– الشركات مدعوة لاستكشاف الأسواق الإفريقية واقتناص الفرص
عرفت الجزائر في السنوات الأخيرة انفتاحا اقتصاديا أكبر نحو القارة الإفريقية، وهذا لعدة دوافع، أهمها الرغبة في ولوج أسواق القارة باعتبارها امتدادا لهذا العمق، وتعزيزا للتجارة البينية الافريقية، وللرغبة في تحقيق تكامل اقتصادي و تعاون إفريقي إفريقي، سيما في ظل التنافس الكبير على القارة، غير أن خبراء اقتصاد يؤكدون على ضرورة أن تسعى الشركات الجزائرية والمتعاملون الاقتصاديون لاعتماد أنظمة رصد لاستكشاف الفرص وانتهازها في الوقت المناسب، بالنظر للتنافس الكبير على السوق الإفريقية باعتبارها سوقا واعدة وفتية.
وتعمل الجزائر على تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع الدول الإفريقية، سيما في الجانب الاقتصادي والتجاري، خاصة بعد انضمامها لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية، ولمبادرة التجارة الموجهة، في إطار التجسيد الفعلي لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، وما قدمه هذا الانضمام من مزايا، ومن تشجيع للتجارة البينية التي تعد لحد الآن ضعيفة بسبب مجموعة من المعوقات التي تعمل الدول الإفريقية من خلال هذه المنطقة على تذليليها.
والجزائر كجزء من المنطقة تسعى للاستفادة بأكبر قدر ممكن من المزايا المتاحة في ظل هذه المنطقة، سيما أن إفريقيا تعد سوقا واعدة وفتية، وقد عملت في الفترة الأخيرة على تعزيز عمقها الإفريقي، وترجم ذلك في الزيارات العديدة للمسؤولين في البلاد إلى العديد من الدول الإفريقية، وقيامها بفتح العديد من الخطوط البحرية والجوية مع عدد من دول القارة، وفتح معارض دائمة للمنتجات الجزائرية بعدد من دول القارة، وهذا إيمانا منها بضرورة تعزيز التعاون جنوب–جنوب.
في هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي مراد كواشي، إن التجارة البينية الإفريقية مهمة جدا لإفريقيا وللجزائر بالخصوص، سيما أن السوق الإفريقية واعدة، فهي تضم أزيد من مليار نسمة، كما أنها سوق غير متشبعة، على عكس الأسواق الأوروبية والآسيوية فهي متشبعة، ولها منافسة كبيرة.
واعتبر كواشي في تصريح لـ“الجزائر“، أن المنتجات الجزائرية بجودتها العالية يمكنها أن تنافس بقوة بداخل السوق الإفريقية، رغم المنافسة الكبيرة التي تفرضها منتجات العديد من الدول التي جعلت من هذه السوق بمثابة معركة، سيما بين كل من الصين، تركيا، الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الجزائر تمتلك نقاط قوة كبيرة تجعلها قادرة على اقتحام السوق الإفريقية وتعزيز التجارة البينية بينها و بين دول القارة، وأهمها القرب الجغرافي، فامتلاكها حدودا مع كل من موريتانيا التي تعد بوابة لغرب إفريقيا، إضافة الى النيجر ومالي اللتان تعدان كذلك بوابة للتوغل في العمق الإفريقي، عامل مهم ومساعد للغاية للتوغل أكثر نحو الجنوب.
وأوضح كواشي أن الجزائر تدرك جيدا هذه الأهمية، ما دفعها إلى فتح مناطق للتجارة الحرة، كما سارعت في فتح المعابر الحدودية، والاهتمام بالبنى التحتية من شق الطرق البرية نحو البلدان المجاورة إضافة إلى الطرق الخاصة بالسكك الحديدية.
غير أنه اعتبر أنه لكسب ثقة السوق الإفريقية والمستهلك الإفريقي، يجب على المنتج والمصنع الجزائري العمل أكثر على تحسين جودة المنتجات الوطنية، والاهتمام بالتوضيب والتغليف الذي أصبح يلعب دورا هاما في فرض منافسة منتج على منتج آخر، إضافة إلى العمل على التحكم في التكاليف أو ما يعرف بـ“إنتاج الحجم“، أي الإنتاج بكميات كبيرة من أجل تقليل التكاليف.
كما شدد أستاذ الاقتصاد بجامعة أم البواقي على ضرورة اعتماد المؤسسات الجزائرية أنظمة الرصد لاستكشاف الأسواق الإفريقية لمعرفة احتياجاتها ونوعية المنتجات التي يكثر عليها الطلب، ودراسة السعر والجودة، وهذا لرصد كل الفرصة التي تظهر في هذه السوق من أجل انتهازها في الوقت المناسب.
للإشارة، كان وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، قد أعلن منذ أسبوع، عن احتضان الجزائر للطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، التي ستقام في سبتمبر2025 ، وهذا يعود بالدرجة الأولى “للمكانة التي تحظى بها الجزائر اقتصاديا، ولمواقفها من خلال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي يؤكد أن الجزائر بلد سلام تدعم كل ما يساهم في الاستقرار عن طريق الاقتصاد والتجارة“.
رزيقة. خ