المقدمة للمواطن والتقييم الدوري للمرفق العام بإجراء دراسات وتحقيقات ميدانية وإعداد مرجعيات عملية من أجل قياس أداء المرافق العامة بالتنسيق مع الإدارات والمؤسسات العمومية المعنية وجمع وتحليل وتوزيع المعطيات متعلقة بأداء المرفق العام وتكريس التشاركية وتقريب الإدارة من المواطن وتكوين الإدارة الالكترونية بإدخال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال وتعميم الرقمنة ووضع أنظمة وإجراءات فعالة للإتصال قصد ضمان إعلام المواطنين حول خدمات المرفق العام وذلك من خلال إنشاء أرضية رقمية تسمح للمواطنين بتقييم جودة الخدمة في المرافق العامة عبر الوسائط الاليكترونية.
وأبرز أن هذه الإصلاحات تهدف لوضع نظام تقييم يسمح بقياس وبصفة مستمرة لمساهمة الإدارة ومواكبتها للإصلاحات الاقتصادية وأهداف التنمية في ظل إطار علمي وتشاوري.
وأبرز بلجود أن قطاعه الوزاري يسعى لوضع الأطر القانونية والتنظيمية وتكريس رقمنة الإدارة بهدف تخفيف وتبسيط الإجراءات الإدارية وتقريب الإدارة من المواطن والمتعامل الاقتصادي وذلك من خلال العمل على حذف بعض الوثائق الإدارية الغير ضرورية والمطلوبة في مختلف الملفات الإدارية وأضاف لها تقليص الآجال القانونية لدراسة الملفات المودعة لدى الإدارة وهي كثيرة ورقمنة أكبر عدد من الوثائق الإدارية من أجل تخفيف وطأة تنقل المواطن للإدارة المحلية أو المركزية و تكريس توسيع اللامركزية وعدم تمركز القرارات الإدارية والذي سيكون له أثر إيجابي في تحسين علاقة الإدارة بالمواطن والمساهمة الفعالة في الإنعاش الاقتصادي.
مناطق الظل
كما أكد وزير الداخلية على أنه تم تذكير الجماعات المحلية بالصرامة المطلوبة بضرورة إيلاء كل الأهمية لتنمية مناطق الظل وإنجاز المشاريع الموجهة لها في أحسن الآجال بما يعكس التزامات السلطات العمومية في هذا المجال لكونه التزام أخلاقي باستدراك التنمية في هذه المناطق ورفع كل مظاهر التهميش عن سكانها.
زينب بن عزوز