بعد ارتفاع حالات الإصابة المسجلة بفيروس “كورونا” إلى 54 حالة إلى غاية كتابة هذه الأسطر، والتي ارتفعت معها حالات الوفاة جراء هذا الوباء الذي بات أكبر خطر يهدد الجزائر والعالم ككل، توجهت كل الأنظار إلى الحراك باعتباره أكبر تجمع شعبي يشارك فيه مئات الآلاف من المواطنين وعبر مختلف ولايات الوطن، وارتفعت أصوات مطالبة بتأجيل المسيرات الشعبية إلى ما بعد انقضاء هذه الفترة”الحرجة والخطيرة”، وهو ما لا تمانعه السلطة حسب تصريحات وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، كما تعالت أصوات إلى ضرورة تحويله إلى حراك لحماية الوطن و المواطنين من خلال التطوع لتقديم المساعدات، و القيام بعمليات تعقيم لمختلف الأماكن مع أخذ كل الاحتياطات الوقائية و إرشاد المواطنين وتوعيتهم بخطر الفيروس.
وحد فيروس “كورونا” مختلف أطياف المجتمع، من مسؤولين وسياسيين ومجتمع مدني ونشطاء حراكيين وحقوقيين، رغم الاختلافات الكبيرة بينهم في الأفكار والتوجهات، فبعد أن تحول هذا الفيروس “القاتل” إلى خطر حقيقي يهدد الأمة، سقطت كل التوجهات في سبيل حماية الوطن، وأصبح الجميع يدعوا إلى ضرورة الحفاظ على صحة الوطن والمواطن، وتراجعت الأصوات الداعية للخروج إلى الشارع -رغم الخطر الذي يشكله الفيروس على حياة المتظاهرين- والتي تتهم الحكومة بالاستغلال السياسي للوباء”، وأدرك الجميع أن “الخطر داهم”، خصوصا وأن الفيروس انتشر في كل أنحاء العالم وخلف الآلاف من الضحايا ومئات الآلاف من المصابين الذين يصارعون من أجل البقاء، في الوقت الذي عجزت فيه أكبر وأقوى الدول في العالم عن احتواءه والحد من انتشاره، وقد علت اليوم في الجزائر بدل تلك الأصوات، أصوات تدعوا إلى جعل الصحة العامة أسمى هدف للجميع، فقد دعت مختلف الأطياف السياسية والمجتمع المدني ونشطاء حراكيون وحقوقيون إلى ضرورة تأجل الحراك الشعبي إلى بعد انجلاء هذا الوضع الذي تعيشه البلاد والعالم، حفاظا على الأرواح، كما دعوا إلى تحويله- الحراك- إلى حراك من نوع آخر بالقيام بحملات توعوية وتحسيسية للمواطنين والانخراط في عمليات تعقيم للاماكن العمومية وتقديم يد المساعدة في حال تفشي الوباء، وهو ما ثمنته الحكومة.
وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة: “نثمن الأصوات الداعية إلى التوقيف المؤقت للحراك ولا مانع أن يعود إلى مساره بعد القضاء على كورونا”
ثمن وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، الأصوات الداعية إلى “التعقل” والتوقيف “المؤقت” للحراك الشعبي أمام خطر انتشار فيروس كورونا، وأكد أمس، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أنه “لا مانع” أن يعود الحراك إلى مساره الأصلي بعد القضاء النهائي على أزمة كورونا، و أضاف “بناء على محاولات القوى غير الوطنية لتحويل الحراك إلى حركة تمردية غير مسلحة تهدف إلى شل البلاد كلية، ونظرا للخطر الصحي الشامل الذي يمثله فيروس كورونا، تعالت أصوات التعقل في البلاد وفي المهجر خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي لتطالب بتوقف مؤقت مفيد أي هدنة وقائية”، واسترسل مضيفا بأن “بعض صناع الرأي طالبوا، وبصريح العبارة، بتوقيف المسيرات والتجمعات في ظرف وطني جد معقد وواسع الخطورة، وهي المسيرات التي لا تجد اليوم أي مبرر مقبول بها لأن الحراك له اليوم سجل حافل بالانتصارات”.
ويرى بلحيمر أن الحراك “انتصر على جبهات مختلفة ونجح في إفشال مؤامرة العهدة الخامسة لرئيس مريض وعاجز، استعمل كواجهة سياسية من طرف قوى غير دستورية”، مركزا في حديثه على أن هذا الحراك “ذكي وسخي ويجب أن يستمر”، نظرا -كما قال- “للخطر الشامل المحدق بالوطن جراء تفشي الفيروس”، وحسب الوزير، فإن الذين يريدون استمرار الحراك في هذا الظرف الصعب ومهما كانت عواقبه على الأمة قاطبة، إنما يعبرون بذلك عن “تعنت انتحاري”، داعيا إلى “التصدي لهؤلاء بقوة التعلق وروح المواطنة وكذا بقوة القانون الذي هو ملزم وفوق الجميع”، ومقابل هذا لا يرى بلحيمر مانعا في إن تعود مسيرات الحراك “إذا لم يسجل تقدم ملموس في مجال الديمقراطية والتنمية الاجتماعية”، داعيا إلى اليقظة والى استعمال وسائل شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام عن كل أشكال المساس بالحريات.
