أكد الوزير الأول وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن أن الإستراتيجية الجديدة التي أقرّها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون تهدف إلى إعادة تموقع بلادنا على الصعيد الدولي واسترجاع مكانتها وفقا لرؤية مدروسة وواضحة ترتكز على مبادئنا الثابتة وقيمنا الراسخة وتعمل على تحقيق مصالحنا والحفاظ على أمننا الشامل، مشيرا إلى أنه ومن أجل ذلك تسعى بلادنا لتحقيق تنمية حقيقية تحررنا من التبعية والحاجة وتسمح لنا بأن نكون فاعلين ومؤثرين في المعادلة الدولية.
وذكر الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان أمس الثلاثاء، في اليوم الثاني من أشغال مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية: “هذه المبادرة بتنظيم ندوة لرؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية لتكون تقليدا جديدا يؤسس لخلق فضاء للتنسيق والتوجيه من أجل تجسيد سياسة خارجية فعالة”.
وتابع :”أنها مناسبة للتأكيد على أهمية البالغة التي توليها الحكومة للدبلوماسية إدراكا منها للدور الكبير الذي تلعبه في المساهمة في إنجاح مسار الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي باشرتها الجزائر والتي تتطلب انفتاحا اكبر على العالم الخارجي”.
وأضاف: “هنا يكمن الدور المحوري للدبلوماسية بصفة عامة والدبلوماسية الإقتصادية بشكل خاص في ضمان الاستفادة من اتجاهات الإقتصادي العالمي وتفادي تأثيراتها السلبية لاسيما على الإقتصاد والتجارة الوطنيين وكذا تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة أساسا في جذب الاستثمار وترقية الصادرات خارج المحروقات خدمة لبناء النموذج الإقتصادي الجديد القائم على التنويع”.
وأشار بن عبد الرحمان “وضمن هذا المسار جاء برنامج رئيس الجمهورية بمشروع شامل ومتكامل يقوم على رؤية مستقبلية واضحة تستفيد من الدروس المستخلصة من الأزمات ومن مختلف التحولات التي يعرفها العالم على جميع الأصعدة والاستغلال الأمثل للموارد الهائلة التي حبانا بها الله”.
وفي هذا الشأن، أكد الوزير الأول بأن “الحكومة باشرت ببرنامج إصلاح هيكلي شامل لاسيما في قطاعات الطاقة والمناجم الانتقال الطاقوي الفلاحة والصناعات الغذائية والصناعة الصيدلانية والسياحة وغيرها من الميادين التي تضمن الأمن القومي بمفهومه الشامل والذي أصبحت تتطلع له جميع الدول مستلهمة العبر والدروس من الأزمة متعددة الأبعاد التي خلفتها الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا”.
مطالب للبعثات الدبلوماسية بالإصغاء إلى انشغالات الجالية ومرافقة الكفاءات الوطنية
وأكد بن عبد الرحمان على الدور الهام للجالية الوطنية بالخارج في تنمية البلاد داعيا البعثات الدبلوماسية إلى التكفل أكثر بانشغالات هذه الشريحة من أبناء الجزائر والتي تضم عددا كبيرا من الكفاءات والباحثين والأساتذة و أشار إلى أن الجالية الجزائرية التي تضم عددا متزايدا من الكفاءات والباحثين والأساتذة والخبراء رفيعي المستوى، ابدوا استعدادهم للمساهمة في ضمان دورات تكوينية عالية المستوى في الجزائر.
وشدد المسؤول ذاته على أنه “يتعين العمل على استكمال مشروع البوابة الالكترونية المخصصة للكفاءات الوطنية بالخارج قصد تسهيل مساهمتها في تطوير مختلف الميادين لاسيما التقنية والتكنولوجية والعلمية والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال والذكاء الاصطناعي وغيرها من ميادين اقتصاد المعرفة”.
وأضاف: “ولكي تساهم جاليتنا بشكل طوعي ومنظم في مسار التشييد وبناء الوطن، فهي في حاجة إلى استرجاع الثقة وهنا أود التذكير بأن هذه المسألة تعتبر أولوية الأوليات في برنامج السيد رئيس الجمهورية لأن نجاح أي برنامج تنموي مرهون بمدى قبوله من طرف النخبة والمواطن وانخراطه في مسعاه”.
