الجمعة , أكتوبر 18 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / وجد في مواقع التواصل الاجتماعي تربة خصبة للنمو والانتشار :
خطاب الكراهية في الجزائر … إلى أين؟

وجد في مواقع التواصل الاجتماعي تربة خصبة للنمو والانتشار :
خطاب الكراهية في الجزائر … إلى أين؟

• مثقفون يطالبون بقوانين تجرم العنصرية والتكفير
• هاشتاغ مجهول الهوية يرفض الأفارقة في الجزائر،
منشورات مجهولة تتشفى في حرائق منطقة القبائل
• السباحة بلا ملابس في شواطئ بجاية.. إشاعة
• منشور عنصري يستهدف وزير السياحة الجديد حسن مرموري

باتت وسائط التواصل الاجتماعي تعج بمنشورات لا يصح وصفها إلا بـ ” القذرة ” لما تحمله من مضامين محرضة على الكراهية ليس فقط بين أبناء البلد الواحد وإنما ضد شعوب صديقة لتفتح سجالا خطيرا لم يشهد أن عرفه المجتمع الجزائري من قبل، واستطاع ” الفايسبوك ” لوحده أن يكشف عن علب ظلت مغلقة بإحكام لفترات من الزمن ليخرجها إلى العلن، مرة بين الجزائري والإفريقي ومرة بين الجزائري ” العربي ” أو ” المعرب ” والجزائري المحافظ على ” أمازيغيته “، ومرات أخرى بجهوية جاهلية مقيتة تفرق بين الجزائريين وتطعن في بعضهم البعض، هذه المعارك المفتعلة تأتي في ظل راهن سياسي داخلي وأمني إقليمي خاص، يفرض على الجميع التمسك بثقافة الاحترام ووحدة المجتمع في إطار التعدد الذي يعمل على حمايته وصيانته الدستور.

