الجمعة , مايو 17 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / حسب قراءات أولية لمسودة قانون المالية 2019:
السلطة تريد هدنة مع الجبهة الاجتماعية

حسب قراءات أولية لمسودة قانون المالية 2019:
السلطة تريد هدنة مع الجبهة الاجتماعية

 

أكدت مسودة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة 2019 التي تم تسريبها للإعلام بما لا يدع للشك أن السلطة اختارت العام المقبل المرتبط بالرئاسيات “عام هدوء اجتماعي” بالنظر إلى احتفاظ الحكومة بسياسة التحويلات الاجتماعية وعدم الزيادات في الضرائب مثلما كان عليه الحال في السنوات القليلة السابقة.
أقرت الحكومة ضمن مسودة قانون المالية للسنة المقبلة زيادات قياسية في حجم التحويلات الاجتماعية، في توجه اقتصادي مفاجئ يعاكس تماما توجهات التخلي التدريجي عن سياسة الدعم التي كثيرا ما صرح بها وزير المالية عبد الرحمن راوية، وحسب ما تطرحه الوثيقة الحكومية في صيغتها الأولى فإن قانون المالية للسنة المقبلة سيتجنب رفع الضرائب والرسوم الجبائية، على عكس ما جرت عليه العادة في السنوات التي صاحبت أزمة أسعار برميل النفط، منذ منتصف سنة 2014، وهو ما قد يرجع لاعتبارات أساسها مرتبطة بارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات مرتفعة نسبيا كما يقول بعض الخبراء، وثانيا الخوف من إثارة الجبهة الاجتماعية وتهييجها وهي موجودة أصلا على صفيح ساخن، تنتظر عود ثقاب واحد لإشعالها، وأيضا تزامن السنة المقبلة مع استحقاقات مهمة كالانتخابات الرئاسية التي كان لديها أثر البالغ في تحديد مواد قانون المالية 2019 كما يعتقد البعض حيث أن السلطة تريد تقديم ضمانات للمواطنين بعدم المساس بالقدرة الشرائية مقابل تمرير هذه الانتخابات بكل هدوء.
ويعتبر ملف الدعم أحد الأوراق المهمة لدى الحكومة ولطالما شكلت هذه القضية تناقض كبير في التصريحات بين الوزراء والوزير الأول ليس فقط في فترة أحمد أويحيى وإنما تتعدى ذلك إلى فترة الوزير الأول السابق عبد المالك سلال ثم عبد المجيد تبون ما يؤكد قراءة تداولها الكثيرون مفادها وجود تخبط لدى التسيير الحكومي بخصوص مسألة الدعم والتحويلات الاجتماعية، وهو ملف حساس في الجزائر نظرا لعلاقته المترابطة بالسلم الاجتماعي وضرورة تحقيقه على أرض الواقع لتمرير كل سياسات الحكومة بهدوء تام ومن دون ضجيج قد يعكر عليها مخططاتها.
ومن المنتظر أن تعمل الحكومة على الحفاظ على عدة أوراق في يدها لمسك الجبهة الاجتماعية وعدم التفريط في سكينتها حيث ستواصل الحكومة حسب وزير السكن إنجاز المشاريع السكنية بمختلف الصيغ، كما أن هناك مؤشرات عديدة قدمتها النقابات المختلفة مبرزة نيتها الذهاب نحو تهدئة الساحة بشرط قبول الوصايات التعامل الجدي وفرض منطق الحوار مع مختلف النقابات المستقلة الممثلة للنسيج الاجتماعي في البلاد.
كما أن هناك مؤشر لا يقل أهمية في مخطط السلطة من أجل خلق مناخ من الهدوء قبل انتخابات الرئاسة المقبلة وهو الذهاب نحو تغيير حكومي شامل، وهذا العامل يبقى مهما لإعادة نفخ الروح داخل جسد العمل الحكومي الذي يعيش اليوم وضعا صعبا بالنظر إلى عدة أزمات أهمها استفحال وباء الكوليرا في عدة ولايات من وسط البلاد، مخلفا موتى وعشرات المصابين، مع عدم قدرة وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مختار حسبلاوي في تهدئة النفوس إضافة إلى غياب كلي للوزير الأول أحمد أويحيى الذي لم يتحدث لحد الساعة حول القضية ولم يعقد مجلسا حكوميا واحدا لمعالجة أزمة صحية خطيرة على سمعة الجزائر.
وفي تقدير الدكتور يوسف بن يزة المحلل السياسي فإن الحكومة “اختارت مهادنة الجبهة الاجتماعية خلال السنة المالية المقبلة مضطرة ولم يكن تصرفها مبني على معطيات واقعية تتعلق بالتوازنات الاقتصادي الكلية”، ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة باتنة يوسف بن يزة في اتصال مع “الجزائر” أن الحكومة ذاتها “تعتمد تكتيكا متعدد الأبعاد منها ما هو سياسي ومنها ما هو اجتماعي وآخر اقتصادي، فأما البعد السياسي فهو كما يعلم الجميع يتعلق بالاستحقاق الانتخابي المفصلي المقبل، حيث عودتنا الحكومة على تغيير سلوكها الجبائي خلال المواسم الانتخابية حتى تتجنب المقاطعة الشعبية للانتخابات، وحتى تتجنب استغلال المعارضة لتلك الزيادات خلال الحملات الانتخابية كما كانت تفعل من قبل”، ويضيف المتحدث “أما البعد الاقتصادي فيتعلق بتحسن ملحوظ في الصحة المالية للخزينة العمومية التي استقطبت مبالغ مهمة بعد طبع مئات الآلاف من الملايير وفق آلية التمويل غير التقليدي كما أنها اغتنت من الزيادات والضرائب المفروضة خلال السنتين الماضيتين، في حين استعاد الميزان التجاري عافيته بعد الارتفاع المتواصل لأسعار البترول على فترات طويلة”.
واعتبر يوسف بن يزة في قراءته لمسودة المشروع الحكومي أن هذه المؤشرات تجعل الحكومة “مرتاحة ماليا نوعا ما ولكن هذه الوضعية ستظل ظرفية في المدى القصير بما أن الاقتصاد الوطني لم يتحرر بعد من التبعية لأسعار المحروقات، حيث من المتوقع أن تتفاقم الأوضاع خلال السنوات الخمس المقبلة بفعل التضخم الكبير الذي سيؤدي لارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية وفي حالة تدحرج أسعار النفط من جديد”.
وبخصوص البعد الاجتماعي فيرى المحلل السياسي ذاته أن الحكومة “راغبة في الحفاظ على ما تبقى من الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد المجتمع والحافظة على السلم الاجتماعي، وهذا ما يفسره رغبتها في ضخ المزيد من المساعدات الاجتماعية التي تثقل كاهل الميزانية ولا يمكن تبريرها اقتصاديا، مع ذلك فهي تؤدي وظائف هامة في شراء السلم الاجتماعي وتأجيل الانفجارات الاجتماعية المتوقعة بفعل الغلاء ومخلفات الأزمة الاقتصادية الأخيرة”.
إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super