تواصل المعارضة تشخيص الوضع السياسي في البلاد، بالنظر إلى مختلف المستجدات الحاصلة على الساحة الوطنية وتماشيا مع النقاش حول رد الجيش على بعض الشخصيات المطالبة بتدخله في تغيير الوضع إضافة إلى تطبيق المادة 102 من الدستور والتحضير للإنتخابات المحلية المزمع إجراؤها في نوفمبر القادم.
أصدر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية موقفه بخصوص الراهن السياسي الحالي، حيث اعتبر حزب محسن بلعباس أن على الصعيد السياسي هناك “تخبطا ملحوظا حول تسيير الحكم الناجم عن عجز السلطة على احتواء الصراعات الداخلية”، وأضاف في بيان تلاه عقب اجتماع الأمانة الوطنية للحزب في دورة عادية لمناقشة الأوضاع العامة السائدة في البلد عشية الدخول الاجتماعي، والنظر في مستوى تقدّم التحضيرات للانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 23 نوفمبر المقبل، قالت تشكيلة بلعباس إن “البلد قد دخل مرحلة يمكن أن يحدث فيها ما هو أخطر وأسوأ. يتزامن هذا الوضع الذي يعزيه الكثيرون إلى تقلص الريع مع مواجهة قطاعات واسعة من السكان لانهيار القدرة الشرائية بشكل متسارع، وتدهور غير مسبوق للرعاية الصحية بسبب نقص الأدوية على مستوى المستشفيات وتفشي أزمة المياه في جميع أنحاء التراب الوطني “.
على صعيد آخر، أبرز التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن هناك ” غياب اتصال رسمي ذي مصداقية بشكل صارخ مع الضجة الإعلامية التي يغذيها أيضا الجيش بشأن مسألة “عزل” بوتفليقة “. وفي هذا الصدد، يعتبر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن ” رهن الخروج من الأزمة بطلب تنفيذ منع بوتفليقة بالطريقة القانونية (المادة 102) يفترض تزكية التناوب بين العصب الحاكمة، لاسيما في الوقت الراهن “. كما أكد الحزب المعارض أن الأمانة الوطنية لـ ” الأرسيدي ” ” تذكر أنها كانت السباقة (المجلس الوطني المنعقد في ديسمبر 2012) لاقتراح خروج من الأزمة بتنفيذ المادة 88 من الدستور القديم إلى جانب حل البوليس السياسي وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لتسيير الانتخابات لتفويض هيئة انتقالية ” مؤكدة أن ” قناعتنا هي أن الوقت قد حان للتعبئة التضامنية وليس للبحث عن مواقع داخل صراعات داخلية عابرة”.
وعرج “الأرسيدي” على الوضع الاقتصادي للبلاد، حيث رسم صورة سوداوية للوضع، قائلا “إن الصورة القاتمة التي رسمها مشروع خطة العمل الحكومية لا غرض منها سوى خداع وإيهام الرأي العام لتمرير إجراءات غير اجتماعية بعدما تم تجريب وسائل ترقيع أخرى فاشلة مثل القروض السندية ومحاولات إدخال أموال السوق الموازية في الدوائر الرسمية ” ومعتبرا أن هدف هذه الحكومة على المدى القصير هو ” تغذية دوائر الريع لطمأنة الزبانية، وتسديد جزء من الديون المحلية وتأجيل المشاكل “. مشخصا في ذات الوقت أن الاقتصاد الجزائري ” بحاجة إلى إصلاحات هيكلية ظلت السلطة ترفض بعناد الشروع فيها في فترة الخمسة عشر عاما التي كانت تنعم خلالها ببحبوحة مالية لا سابق لها. وفيما عدا ذلك، فإن بناء اقتصاد فعال بحاجة إلى مؤسسات ذات مصداقية، واستراتيجية نابعة من توافق وبأهداف معلنة، وتوزيع شفاف للموارد المالية “.
وبشأن التحضير للانتخابات المحلية المقررة في 23 نوفمبر، قدرت تشكيلة محسن بلعباس أن “المراحل التي قطعها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في مجال إعداد القوائم الانتخابية والوسائل الكفيلة بتذليل العقبات التي يواجهها المناضلون في بعض الولايات. كما قامت بتنصيب لجنة وطنية لدراسة الطعون المحتملة “.
من جانب آخر، يعرف الدخول السياسي لهذه السنة جوا ساخنا ملحوظا طبعه تفاعل المؤسسة العسكرية بشدة مع بعض السياسيين الذين طالبوها بالتدخل وإنهاء الوضع الحالي للسلطة، بالنظر لمرض الرئيس بوتفليقة، ما دفع قيادة الجيش للرد بحزم على هذه الدعوات التي تزايدت في الآونة الأخيرة في ظل صمت شبه كلي للأحزاب السياسية من المعارضة ما عدا حزب جيلالي سفيان “جيل جديد” والتي أصبحت في أغلبها مهتمة بالتحضير لموعد الانتخابات المحلية شهر نوفمبر اللاحق، أكثر من اهتمامها بالوضع الحالي الذي تتواجد عليه البلاد. هذا الأمر دفع أحزاب الموالاة الحكومية على رأسها حزب جبهة التحرير الوطني للرد على هذه الدعوات ومواكبة حملة الدفاع عن رئيس الجمهورية، حيث قال الصادق بوقطاية القيادي والمكلف بالإعلام في ” الأفالان ” أن “الحزب يرفض تماما مسالة المادة 102 من الدستور الجديد بزعم أن الرئيس بوتفليقة غير قادر صحيا على إدارة شئون الدولة “، مضيفا أنها ” أطروحات واهية ويجانبها الصواب لأن الجزائر دولة ديمقراطية وبها تعددية سياسية ورئيس الجمهورية مدني انتخبه شعب الجزائر بإرادة حرة ويمارس مهامه بكل إرادة وعزيمة “، كما شدد على أن السيناريو الوحيد المطروح هو ” أن يتم الرئيس فترة ولايته في عام 2019 وهنا على كل من يرى نفسه مؤهلا لقيادة هذا البلد العظيم أن يتقدم في هذا التاريخ ويرشح نفسه لمنصب الرئاسة ويقدم نفسه للشعب الجزائري المخول دون سواه بمنح السلطة لمن يشاء”.
إسلام كعبش