الإثنين , ديسمبر 23 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / أستاذ العلوم السياسية محمد هناد لـ "الجزائر":
“المعارضة في الجزائر تسبح في حوض ناشف”

أستاذ العلوم السياسية محمد هناد لـ "الجزائر":
“المعارضة في الجزائر تسبح في حوض ناشف”

على بعد 9 أشهر فقط من انطلاق أهم سباق انتخابي في الجزائر وهو انتخابات الرئاسة لا يزال الغموض سيد الموقف، ففي ظل دعوات محيط الرئيس بوتفليقة إلى الاستمرارية، وهو أمر طبيعي، لم تظهر قوى أخرى لتتخذ من هذه المناسبة فرصة لفتح نقاش سياسي حول واقع ومستقبل البلاد مما قد يحكم على الاستحقاق المقبل بالعقم السياسي على غرار الاستحقاقات البرلمانية والمحلية الأخيرة. وبالموازاة يسود القلق الطبقة السياسية والرأي العام الداخلي دون أن يترجم إلى ديناميكية تخرج البلاد من حالة الانسداد بحيث تتهم قوى المعارضة السلطة بغلق اللعبة السياسية وهي التهمة التي ترفضها قوى الموالاة وتفسرها بعجز المعارضة عن التعبئة الشعبية وتقديم البدائل لما هو قائم. وبين هذا وذاك تسعى الأطراف الإسلامية إلى الطلاق مع “الطلاق الرجعي” مع السلطة في حين دعت مجموعة من الأحزاب والناشطين السياسيين والحقوقيين إلى عدم ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة جديدة. وبغرض استجلاء بعض من نقاط الغموض والغوص في هذا القلق الجزائري اقتربنا من الأستاذ محمد هناد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر فكان لنا معه هذا الحوار الذي قدم فيه رؤيته لواقع ومآل الأحداث وفق ما يتوفر اليوم من معطيات.

– بالرغم من بعض التحركات المحتشمة على الساحة السياسية إلا أن الهدوء أو لنقل “الستاتيكو” والترقب هو سيد الموقف وقد بدأ العد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية. إلى ماذا يعود هذا الهدوء في نظرك؟
محمد هناد: معذرة، لا أرى أي تحرك سياسي يُذكر! من المؤسف أن نجد الحياة السياسية في بلادنا تُختصر إلى مجرد ترقب للمواعيد الانتخابية. فما أن نفرغ من إجراء انتخابات حتى نبدأ الحديث عن انتخابات أخرى ستليها. هذا ما يسمى بالسباحة في حوض ناشف! لذلك أستطيع أن أقول إن التحرك السياسي اليوم لا تحرك قد يخفي لنا ما لم نكن نتوقعه. كلنا نحس بذلك التهيج الذي يطبع تصرفات المواطنين اليومية ولا ندري عواقبه. ومع ذلك، هناك انشغالات حقيقية حول تطور الأوضاع في منطقة القبائل وبعض المناطق الجنوبية من الوطن. أما ما تسمونه بالعد التنازلي لموعد الانتخابات الرئاسية، ترى أي جديد سيحمله هذا الموعد للحياة السياسية في الجزائر؟ لا شيء! مادام السيد عبد العزيز بوتفليقة حيا، سيبقى هو الرئيس، شئنا ذلك أو أبينا ! أما إذا توفي، فربما سيخلفه واحد مثل السيد ولد عباس ! لمَ لا؟

– نحن مقبلون على استحقاق رئاسي هام في وضع يتميز بأزمة مالية وتهديدات خارجية غير معلنة وصراع حول الهوية والمرجعية الدينية إضافة إلى ضعف أداء الطبقة السياسية. إلى أي مدى يمكن أن تمثل هذه الانتخابات حلا أو وسيلة لتجاوز هذه الوضعية؟
تقولون “استحقاق رئاسي هام”؟ ترى، أين تكمن أهميته؟ لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان حاملا لعنصر المفاجأة، وهذا العنصر مفقود فيه حاليا، لاسيما وأن المعارضة لم تستطع بعد أن تتفق على طريقة لتجاوز الوضع القاتل السائد في البلاد. أما الأزمة المالية، فهي حقيقية ولا يبدو أي حل لها في الأفق لأن البلد، بحكامه ومحكوميه، لا يدري بعد أنه حان وقت فطامه عن ريع المحروقات. هذا، ويظل خبراء ومحللون ومسؤولون في مؤسسات مالية دولية يحذرون الحكومة الجزائرية من بعض الأخطار الناجمة عن سوء التسيير، لاسيما اللجوء إلى “السبل غير التقليدية” (طبع النقود) لتعويض شح الأموال. أما “التهديدات الخارجية”، فلا أراها اللهم إلا من باب تأزم الأوضاع الداخلية. وأما الصراع حول الهوية والمرجعية الدينية، فأظل مقتنعا أن لا طائل وراءه وأنه مجرد اختلاق الغرض منه استغلال وسيلة الدين والهوية للمغالبة السياسية.

