• أكثر من 3 آلاف شخص رحلوا إلى النيجر منذ أوت الماضي
التحقت ” هيومن رايتس واتش ” بمنظمة ” العفو الدولية ” في تقديم انتقادات حادة لتعامل السلطات الجزائرية مع مسألة المهاجرين غير الشرعيين خاصة القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ومع هذا تلتزم السلطات الجزائرية صمت مطبق اتجاه تقارير هذه المنظمات مفضلة لحد الساعة الرد عليها عن طريق دفع الهلال الأحمر الجزائري ومجلس حقوق الإنسان التابع لرئاسة الجمهورية لمواجهة هذه المنظمات غير الحكومية ذات الصيت العالمي.
قالت “هيومن رايتس ووتش” أمس، إن السلطات الجزائرية ” أوقفت أشخاصا ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء في الجزائر العاصمة وحولها، ورحلت أكثر من 3 آلاف شخص إلى النيجر منذ 25 أوت 2017 دون منحهم فرصة للطعن في قرارات الطرد. من المرحلين مهاجرون عاشوا وعملوا في الجزائر لسنوات، نساء حوامل، عائلات لديها أطفال رضع، ونحو 25 طفلا غير مصحوبين ببالغين “، وفي هذا الاتجاه قالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش” على موقع المنظمة ” لا شيء يبرر جمع الناس هكذا بناء على لون بشرتهم ثم ترحيلهم جماعيا “. ثم أضافت ” سلطة الدولة في التحكم بحدودها، ليست رخصة لها لمعاملة الناس كمجرمين أو افتراض أن لا حقوق لهم بسبب عرقهم أو أثنيتهم “. ونقلت مصادر موثوقة في الجزائر العاصمة لـ ” هيومن رايتس ووتش ” إن الموقوفين كان بينهم في البداية 15 لاجئا وطالب لجوء. فيما بعد تم الإفراج عنهم جميعا بعد أن تحققت السلطات من وضعهم القانوني “، وتنتقد المنظمة غير الحكومية الدولية في تقريرها تعامل الحكومة الجزائرية مع آلاف المهاجرين غير الشرعيين الذين يفرون من بلدانهم في النيجر ومالي نحو التراب الجزائري، وسبق أن هاجم الوزير الأول أحمد أويحيى بقبعته الحزبية كأمين عام للتجمع الوطني الديمقراطي مجموعات المهاجريين غير الشرعيين المتواجدين آنذاك بقوة في الجزائر، قائلا ” أن أوساط المهاجرين فيها الجريمة، فيها المخدرات “، وإن السلطات ” بحاجة إلى حماية الجزائريين من هذه “الفوضى”. وفي 8 جويلية الفارط، قال وزير الخارجية عبد القادر مساهل إن المهاجرين “يمثلون تهديدا للأمن القومي ” مما دفع الكثير من الجمعيات الحقوقية الدولية والوطنية لانتقاد هذه المواقف، مصنفينها في خانة ” العنصرية “.
وذكرت منظمة ” هيومن رايتس ووتش ” في تقريرها أنه ” أثناء الموجات المتعاقبة من الاعتقالات، أوقف الأمن مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في الشوارع، من مواقع إنشاءات يعملون بها، ومن بيوتهم “. وزعم التقرير أنه تم ” نقل المهاجريين إلى منشأة في زرالدة، من ضواحي العاصمة، حيث أمضوا يوما إلى 3 أيام في قاعات مزدحمة، دون فراش، مع توفر القليل من الطعام خلال اليوم “، وعلى حد قول شهود عيان لـ “هيومن رايتس ووتش” ” تم نقل المهاجرون بالحافلات مسافة 1900 كيلومترا جنوبا إلى مخيم في تمنراست، ثم رحلوا إلى النيجر “، مثلما نقل شهود ومصادر محلية على لسان المنظمة.
وفي ذات الشأن قالت منظمة غير حكومية مقرها غاو في مالي، إن عدة مواطنين ماليين طُردوا بدورهم إلى الحدود بين الجزائر ومالي، وهي منطقة غير آمنة فيها تواجد حكومي محدود، حيث تنشط جماعات مسلحة بعضها مرتبطة بالقاعدة، وكان بين المرحلين نيجيريين ومئات المواطنين من دول أخرى مثل مالي، الكاميرون، ساحل العاج، وغينيا، وهي جميعا دول أفريقية جنوب الصحراء، بحسب ” لجنة الإنقاذ الدولية “، التي تدير برنامج مساعدة للمهاجرين في أغاديز بالنيجر. وقالت لجنة الإنقاذ الدولية لـ هيومن رايتس ووتش إن المهاجرين طردوا على دفعات متتالية. أول قافلة وصلت إلى أغاديز في 25 أوت، وآخر قافلة كانت في 25 أكتوبر الماضي. كما سجلت لجنة الإنقاذ الدولية 3232 مهاجرا وفدوا من الجزائر، بينهم 396 امرأة و850 طفلا، من هؤلاء 25 طفلا غير مصحوبين ببالغين. وبموجب القانون الدولي، للجزائر سلطة السيطرة على حدودها وإبعاد الأشخاص غير المتواجدين بصفة قانونية في البلاد، لكن عليها أن تمنح كل فرد فرصة الطعن في قرار إبعاده. عليها ألا تفرق حسب العرق أو الإثنية أو أن تعرض المهاجرين للاحتجاز التعسفي أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. كما وثقت منظمة ” هيومن رايتس ووتش ” سابقا حملة توقيف أكثر من 1400 مهاجر من جنوب الصحراء، في ديسمبر 2016 رحل المئات على الأقل إلى النيجر.
فاروق قسنطيني: ” هيومن رايتس ووتش غير مخولة لمنحنا الدروس في حقوق الإنسان “
اعتبر فاروق قسنطيني الحقوقي ورئيس اللجنة الإستشارية لترقية وحقوق الإنسان سابقا أن الجزائر ” قامت بكل التزاماتها اتجاه هؤلاء المهاجريين غير الشرعيين “، مؤكدا في تصريح لـ ” الجزائر ” أن “السلطات تتعامل معهم وفق تدابير قانونية وإجراءات سيادية في إطار قوانين الجمهورية “. في ذات السياق انتقد فاروق قسنطيني المنظمات غير الحكومية كـ ” هيومن رايتس ووتش ” و”الأمنيستي ” منظمة العفو الدولية اللتين أصدرتا هذين التقريرين في حق الجزائر، واتهمهما بأنهما ” يتلقيان أوامر من جهات معادية للجزائر وهذا غير جديد “، وقال في هذا الخصوص ” الجزائر لا تقبل الدروس من هذه المنظمات التي لا تعرف تقاريرها إلا مهاجمة الجزائر “. ومن جانب آخر دعا المحامي والرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان وزارة الخارجية ” للرد بقوة ” على هذه المزاعم والتقارير وتبيين ” كل ما قدمته الجزائر في سبيل رعاية آلاف اللاجئين المتدفقين على أراضيها “.
إسلام كعبش