هاشتاغ “لا للأفارقة في الجزائر” يثير الجدل
أحدث ” الهاشتاغ ” المعنون بـ “لا للأفارقة في الجزائر” على موقع التويتر بعدد يتجاوز الثلاثة آلاف تغريدة تتنوع مضامينها بين التأييد للحملة ورفضها حالة واسعة من الجدل وسط المواطنين، وأشارت عن رفض الجزائريين للاجئين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، فيما أنشئت العديد من الصفحات التي تحمل نفس الشعار على موقع الفايسبوك تنادي السلطات بتهجير اللاجئين الأفارقة من التراب الوطني، وذهبت الكثير من وسائل الإعلام الدولية من دون أن تبحث عن حقيقة هذا الوسم ” الهاشتاغ” ومن يقف وراءه ولم تكلف نفسها محاولة فهم من هو المستفيد من هذه الدعوات ” الخطيرة ” و” المسمومة “، وراحت تكيل مجموعة من الإتهامات للجزائر على أنها ” بلد عنصري ” ولم يبق لها من حياء إلا أن تسم الجزائريين بأنهم يمارسون سياسة ” الأبارتيد ” أو الميز العنصري اتجاه اللاجئين من النيجر ومالي ما دفع الوزير الأول عبد المجيد تبون للخروج عن صمته والتأكيد أن ” الجزائر إفريقية وليست بلدا عنصريا “، بالرغم من أن هناك مواطنين عبروا عن رفضها لتواجد اللاجئين الأفارقة بصورة عشوائية فوق التراب الجزائري وهناك أصوات رسمية كذلك انتهجت هذا الموقف على غرار مدير ديوان رئيس الجمهورية أحمد أويحيى ووزير الخارجية عبد القادر مساهل بالنظر لاعتبارات جيوسياسية وتم الرد عليهما من طرف العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلا أن الحديث على تنامي العنصرية اتجاه الإفريقي في الجزائر أمر مضخم وغير مؤكد وخطاب من الممكن أن تكون أطراف دولية هي من تقف وراءه حسب البعض سواء على وسائل التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار أو عبر وسائل الإعلام التقليدية لتصوير الجزائر كبلد عنصري يعادي العرق الأسود لتصفية حساباتها السياسية مع السلطات الجزائرية، متناسيين أن الجزائر تستقبل الآلاف من الأفارقة المقيمين بصورة شرعية من مختلف بلدان القارة السمراء سواء للدراسة أو العمل وتُكوّن في مراكزها الدراسية المختلفة المئات من الإطارت المدنية والعسكرية الإفريقية إضافة إلى انتهاجها لسياسة دبلوماسية إفريقية تحث على الدعم الإقتصادي والحوار السياسي ليس أقلها اتفاق الجزائر للسلم في مالي الممضى برعاية دولية سنة 2015 ومسح الجزائر لملايين الدولارات من الديون التي كانت على كاهل عدد معتبر من دول القارة الإفريقية في إطار سياسة دعم النمو في إفريقيا.
وما يؤكد أن ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعدوا أن يكون ” فقاعات ” مجهولة المصدر بحيث أنه لحد الساعة لا يوجد جهة سياسية أو ثقافية معينة تبنت هذه المواقف، لا يوجد حزب سياسي أو منظمة جماهيرية أو جمعية من المجتمع المدني تحركت في إطار تبني خطاب عنصري مهما كان شكله، مثلما يحدث في فرنسا أو أوروبا أين يتنامى اليمين المتطرف داخل قواعد حزبية كلاسيكية معروفة تغذيها وسائل إعلام منتمية لهذه الإيديولوجية المتطرفة.
منشورات تتشفى في حرائق منطقة القبائل
في نفس الوقت الذي كانت فيه ألسنة اللهب الكثيفة تلتهم الهكتارات من غابات وجبال الجزائر في كل من ولايات المدية وتلمسان وسطيف ومنطقة القبائل بتيزي وزو، كان ” الفايسبوكيون ” يتقاسمون منشورات “ملتهبة ” مضمونها تشفي صارخ في سكان منطقة القبائل دون سواهم من الجهات الأخرى بعد أن التهمت النيران جزءا كبيرا من أراضيهم إضافة إلى الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بهم، ما جعل الفايسبوك يشتعل بجدل ثاني دفع بعض النشطاء من منطقة القبائل للرد على هذه الأبواق على أساس من قام بكتابة هذه المنشورات جزائريون، لكن لا دليل يثبت أن من كان وراء هذه المنشورات ذات النزعة العنصرية العرقية أفراد من الجزائر.
وخلال مسح لمجمل من هم يتواجدون معنا على موقع ” الفايسبوك ” لم نلتق بحساب واحد معلوم الهوية قام بكتابة منشورات من هذا النوع، وكل التعليقات التي صدرت كانت بأسماء مستعارة وحسابات وهمية لم نسمع أن أجهزة الأمن تكفلت بالبحث عن أصحابها لمعاقبتهم بما يكفله القانون، أم أن هناك فراغا قانونيا لا يسمح بمعاقبة أصحاب المنشورات والخطابات الداعية للكراهية والعنصرية بين أبناء الشعب الواحد أو مع غيرهم من الشعوب؟
السباحة بلا ملابس في شواطئ بجاية.. إشاعة
وظل ” الفايسبوك ” ينشر الجدل في الجزائر، بسبب حملات ودعوات مجهولة النسب وغريبة الأصول، حيث تداول مجموعة من النشطاء على شبكة التواصل الإجتماعي خبرا نقلا على جمعية تسمى “تضامن” كانت قد دعت الجزائريات إلى يوم للسباحة دون ملابس وذلك 7 أوت القادم في أحد شواطئ مدينة بجاية التي سيقام فيه المهرجان السنوي الألوان ردا على صفحات أخرى كانت قد دعت البنات إلى ” الحشمة و “السترة ” في الشواطئ هذا الصيف، وعدم السباحة بالمايوه أو البيكيني وتم نشر هذه الحملة على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لقت مشاركة 400 معجب على الصفحة الرسمية لهذه الدعوة التي تم إطلاقها كردة فعل على حملات أخرى ” مجهولة ” يقوم بها ” محافظون ” تطالب بالحشمة وعدم التعري في الشواطئ. وكانت دعوات للسباحة بدون ملابس يوم 7 أوت القادم قد أفرزت موجة غضب وردود فعل عنيفة وسط مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي إضافة إلى وصولها إلى النقاش في المجتمع الذي يراها خرجات غير أخلاقية ومنافية لقيم المجتمع ودعوات لتغريبه وسلخه عن دينه وقيمه، في حين أن هناك صحف وطنية نقلت على لسان شباب في تلك المناطق استعدادهم للإعتداء على كل من تسول لها نفسها السباحة عارية في تلك الشواطئ، ما طرح مجددا خطورة غياب الدولة في مثل هذه الحالات وسطوة العنف الاجتماعي.