إصلاح المنظومة المصرفية والمالية وعصرنتها
وأبرز بن عبد الرحمان “كما تعمل الحكومة ضمن تنفيذ مخطط عملها على إصلاح المنظومة المصرفية والمالية و عصرنتها وتعكف على تحسين جاذبية مناخ الاستثمار من خلال مراجعة عميقة لقانون الاستثمار بما يجعله يتماشي وسياسة الدولة الرامية للتنويع الاقتصاد وزيادة الصادرات خارج قطاع المحروقات مثلما تهدف هذه المراجعة للتكفل بمختلف انشغالات المتعاملين الإقتصاديين ولرفع المعوقات والعراقيل التي تحول دون تحقيق مشاريعهم الاستثمارية وفق نظرة استشرافية تأخذ في الحسبان التحولات التي يعرفها الاقتصاد الوطني وحركة الاستثمارات الاجنبية حتى نضن استقرارا أكبر للمنظومة القانونية المؤساساتية المتعلقة بالفعل الاستثماري ووضع مناخ اعمال اكثر ملاءمة يوفر فرص حقيقية للاستثمار وبيئة جذابة تتميز بالوضوح والشفافية وتسودها الثقة بين المستثمر ومؤسسات الدولة”.
وذكر: “وهنا ينبغي التأكيد على أن ممثلياتنا الدبلوماسية مطالبة بان تقوم بعمل استباقي اكبرو تتحلى بمزيد من اليقظة وأن تكون في مستوى ما تقتضيه متطلبات المرافقة الجيدة للإقتصاد الوطني على مستوى البيئة الإقتصادية الدولية و ذلك بالمبادرة بالبحث عن شركاء حقيقيين و جديين ومستعدين للعمل وللتعامل وفق مبدأ ” رابح – رابح”.
الكثير من التقارير “مغلوطة ومجانبة للصواب”
وأشار إلى أن الحكومة تعكف على استكمال إنشاء آلية مكلفة بإدارة وتنسيق عمليات تحسين مناخ الأعمال والعمل على إعطاء صورة حقيقية عن تطور أوضاع بيئة الأعمال في الجزائر والعمل على تصحيح بعض الصور النمطية المتداولة لدى بعض الترتيبات الدولية في مجالات تنافسية الإقتصاد والتجارة والابتكار والبحث العلمي وغيرها، والتي قال إنها “لا تعكس الكثير منها حقيقة المؤشرات الإقتصادية الوطنية وذلك من خلال متابعة دقيقة لهذه الترتيبات الدولية والحرص على وصولها للمعلومة الصحيحة والرسمية بدلا من الإتكال على تقارير مغلوطة ومجانبة للصواب”.
وذكر في هذا الصدد :”يجب أن تولي ممثلياتنا الدبلوماسية والقنصلية أهمية خاصة لهذا العمل لكونه يتصل مباشرة بترقية صورة الجزائر على الصعيد الدولي وبتفادي الإضرار بمصالحها جراء مثل هذه الصور المغلوطة التي تنفر الإستثمار الأجنبي”.
دعوة الممثليات الدبلوماسية للعب دورها المحوري في ملف استرجاع الأموال المنهوبة
وأبرز الوزير الأول وزير المالية بأن رئيس الجمهورية التزم وأكد في العديد من المناسبات على محاربة الفساد بدون هوادة وعلى استرجاع الاموال المنهوبة التي تم تهريبها خارج الوطن، مشيرا إلى أنه أقرّ لأجل ذلك مقاربة شاملة كما قرر إنشاء لجنة من الخبراء تعمل تحت إشرافه لمباشرة ومتابعة هذا الملف.
وقال في هذا السياق: “تجسيدا لهذا الالتزام فإن ممثلياتنا الدبلوماسية مطالبة بتجنيد بشكل تام لأداء دور محوري في هذا الإطار لاسيما من خلال تكثيف الاتصالات مع السلطات الأجنبية المعنية لتتبع مآل مختلف الإنابات القضائية وطلبات التعاون القضائي التي أصدرتها سلطتنا القضائية والحرص على تنفيذها من قبل الدول المعنية”.
وتابع: “وذلك إلى جانب المساهمة مع الجهات الوطنية والأجنبية المختصة في رصد وتحديد هذه الأملاك وتنفيذ الإجراءات المتخذة بصددها بكل ما يتطلبه هذا النوع من الملفات من سرعة وفعالية تجنبا لكل محاولات تبديد هذه الأموال”.