– انقسمت الطبقة السياسية حول المسلك الذي تأخذه بمناسبة الرئاسيات القادمة بينما دعا الإسلاميون إلى الحوار والتوافق تدعو أطراف من المعارضة الرئيس بوتفليقة إلى عدم الترشح في حين التزم آخرون الصمت. ما هي الخارطة التي يمكن أن تفرزها الاستحقاقات القادمة؟
مثلما أشرت منذ حين، لا يمكن أن ننتظر أي جديد. دار لقمان ستظل على حالها ما لم يحصل أي تغيير في موازين القوى المعتادة. طبعا، لا نستطيع إلا أن نحزن على عدم تمكن المعارضة بعد من الاتحاد على قاسم مشترك يخرج البلاد من حالة الانسداد العام التي وصلت إليها. أما في ما يخص الإسلاميين، أحب أن أنتهز هذه الفرصة للإشارة إلى أننا قد نكون بصدد تبلور اتفاق بين نظام الحكم و”الإسلاميين”. ولا غرو في ذلك مادامت القوتان تسلطيتان أصلا. أما الذين يدعون السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى عدم الترشح لعهدة خامسة، فلا أظنه دعاء مستجابا. أتعجب كيف لا يدرك هؤلاء أن الأمر بالنسبة إليه ومحيطه يمكن اختصاره هكذا “مادامو حي ما عندو وين يروح !”

– أثار فرحات مهني موجة انتقادات لدى رفقائه السابقين من الحركة الثقافية البربرية بعد دعوته إلى تشكيل مليشيات لفرض الأمن والنظام في منطقة القبائل تكون بديلا لأجهزة الأمن. هل هي دعوة معزولة أم أنها تأتي في سياق عملية ممنهجة تستهدف الاستقرار؟
من الواضح أن ما دعا إليه السيد فرحات مهني جاء على أساس اتفاق مع محيطه لأن المسألة متعلقة ببرنامج سياسي جماعي. ما يمكن قوله هو إن الدعوة لإنشاء “جهاز للقهر” (« un corps de contrainte ») الغرض منه هو الحلول محل أجهزة “السلطة الاستعمارية”، ويأتي “كمرحلة جديدة نحو تحقيق استقلال منطقة القبائل” كما صرح الزعيم الانفصالي. طبعا، هذا النداء يتحدى سلطة الدولة ويتعارض مع النظام العام. لكن لا غرابة في ذلك لأن حركة فرحات مهني تطبق نفس السياسة التي بدأت جبهة التحرير الوطني تطبقها بعد 1954. المشكل يكمن في أن الدعوة إلى إنشاء جهاز أمني يتحدى سلطة الدولة من شأنه أن يحوِّل القضية من قضية سياسية إلى قضية أمنية. والجزائر في غنى عن المزيد من المآسي.

– ساد في الأشهر الأخيرة نوع من الاضطراب في سير عمل الجهاز التنفيذي حيث ظهر عدم التنسيق بين قرارات الوزير الأول وقرارات الرئيس سواء ما تعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص أو ما تعلق بقانون المالية التكميلي وغيرها من القضايا. إلى ماذا يعود هذا الاضطراب في نظرك؟
قبل أيام، كتبت حول هذه المسألة بنوع من السخرية فوصفت السيد أويحيى بالوحش وفخامته بزورو Zorro منقذ المساكين من براثنه. لا شك أنكم لاحظتم الكثير من التردد في اتخاذ القرار وفي ضبط ميزانية الدولة؛ مما استدعى العودة إلى اللجوء إلى “قانون مالية تكميلي”. مثل هذه التصرفات سلبية جدا لأنها تدل إما على “صراع الأجنحة داخل السلطة”؛ مما يعوق العمل الحكومي، أو على الارتجال الذي يعني غياب الجد أو المهنية. مثل هذا الوضع من شأنه أن ينال من سمعة الدولة الجزائرية ويبعث برسائل لا تبشر بالخير، داخليا وخارجيا.

– دعا الوزير الأول المصدرين الجزائريين إلى التعامل مع الأقدام السوداء بفرنسا للبحث عن أسواق للمنتجات الجزائرية وهو الموقف الذي أثار انتقاد المنظمة الوطنية للمجاهدين بينما أيده الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني. هل هناك اتجاه في السلطة لتجاوز عقبات الذاكرة في العلاقات مع فرنسا؟
صراحة، لم أفهم استنكار المنظمة الوطنية للمجاهدين (الريعية) دعوة السيد أحمد أويحيى رجال الأعمال الجزائريين إلى الاعتماد على قدامى الجزائريين لاقتحام الأسواق الدولية لأنها دعوة معقولة جدا وتتطلبها خدمة المصلحة الوطنية من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، لاسيما وأن هؤلاء “الجزائريين بالمولد” يظلون يحنون إلى ما يعتبرونه وطنهم ومن ثمة لعلهم مستعدون للعمل في مصلحته بشكل من الأشكال. من المؤسف أن نبقى أسرى الماضي بعد مرور أكثر من نصف قرن على استقلال البلاد.

حاوره احسن خلاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super