بعد الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة التي ستعقد اليوم الأحد، أول اجتماع لها، سيكون رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في مواجهة مع المهمة الثانية والتي وصفها خلال حملته الانتخابية ولدى تنصيبه بـ“أولوية الأولويات” وحجر الأساس لبناء الجمهورية الجديدة.
ذكر الرئيس عبد المجيد تبون خلال مراسيم تنصيبه يوم 19 ديسمبر الفارط، أن تعديل الدستور “يعد حجر الأساس لبناء جمهورية الجديدة الذي سيكون خلال الأشهر المقبلة، بما يحقق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك بحيث ستقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحمي البلد من الحكم الفردي ويضمن الفصل بين السلطات ويخلق التوازن بينها”، وتابع رئيس الجمهورية: “هناك التزامات قطعتها وسيكون تنفيذها على منهجية قوامها التوافق والتشاور ومنها تعديل الدستور لبناء جمهورية جديدة”، وأضاف: “الدستور الجديد سيقلص من صلاحيات الرئيس الذي ينتخب لعهدتين فقط من أجل عدم السقوط في الحكم الفردي كما أن الدستور سيفصل بين السلطات ويوازن بينها وهذا الدستور لا يمنح للفاسد أي حصانة ويمنح حق الإعلام وحقوق الإنسان وحق التظاهر وسيشدد على مكافحة الفساد”.
ورغم أن تعديل الدستور موصوف بـ”الأولوية” من طرف بعض خبراء القانون الدستوري لكونه حامل لمعالم شخصية الدولة مستقبلا واللبنة الأولى لتجسيد التغيير غير أن البعض أصر على ضرورة أن يسبقها حوار مع الحراك الشعبي في محاولة لبناء الثقة بين الشعب والسلطة وتوفير البيئة الملائمة للوصول لدستور يشارك فيه الجميع ويكون على مقاس الشعب لا الأشخاص.
المحلل السياسي عبد الرحمن بن شريط:
“لابد من تعديل الدستور لأنه أولوية“
اعتبر المحلل السياسي عبد الرحمن بن شريط أن تعديل الدستور “يعد الآن الأولوية الثانية للرئيس عبد المجيد تبون بعد الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة”، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه “لابد من فتح ورشة “القانون الأول للبلاد” في أقرب وقت ممكن، لكونه سندا لرئيس الجمهورية في تجسيد التغييرات التي تحدث عنها في وقت سابق.
وقال عبد الرحمن بن شريط في تصريح لـ” الجزائر “: “بعد أن تم الكشف عن تشكيلة الحكومة الحديدة فإن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون سيكون في مواجهة الأولوية الثانية وهي تعديل الدستور لكونه يعتبر اللبنة الأولى لتجسيد التغيير وإحداث القطيعة مع الممارسات والسياسات السابقة”، وتابع المتحدث في السياق ذاته: “تعديل الدستور يعد أولوية الآن لأنه سيكون سندا لرئيس الجمهورية في تجسيد التغييرات والالتزامات التي تعهد بها وستكسبه مشروعية”، وأضاف: “تعديل الدستور يشكل أولوية لكونه سيحمل شخصية الدولة مستقبلا من نظام الحكم وصلاحيات الرئيس وتوازن السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وغيرها من التغييرات التي ينبغي أن تفتح مشاورات حولها للوصول لدستور الشعب بعيدا عن قانون خادم لأقلية أو شخص”.
الخبير في القانون الدستوري خير الدين بوسماحة :
“فتح حوار مع الحراك قبل ورشة الدستور“
من جانبه، أبرز الخبير في القانون الدستوري بجامعة وهران خير الدين بوسماحة أن “تعديل الدستور وإن يشكل أولوية المرحلة غير أنه ينبغي أن يكون مسبوقا بحوار مع الجميع وبخاصة الحراك الشعبي في محاولة لاستعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم وهو الذي من شأنه توفير بيئة مناسبة لفتح ورشة حول القانون الأول في البلاد”.
وأوضح بوسماحة أن الذهاب لفتح ورشة تعديل الدستور دون المرور عبر حوار جاد ومسؤول يبني جسور الثقة من جديد بين الشعب والسلطة هو بمثابة مغامرة وتكرار للممارسات السابقة والوقوع في الأخطاء السابقة والتي أنتجت دستورا مليئا بالفراغات والثغرات لأنه قانون كان على مقاس شخص واحد وصلاحيات بيد رجل واجد وكانت النهاية وضع البلاد في “أزمة ” وقال بوسماحة: “ليس هناك اختلاف على أولوية تعديل الدستور بوصفه اللبنة الأولى لتجسيد التغيير والذهاب للجمهورية الجديدة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية غير أن الأمر ينبغي أن تسبقه أولوية والمتمثلة في فتح حوار شامل وجاد مع كل الآراء الفاعلة في المجتمع وعلى رأسها الحراك الشعبي في محاولة لبناء جسور الثقة بين الشعب والسلطة لتكون البيئة والظروف مهيئة لفتح ورشة الدستور هذا الأخيرا لذي ينبغي أن يكون مختلفا عن الدساتير السابقة بحيث يكون دستور شعب لا دستور شخص واحد”، وتابع في السياق ذاته: “إذا كان تعديل الدستور أولوية ففتح حوار جاد وفعال مع الحراك الشعبي هو أولوية الأولويات للذهاب لدستور يكون للجميع رأي ومقترح فيه وحتى المشاورات حوله تمنح فيه الأولوية للحراك الشعبي لتجسيد مطالبه وتأتي الطبقة السياسية في المرتبة الثانية على أن تكون الصيغة النهائية للخبراء والأكاديميين”.
زينب بن عزوز