أكد المجلس الإسلامي الأعلى على عدم جواز “الحرقة” شرعا، باعتبارها تؤدي إلى “التهلكة” وباعتبارها” هجرة متوحشة”، ولما تتضمنه من مخالفات وما يترتب عنها من إذلال للنفس وتعاون على الغش والتزوير، وطالب الحكومة بإنشاء وزارة للهجرة حتى تتكفل الدولة بالتعاقد مع الدول الأخرى التي هي بحاجة لطاقات والتي تراها- أي الدولة- غير معطلة للجانب الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لها.
وقال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ابو عبد الله غلام الله، أمس، في كلمة له خلال ندوة حول الهجرة الشرعية ومخاطرها، نظمت بمقر المجلس نشطها العديد من الخبراء، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية آو “الحرقة” هي ظاهرة مؤلمة جدا ولا يمكن الاستهانة بها، وعلى المختصين طرحها بجدية وبإخلاص بهدف البحث عن حلول لها ولا يجب استغلالها لإظهار القدرات على النقد و توجيه الاتهامات، واعتبر أن الحرقة” لا تجوز شرعا، غير انه تحاشى استخدام كلمة “حرام” و اكتفى بتأييد الموقف الذي يقول أنها “لا تجوز لأنها تؤدي إلى التهلكة-أي الموت”.
وبخصوص إضراب الأطباء المقيمين والأستاذة، عاد علام الله ليؤكد على تصريحاته السابقة في هذا الشأن و قال” أعيد طرح السؤال على هؤلاء المضربين ، هل يجوز لهم تقاضي رواتبهم و هم لا يقدمون عملا؟” .
من جانبه قال كمال بوزيدي عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى ورئيس لجنة الإفتاء به، أن الهجرة السرية آو “الحرقة” لا تجوز شرعا ، و قال أن هناك حيثيات يجب إيضاحها تتعلق بعدم شرعيتها و أخطارها، ومنها مخالفة ولي الأمر، وهذا “غير جائز”، وكذا لما يكون في صورها ما يعرض النفس إلى المخاطر و الهلاك، وقال أن الفقهاء اجمعوا على أن ركوب البحر وهو في حالة ارتجاج لا يجوز، إضافة إلى ما يترتب عن هذا النوع من الهجرة من إذلال للنفس، وما تسببه من خلط للمعاهدات الدولية التي تنظم الدخول و الخروج من بلد لأخر، إضافة إلى ما يكون في بعض صورها من تزوير وغش للسلطات ، وأضاف بوزيدي أنه صحيح أن الظلم والحقرة التي قد يتعرض لها الشباب هي “حرام ولا تجوز” لكن يجب عليه البحث في سبل للعمل و الرزق بدلا من الهجرة غير الشرعية غير الجائزة له.
هذا ما تسببه “الحرقة” من خسائر للاقتصاد
من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد المجيد قدي أن موضوع الهجرة غير الشرعية معقد تتداخل فيه عديد من العوامل الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية و السياسية، و أضاف أنها ظاهرة ليست جديدة في العالم، لكن الجديد بالنسبة للجزائر هو الحجم المتزايد لهذه الظاهرة و الوسائل المستخدمة فيها ، فبعد أن كانت الجزائر مركز عبور أصبحت مصدر للمهاجرين، وربط قدي الهجرة السرية للشباب الجزائري لأوروبا بعاملين الأول يتعلق بالاقتصاد الأوروبي و الثاني بالاقتصاد الجزائري، فما تعلق بالعامل الأول هو النظرة الموجودة في أدهان الشباب للعالم الغربي ، وهي صورة خاطئة كون اقتصاد أوروبا يعيش هو الآخر أزمة حقيقة تزداد فيها نسبة البطالة ، وتراجع في نسبة النمو، إضافة إلى نقطة أخرى و هي رغبة بعض الجهات الأوروبية استغلال المهاجرين غير الشرعيين في شبكات الدعارة و الاتجار بالأعضاء ، إضافة إلى أن الاقتصاد الأوروبي يضمن اقتصاد موازي ضخم يتطلب يد عاملة ملائمة له تتمثل في المهاجرين السريين، و أضاف أن الهجرة السرية ارتبطت أيضا بتهريب المخدرات و تسويقها في أوروبا وقنوات تهريب المخدرات هي نفسها قنوات تهريب المهاجرين غير الشرعيين، أما عن العامل الثاني المرتبط بالاقتصاد الوطني وعلاقته ب”الحرقة”فيقول الباحث الاقتصادي انه يتعلق بارتفاع نسبة البطالة وتدهور مستوى المعيشة، إضافة إلى تدني الخدمات التي تقدمها الإدارة في ظل الطموحات الكبيرة للشباب، وهو ما يشعرهم باليأس، وعدد قدي الخسائر الكبيرة التي تلحق بالاقتصاد الوطني جراء الهجرة غير الشرعية ، و في مقدمتها حرمان المجتمع من طاقات و قدرات تمكنه من التطور، خصوصا و أن من بين ال”الحراقة” عدد كبير من المتعلمين، وهذا- يضيف المتحدث ذاته- خسارة كبيرة أيضا للاقتصاد لان الدولة تنفق أموالا كبيرة في مجال التعليم و التكوين ليستفيد في الأخير الغير من إبداعات هذه الطاقات التي تهاجر، إضافة إلى أن هذه الظاهرة تساعد على انتشار النشاطات الطفيلية” اقتصاد سري ، تجارة مخدرات…” و اعتبر أن الحلول لهذه الظاهرة مرتبطة بمعالجة أسبابها.
رزيقة.خ
في ندوة للمجلس الإسلامي الأعلى::
الوسومmain_post