دعوات للتحرك العملي لتجريم العنصرية والتكفير
ودعا بعض المثقفين على مواقع التواصل الاجتماعي للتحرك العملي نحو دفع نواب المجلس الشعبي الوطني لاستصدار قانون يجرم العنصرية والتكفير والجهوية واحتقار الآخر بسبب لهجته أو منطقته أو شكله أو لونه أو مهنته ويحرم أكثر المسؤولين مهما كانت مكانتهم إذا تعاملوا معاملة غير لائقة أو مجحفة أو هاضمة لحقوق أي إنسان ذكرا كان أو أنثى بسبب اللون أو اللهجة أو الجنس، معتبرين أن حرية التعبير حق ولكنها ستكون أكثر مسؤولية وإتقانا إذا دعمت بقانون يحمي الحريات الفردية والجماعية ويضمن حق محاربة أي انحراف وكل أشكال التمييز.
في نفس السياق ندد الكاتب الصحفي احميدة عياشي بحملة العنصرية المنتشرة على الفايسبوك، وجسد ذلك في مقال له بعنوان ” نعم الجزائري عنصري ولنقلها بصوت مسموع ” حيث كتب يقول ” وجب الاعتراف بأن هذا المرض ينخرنا منذ وقت بعيد وليس فقط الآن، وعلى هذا الأساس علينا فضح العنصرية الجزائرية والتشهير بها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ثم تجاوزها بالانفتاح على دولة المواطنة وعلى بث ثقافة العقل وعلى تخليص الدولة الوطنية وثقافتها من كل النفاق الذي تنطوي عليه والمتمثل في ازدواجية الخطاب “.

عاشور فني الشاعر والأكاديمي :
” لا بد من تحرك المجتمع المدني ضد تفشي العنصرية “
يرى الشاعر والأكاديمي عاشور فني أنه بعد الحملة التي شنتها صفحات في شبكات التواصل الاجتماعي ” ضد المرأة وضد اللاجئين جاء دور وزير السياحة الجديد ذي البشرة السمراء لينال حظه من التعليقات العنصرية والجهوية. والآن نشهد حملة للتشفي في مناطق أصيلة من بلادنا لأسباب عنصرية واضحة. الحرائق لم تستنهض في المعلقين نخوة العروبة التي يتشدقون بها بل أن عنصريتهم تحت طائلة جريمة مصنفة ضد الإنسانية عدم نجدة السكان المنكوبين قادتهم إلى جريمة عنصرية، جريمة ضد الإنسانية “، وذكر الدكتور عاشور فني في تصريح لـ ” الجزائر ” ” وقبل هذا وقع في هذا الخطأ العنصري والعنف اللفظي الموجه ضد فئة من السكان صحافيون وقنوات تلفزيونية وحتى المسؤولون بل لقد وقع في الخطأ مسؤولون كبار وهم في معرض التندر والتنكيت أو الخطابة والدعاية الانتخابية كما وقع لسلال وعمارة بن يونس وسيدي السعيد. العنصرية وضيق الأفق يتفاقمان ولا بد من تحرك المؤسسات والهيئات المخولة قانونا ولا بد من تحرك المجتمع المدني “، مؤكدا في ذات الوقت ” ومع ذلك تجد من المعلقين من يدفن رأسه في الرمال بدعوى عدم إثارة الفتنة أو عدم المشاركة فيها والترفع عن الغوغاء. لكن هذا الترفع هو الذي سمح لهذه الغوغاء بان تصبح قوة مؤثرة وتدخل الجزائر في عشرية النار والدماء. وأكثر من ذلك أن معظم المعلقين على المنشور ذهبوا إلى الرد على أصحاب المنشورات العنصرية بعنصرية مماثلة بدلا من التحرك لردعهم والرد بالتحرك في الواقع لوأد الفتنة في مهدها ”

