تشهد العلاقات الاقتصادية الجزائرية الألمانية، خاصة في المجال الطاقوي، توافقا كبيرا وإيجابيا، تجسد في توقيع الطرفين على العديد من الاتفاقيات، سواء ما تعلق بالطاقات الأحفورية –المحروقات– أو الطاقات النظيفة– الهيدروجين والطاقة الشمسية، ويسعى الطرفان لتعزيز هذه الشراكة أكثر مستقبلا بما يخدم المصلحة المشتركة.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه العلاقات بين البلدين تسير نحو التطور أكثر فأكثر، وما الاتفاق الأخير الموقع بين شركة سوناطراك والشركة الألمانية “في أن جي هاندل وفيرتريب جي إم بي أيش” الخميس المنصرم، على عقد إمداد بالغاز الطبيعي على المدى المتوسط، إضافة إلى التوقيع على إعلان نوايا مشترك حول التعاون في مجال الهيدروجين، وقبلها التوقيع على عديد من الاتفاقيات في مجال الطاقات النظيفة، إلا تأكيد على وجود توافق إيجابي، ورغبة في تطوير الشراكة.
كما أكد خبراء، أن هذه الشراكة بين البلدين، تعود بالمنفعة على كليهما، فبالنسبة للجزائر، يمكنها الاستفادة من الخبرة والتكنولوجيا الألمانية في مجال الطاقات النظيفة، أما بالنسبة لألمانيا فتعد الجزائر بالنسبة لها موردا موثوقا به.
أحمد طرطار: “هناك توافق إيجابي بين الجزائر وألمانيا في المجال الطاقوي”
قال الخبير الإقتصادي أحمد طرطار، إن هناك توافقا إيجابيا بين الجزائر وألمانيا في المجال الطاقوي، يسمح بتطوير علاقات التعاون والشراكة أكثر فأكثر مستقبلا.
وأوضح طرطار في تصريح لـ“الجزائر” أن مذكرة التفاهم التي وقعت مؤخرا كتتويج للزيارة التي قام بها وزير الاقتصاد والبيئة الألماني للجزائر، والتي تم بمقتضاها توقيع اتفاق لتورد الجزائر الغاز لألمانيا، تأكيد على أن مسار علاقات التعاون تسير نحو التطور.
وأضاف أن ألمانيا اليوم بحاجة للغاز، وهي ترى في الجزائر موردا موثوقا به وتعمل على تعميق علاقات الشراكة والتعاون معه في هذا المجال أكثر فأكثر.
واعتبر طرطار أن شراكة ألمانيا مع الجزائر في مجال الطاقة بمثابة بالغة الأهمية بالنسبة لألمانيا، أما الجزائر ووفق استراتيجيتها، فهي تعمل دائما على الرفع من نسبة إنتاج الطاقة، وهذا ما يجعلها قادرة على تلبية الطلب الألماني.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الشراكة بين البلدين شراكة مثمرة، وهذا أدى إلى بداية تشكيل علاقات متميزة في هذا السياق، والبحث عن شراكات أخرى في مجالات أخرى متنوعة من الطاقة، كالهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية، وهذا من شأنه تعزيز القدرات الوطنية في المجال التقني والمساعدة على التحكم في المهارات على المدى المتوسط.
ويرى المتحدث ذاته أن الغرض من هذا هو إتاحة نوع من الصناعية للآليات والمعدات التي تستخدم في مجال الطاقة الشمسية، وأيضا لنقل التكنولوجيات المتاحة في ألمانيا، سيما أن ألمانيا لها باع كبير في استخدام الطاقة الشمسية، وتطوير الطاقة.
مراد كواشي: الجزائر وألمانيا تسيران نحو بداية عهد جديد من الشراكة
من جانبه قال أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي، مراد كواشي، إنه تم الاتفاق منذ أيام بين الجزائر وألمانيا من أجل تزويدها بالغاز الجزائري، وهذه الإجراءات مهمة، وتصب في إطار تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين البلدين .
ويرى كواشي في تصريح لـ “الجزائر“، أن هذا التوقيع، بمثابة بداية عهد جديد بين الجزائر وألمانيا، سواء ما يتعلق بالطاقات الأحفورية، خاصة الغاز الطبيعي، أو فيما يتعلق أيضا بالطاقات البديلة، والدليل الاتفاقية التي وقعت بين الطرفين لتجسيد إنتاج الهيدروجين الأخضر، وكمرحلة أولى تم الاتفاق على إنشاء محطة نموذجية في وهران في أرزيو.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الجزائر تسعى لتلبية الاحتياجات الطاقوية من الطاقات الجديدة والبديلة لأوروبا بحوالي 10 بالمائة من احتياجات بلدان أوروبا، وهذا في غضون 2040، وهذا ما يسمح للجزائر بتحقيق مداخيل سنوية هامة.
ويرى كواشي أن العلاقات بين الجزائر وألمانيا تسير نحو عهد جديد وهناك فوائد مشتركة لكلا الطرفين، فالجزائر تسعى للاستثمار أكثر في الطاقات، سواء الأحفورية أو المتجددة، كما أنها ستستفيد من التكنولوجيا الألمانية، وسترفع من مداخليها من المحروقات، كما ستوفر مناصب عمل، والتوسع في إنتاج الطاقات البديلة، خاصة الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، والذي يسمح للجزائر بالإندماج أكثر في المواثيق الدولية المتعلقة بمحاربة التلوث وحماية البيئة، أما ألمانيا فسوف تجد شريكا موثوقا فيه.
للتذكير، فقد أكد الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، رشيد حشيشي، في تصريح له عقب التوقيع عقد الإمداد بالغاز الطبيعي على المدى المتوسط، على أهمية تعزيز الشراكة في مجال الطاقة مع أوروبا من خلال هذا العقد الهام مع شركة “في إن جي“، الذي يمثل بداية إمدادات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا، وقال إن هناك “إمكانات كبيرة لتطوير هذا التعاون التجاري بشكل أكبر وتوسيعه في المستقبل إلى مجالات أخرى من سلسلة القيمة، على غرار الهيدروجين“.
من جهته، أكد أولف هايتمولر، الرئيس المدير العام لشركة “في إن جي” قائلا: “ان هذا الاتفاق تم إبرامه بنجاح لإمداد بالغاز على المدى المتوسط مع سوناطراك.
وبذلك تصبح –في إن جي– أول مؤسسة ألمانية تشتري الغاز المنقول عبر الأنابيب من الجزائر“، وفقا للذات البيان.
وقال إن هذا العقد “يضع الأسس لعلاقة ثقة في مجال الإمداد، بما يفتح آفاقا جديدة ويعزز الشراكة الطاقوية الجزائرية الألمانية “
وعلاوة على ذلك، أكد الرئيس المدير العام لشركة “في إن جي” “أن الغاز الطبيعي الجزائري هو منتوج هام لضمان الأمن الطاقوي، لافتا أن شركة “في إن جي” تعتزم إقامة شراكة مع سوناطراك على المدى الطويل في مجال الهيدروجين واستيراد الهيدروجين الأخضر في المستقبل من الجزائر إلى ألمانيا.
وأضاف أن شراء الغاز الجزائري المنقول عبر الأنابيب نحو ألمانيا يشكل “تنويعا إضافيا لمحفظة مشتريات –في إن جي–، مما يعزز موقعها كشريك موثوق بالنسبة لزبائنها ويسهم بشكل كبير في تأمين إمداداتها“.
رزيقة.خ