“حمس”: “فكرة تعليق الحراك “فكرة مسؤولة ينبغي اعتمادها”
من جانبها ترى حركة مجتمع السلم “حمس”، أن فكرة تعليق الحراك “فكرة مسؤولة ينبغي اعتمادها”، حيث دعت الحركة في بيان لها أصدرته أول أمس، توج اجتماع مكتبها الوطني، إلى التعامل مع مسألة انتشار الوباء بجدية ومسؤولية وتجنب حالة اللامبالاة والغفلة، وطلبت من المواطنين الابتعاد من أماكن التجمعات والاكتظاظ والاحتكاك، واعتبار فكرة تعليق الحراك التي يتداولها النشطاء “فكرة مسؤولة” ينبغي اعتمادها تزيد في مصداقية المكافحين من أجل الحرية وتجعل النضال أكثر تأثيرا.
الحقوقي عبد الغني بادي: “ندعو لتعليق ظرفي لمظاهرات الحراك”
أما الحقوقي والمحامي عبد الغني بادي، فدعا هو بدوره المتظاهرين إلى الحرص على سلامتهم وجعلها هي “الأولوية القصوى”، ودعا “الطلبة والمناضلين من أجل الديمقراطية والحريات إلى تعليق ظرفي لمظاهرات الحراك الشعبي، وإبداء الاستعداد للمساهمة في أي مجهود مجتمعي تعاضدي لمواجهة أي تطورات تمس سلامة الصحة العامة”، حيث نشر بادي في صفحته على “الفايسبوك” قائلا: “منذ 22 فيفري يستمر الجزائريون في التعبير في مظاهرات سلمية عن مطالب ديمقراطية ملحة، وأن هذه الاستمرارية والمسار النضالي المفعم بروح الالتزام والزاخر بالمنجزات هو نتاج تمسك المناضلين بتحقيق ديمقراطية حقيقية يكون فيها الإنسان مركز التفكير والتدبير وتسود فيها القوانين وتحترم فيها المؤسسات، كما أن التطورات الراهنة في علاقة بانتشار فيروس كورونا فرضت إجراء تقييم موضوعي بادر به نخبة من المختصين تأخذ فيه مصلحة الشعب وسلامة المتظاهرين والمناضلين الأولوية القصوى. واعتبارا لعدم الثقة في نجاعة التدابير التي تتخذها السلطات العمومية إزاء حماية الصحة العامة للمواطن ناهيك عن الوضع المقلق للمنظومة الصحية بسبب سوء التدبير. واعتبارا من أن المسؤولية الأخلاقية في هذا الظرف والوعي بدقة المرحلة تحتم علينا الإقرار بوجود مخاطر متعاظمة تمس السلامة البدنية للجزائريين والصحة العامة، ندعو الطلبة و المناضلين من أجل الديمقراطية والحريات إلى تعليق ظرفي لمظاهرات الحراك الشعبي وإبداء الاستعداد للمساهمة في أي مجهود مجتمعي تعاضدي لمواجهة أية تطورات تمس سلامة الصحة العامة أن تعليق التجمعات والتظاهر السلمي لا يعفي من الاستمرار بأشكال سلمية أخرى وممكنة في رفع المطالب الديمقراطية والدفاع عن الناشطين الموقوفين”.
الناشط في الحراك يوسف بوشريم: “سنحول الحراك إلى التطوع خدمة للصحة العامة”
أما الناشط في الحراك الشعبي، يوسف بوشريم فقال في تصريح لـ”الجزائر”، إننا “أمام معادلات معقدة، فنحن أمام مرض حقيقي وخطير ، وأمام تنصل السلطات من مسؤولياتها ولعدم إعلانها حالة الطوارئ”، و لذا –يضيف بوشريم- بما أن الثورة الشعبية هدفها حماية الشعب وبناء الوطن والمستقبل بعدالة مستقلة وبمنظومة صحية وتربوية عالية، وصحة المواطن هي ضمن أهم أهدافه، فسوف نحول الحراك إلى حراك آخر برؤية جيدة، عن طريق القيام بعمليات تحسيسية بخطر الفيروس لنشر الوعي وطرق الوقاية، والتطوع لتقديم يد المساعدة ، والقيام بعمليات تعقيم للاماكن العمومية ومختلف الشوارع لمحاربة الفيروس و حماية للأرواح.
حسان فرلي: “على الحراك الاستجابة للتعليمات الوقائية”
من جانبه، دعا المكلف بالإعلام السابق في جبهة القوى الاشتراكية، حسان فرلي الحراكيين إلى مقاومة الوباء والاستجابة للتعليمات الوقائية، حيث نشر فرلي عبر صفحته الرسمية على “الفايسبوك” منشورا كتب فيه “حراكنا الذي أذهل العالم بسلميته يجب أن يذهل في مقاومته لهذا الوباء بعزيمته ووعيه واستجابته للتعليمات الوقائية”.
رزيقة.خ