التعريف بالمنتوج الوطني ومرافقة المصدريين وتشجيع الإستثمار
وعرج بن عبد الرحمان على الأهداف الإستراتيجية التي سطرتها الحكومة في برنامج عملها والمتعلقة بالسياسة التجارية والتي أكد أنها ترتكز أساسا على ترقية الصادرات خارج المحروقات والتحكم في الواردات ومحاربة التبذير وتضخيم الفواتير ضمن مسار تنويع الاقتصاد الوطني واستعادة التوازنات الخارجية للدولة.
وأكد أنه وبهدف الرفع من قدرات بلادنا على الولوج للأسواق الدولية تعمل الحكومة على تعزيز إنتاجية مؤسساتنا وتنافسيتها وتحسين التسهيلات اللوجستية والمالية والإدارية والقانونية للتصدير وتطوير اتفاقيات تجارية في إطار سياسية انتشارية نشطة وأكثر استباقية.
وأشار إلى أنه ولتحقيق مجموعة الأهداف هذه يصبح من الضروري- يضيف بن عبد الرحمان – لممثليتنا في الخارج إقامة روابط مع الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين معرفة إمكانات الإنتاج والتصدير والعمل قدر الإمكان على التكفل باهتماماتهم وتقديم الدعم المناسب لهم والتركيز وتنسيق الجهود للنهوض بالاقتصاد الوطني وإبراز صورة لجزائر تنافسية وجذابة في الخارج ووضع اهتمامات المصلحة الاقتصادية الوطنية في صميم العمل الدبلوماسي.
وأكد أن ذلك يتم من خلال منح أكبر قدر ممكن من الإهتمام للعلاقات الاقتصادية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف عبر البعثات الدبلوماسية والسفارات والقنصليات في الخارج ودعم شركاتنا في السعي للتدخل في الأسواق الخارجية وجذب الاستثمار الأجنبي الذي يخلق فرص العمل والتعريف بديناميكية شركاتنا ومؤسساتنا الناشئة على وجه الخصوص.
وأشار الوزير الأول بأنه ينتظر من ممثلياتنا الدبلوماسية والقنصلية أن تكون أكثر فعالية وبراغماتية وأن تلعب دورا هاما من خلال التعريف بالمنتج الوطني وجودته ومرافقة المصدرين الجزائريين وربط الاتصال بين المتعاملين الإقتصاديين الجزائريين ونظرائهم في الدول الأخرى وإحاطتهم بالجوانب التنظيمية ذات الصلة بالتبادلات التجارية.
وأضاف بأنه يتعين العمل على إثراء وتحيين الأطر القانونية التي تحكم المبادلات التجارية لبلادنا مع دول أخرى خاصة فيما يتعلق بالأحكام التي تساعد على الولوج المنتجات الوطنية لأسواقها وذلك من خلال رصد المعوقات والعمل على تذليلها وتكثيف المعارض والتظاهرات التجارية الهادفة لترقية المنتوج الوطني.
فتح تحقيق بخصوص أسعار تذاكر السفر الباهظة
وكشف بن عبد الرحمان أنه قد تم فتح تحقيق حول أسعار تذاكر السفر الباهظة خاصة تلك المتعلقة بخط فرنسا-الجزائر، حيث تم تشكيل لجنة لدراسة هيكل أسعار التذاكر متعهدا بالقيام بتعديلها على ضوء نتائج التحقيق.
واعترف الوزير الأول في رده على سؤال وجه له من قبل سفير الجزائر لدى فرنسا، عنتر داود خلال فتح المناقشات في اليوم الثاني من مؤتمر رؤساء الدبلوماسيات والقنصليات الجزائرية، بقصر الأمم بالصنوبر البحري بأن أسعار تذاكر السفر “غالية جدا” و ليست في متناول الأفراد والعائلات من الجالية الوطنية في الخارج.
وتعهد بن عبد الرحمان أنه سيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية فيما يتعلق بأسعار التذاكر، خاصة تلك التي تخص الخط الرابط بين باريس – الجزائر والجزائر – باريس”.
وأضاف أنه تم “ملاحظة ممارسات قد تثني الجالية الجزائرية بالخارج من القدوم والارتباط بوطنها، وحسب نتائج التحقيق ستتخذ الإجراءات الضرورية لتمكين أبنائنا من التواصل باستمرارية مع الوطن”.
زينب. ب