لخضر بن خلاف نائب برلماني عن الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء :
” لسنا في حاجة لاستصدار قوانين تحارب العنصرية لأنها موجودة “
أكد لخضر بن خلاف النائب البرلماني عن الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء أن قوانين الجمهورية ” واضحة بخصوص مكافحة العنصرية والتمييز وهي قادرة على محاربة مثل هذه الأمور ولا داعي للبحث عن استصدار قوانين جديدة “.
واعتبر لخضر بن خلاف في تصريح لـ ” الجزائر ” أن الدستور الجزائري ” واضح ولا يحتاج لشرح عندما تحدث على المساواة بين المواطنين ومحاربة كل أشكال التمييز والعنصرية وفصل بابا كاملا مختصا في هذا الشأن “، في ذات الوقت رفض بن خلاف الرد على دعوة المثقفين المطالبين نواب البرلمان بالتحرك العاجل واستصدار قوانين تكفل تجريم العنصرية الناشئة عن مواقع التواصل الاجتماعي، وقال في هذا الصدد ” أنا لا أعلق على دعوة المثقفين أو غيرهم لكن القوانين موجودة، هناك دستور وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية ولا ينقص إلا تطبيق هذه القوانين ضد المخالفين “، مشيرا إلى أنهم ” يريدون رمي الكرة في مرمى البرلمانيين” في إشارة إلى الشخصيات التي طالبت نواب المجلس الشعبي الوطني بالتحرك ضد تفشي نزعات العنصرية في وسائل التواصل الإجتماعي.

فاروق قسنطيني الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان :
” لا بد من التطبيق الصارم للقانون على الصفحات المحرضة على العنصرية “
طالب المحامي والرئيس السابق للجنة الإستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني إلى “اتخاذ تدابير قانونية جدية وتطبيقها فيما يخص مكافحة ممارسة العنصرية والتكفير انطلاقا من مواقع التواصل الإجتماعي في الجزائر “.
وقال الحقوقي القريب من رئاسة الجمهورية سابقا في اتصال مع ” الجزائر ” أن ” الفايسبوك أصبح ملجأ للسب والشتم وتصفية الحسابات، خاصة أنه ظاهرة جديدة مست المجتمع الجزائري “، وأبرز فاروق قسنطيني أن القوانين الجزائرية من حيث المبدأ موجودة لكنه ” يلزمها التطبيق الفوري ” ولا بد يضيف المتحدث من ” تحركات تقمع نشر المواد المحضة على العنف والكراهية “، واصفا ما أصبح ينشر على مواقع كـ ” الفايسبوك ” بـ ” المناورات التي لا تشرف أصحابها “.
ولم يستبعد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان سابقا، أن تكون هناك أطراف خارجية وصفها بـ “العدوة” هي من تقوم بتصفية حساباتها مع الدولة الجزائرية بتغذية صفحات على الفايسبوك والإنترنت بمضمون عنصري بين الجزائريين لخلق أجواء غير طبيعية بين الشعب الجزائري.
إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super