اعتبر خبراء أن الأرقام التي قدمها الوزير الأول لدى عرضه بيان السياسة العامة للحكومة أمام النواب “مطمئنة وتحمل مؤشرات إيجابية”، كما تعكس وفقهم المجهودات الكبيرة التي بذلتها الحكومة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر الجاري.
قال الخبير الإقتصادي، أحمد طرطار، إن “هذه الأرقام تشير إلى المجهودات الكبيرة التي بذلتها الدولة طيلة سنة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر الجاري”.
وأشار إلى “الزيادة في نسبة الإرادات بنسبة 25 بالمئة، وهذا يجسد إضافة للدولة ويعطيها أريحية في توظيف الأموال من جديد، سواء في سياق التعديل الموازناتي أو في إطار بعث برامج استثمارية كبيرة من شأنها أن تمنح دفعا اقتصاديا للتنمية المستدامة وهو الهدف الأساسي الذي ترمي إليه الحكومة”.
وأضاف طرطار لـ”الجزائر” أن “تسجيل ارتفاع بالنسبة للنفقات بـ52 بالمائة، ينم على مستوى التوظيف الذي واكب سواء الموازنة العامة ما تعلق بميزانية التسيير أو فيما يتعلق بموازنات التجهيز والتي تعتبر استثمارات على المدى الطويل والتي ستعود بالنفع المستقبلي على الأمة، مبينا أن “هذه الزيادة في النفقات هي مقننة ومستهدفة وتؤدي إلى استحقاقات مستقبلية من شأنها تجسيد التنمية المستدامة”.
الحكومة تمكنت من فك شفرة “معادلة” صعبة
ويرى طرطار أن “ما يحسب للحكومة من خلال هذه الأرقام أنها استطاعت المحافظة على الطابع الاجتماعي والقدرة الشرائية للمواطن من خلال الزيادات في الأجور التي شرعت في صبها من 2022 وبداية 2023، وستستمر إلى غاية 2024”.
وقال إن “هذه الزيادات وإن كانت طفيفة سوف تسمح بالمعادلة بين نسبة التضخم المرتفعة التي هي انعكاس للمتغيرات في الأسواق الدولية، خاصة بالنسبة للمواد الواسعة الاستهلاك، وفي المقابل بالنسبة للأجور المتوسطة التي لولا هذه الزيادات لتدنت القدرة الشرائية”.
وأضاف طرطار أنه “من خلال المعطيات يتضح سعي دائم للحكومة لتحقيق دعم إنعاش اقتصادي مستدام في سياق حركة اقتصادية معلومة تعطي دفعا بالاستثمارات طويلة المدى التي تعمل على تجسيدها، منها تطوير الاستكشافات والتنقيب في مجال المحروقات والمناجم، دعم البنى التحتية من طرقات وسكك حديدية وخطوط نقل في مختلف مناطق الوطن وبعث استثمارات أخرى كالسدود والجسور وتوسعة المطارات وغيرها”.
وبخصوص احتياطات الصرف، فيرى أن “الجزائر استطاعت رغم تراجع أسعار المحروقات المحافظة على احتياطاتها من العملة الصعبة وتحاول أن تستفيد منها، وهذا يعكس نجاعة في تسيير العملة الصعبة من مداخلينا المختلفة”.
أما بخصوص معدل النمو الاقتصادي الذي من المتوقع أن يرتفع إلى 5.3 بالمائة، فقال الخبير الاقتصادي إنه “مؤشر ايجابي مع تحكم نسبي في التضخم في عدد من القطاعات
في حين أن “التضخم العام سجل 9.5 بالمائة، هذا الأخير رغم أنه جاء متأثرا بالمتغيرات الخاصة بالأسواق الدولية، إلا أنه قد يكون له تأثير على القدرة الشرائية ويسبب ضغطا عليها، ما يتطلب على الدولة إعادة النظر فيه، من خلال سواء إعادة النظر في قيمة النقطة الاستدلالية، ومن خلالها القيمة الاستدلالية في الأجور وتعديلها والتي من شأنها أن تؤدي إلى استقرارا نسبيا في هذا المجال”.
من جانبه، قال الخبير الإقتصادي، الهواري تيغرسي، إن الأرقام التي كشف عنها الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان لدى عرضه بيان السياسة العامة للحكومة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني “تعكس مؤشرات مهمة ومطمئنة في الوقت ذاته”، لكنها تبين أيضا وفق رأيه “ضرورة بذل مجهودات في المراحل القادمة حتى تكون للإصلاحات والقوانين الجديدة أثر واقعي ومباشر على المواطن”.
وأوضح تيغرسي في تصريح لـ”الجزائر” أنه بـ”النظر للأرقام التي أشارت مثلا إلى زيادة نسبة الواردات بـ25 بالمائة و بلوغها 8900 مليار دينار، وارتفاع نسبة النمو المتوقع نهاية السنة إلى 5.3 بالمائة، إضافة إلى ارتفاع احتياطي الصرف إلى 85 مليار دينار، إضافة إلى الأرقام المقدمة بخصوص التوظيف في مختلف القطاعات ووصلت إلى مستويات مريحة والزيادات في الأجور وعدد المشاريع التي أطلقت وغيرها هي أرقام مطمئنة ومهمة للغاية وتشير إلى وجود ديناميكية اقتصادية ومشجعة للمرحلة المقبلة”.
ارتفاع الإرادات نتيجة للإصلاحات المجسدة
أشار المتحدث ذاته، إلى أن “هذه الأرقام من مداخيل وإرادات وغيرها هي نتيجة للإصلاحات التي أطلقت في مختلف القطاعات وأثمرت نتائج إيجابية، وينعكس ذلك في الاستثمارات العمومية والبنى التحتية والمؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة”.
غير أنه أكد أن “الجزائر بالنظر للإمكانيات التي تحوزها، والتي لم تستغل سوى جزء بسيط منها، قادرة على إحداث تقدم ونتائج أكثر إيجابية”، ويرى أنه بالإمكان استغلال القدرات الكامنة المتوفرة للرفع مستوى النمو الاقتصادي والرفع من حجم الاستثمارات والمشاريع.
تشجيع الإنتاج الوطني والمؤسسات الصغيرة للحد من التضخم
وأوضح أنه بالنظر أيضا إلى نسبة التضخم التي بلغت 9.5 بالمئة، متأثرا لاسيما بارتفاع أسعار المواد الغذائية بـ13.2 بالمئة يمكن تقليصه عن طريق استراتيجيات تساهم في الرفع من الإنتاج الوطني، وتطوير الصناعات ذات الصلة، كالصناعات التحويلية والصناعات النسيجية، والصناعات الغذائية.
رزيقة. خ