أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن غالبية التزاماته أمام الشعب الجزائري قد تجسدت على أرض الواقع، حيث تم في إطار بناء الجزائر الجديدة، تعزيز قوة الدولة للدفاع عن المواطن ومصالحه.
وخلال لقائه الإعلامي الدوري الذي بث سهرة أول أمس السبت، عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية الوطنية، كشف الرئيس تبون أن “قرابة 75 بالمائة” من الالتزامات الـ54 التي تعهد بها أمام الشعب الجزائري قبل انتخابه رئيسا للجمهورية، تجسدت على أرض الواقع ويجري تنفيذ ما تبقى من هذه الالتزامات.
وحرص رئيس الجمهورية، في رده على أسئلة الصحفيين, على إبراز الأشواط الكبيرة التي قطعتها الجزائر الجديدة في مختلف القطاعات, رغم بعض الانتقادات غير المؤسسة والمحاولات اليائسة للعودة إلى الماضي و”تلك فترة لن تعود أبدا” –مثلما قال– مشددا على أن “الدولة أصبحت قوية للدفاع عن المواطن ومصالحه وليس للتسلط عليه”.
وجدد التزامه بالدفاع عن الطبقة الوسطى التي اعتبرها “ركيزة البلاد”, مبرزا أن الدولة تعمل على تلبية المطالب الاجتماعية لمواطنيها بإمكانياتها الخاصة.
وفيما دعا الجزائريين إلى الدفاع عن الوحدة الوطنية, حذر الرئيس تبون من “دعاة الشر” الذين يكنون كرها للجزائر ويتنبؤون الأسوأ لها, مؤكدا أن بقايا العصابة لا زالت تحاول خلق البلبلة وعدم الاستقرار داخل المجتمع من خلال عدة مظاهر وباستعمال الأموال الطائلة التي تستغلها لشراء الذمم, ومن بين تلك المظاهر المضاربة المقصودة في المواد الاستهلاكية والمساس بالقدرة الشرائية للمواطن ومحاولة ضرب الاقتصاد الوطني.
ومن محاولات ضرب الاستقرار أيضا، أكد رئيس الجمهورية وجود يد إجرامية وراء اندلاع الحرائق التي عرفتها عدة ولايات نهاية جويلية الفارط، مشيرا إلى التدابير المتخذة لمواجهة هذا النوع من الكوارث, والتي سمحت بتقليص عدد الضحايا وآجال إخماد النيران مقارنة بالتجارب الأليمة السابقة التي عاشتها الجزائر.
وذكر بهذا الصدد أن الجزائر قامت باقتناء ست طائرات، استلمت إلى غاية الآن طائرة واحدة منها، كما أنها قامت بتأجير 6 طائرات أخرى.
وفي مقابل محاولات زعزعة الاستقرار، شدد الرئيس تبون على حتمية الوحدة الوطنية وتعزيز الجبهة الداخلية، مشيرا إلى أنه يدعم أي مبادرة تصب في هذا المسعى، بشرط أن يكون القاسم المشترك هو “الوطن وبيان نوفمبر الذي يدعو إلى بناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية”.
وفي موضوع ذي صلة، دعا رئيس الجمهورية الأحزاب السياسية إلى التخلي عن الطرق البالية في العمل الحزبي والسياسي والتجند اليومي خدمة للوطن، كاشفا أن قانون الأحزاب السياسية ستتم مراجعته.
ولدى تطرقه إلى الشأن الاجتماعي، عبر الرئيس تبون عن رضاه إزاء الإجراءات المتخذة لحماية القدرة الشرائية للجزائريين، غير أنها تبقى “غير كافية” –على حد تعبيره– بالرغم من أن الجزائر حققت قفزة نوعية في مجال التنمية والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.
وطمأن مجددا بأن المشاريع السكنية بمختلف الصيغ ستبقى مستمرة وبأن السكن سيظل من أولويات الدولة، غير أنه أكد على أهمية “عدم التبذير” ومنح السكن لمن يستحقه.
من جهة أخرى، أكد الرئيس تبون أن المشاريع الجاري انجازها في مجال المياه، لاسيما ما يتعلق بمحطات تحلية مياه البحر، كفيلة بضمان انتظام التزويد بالمياه الشروب لمدة 15 سنة على الأقل دون تذبذب، مبرزا أن توفير الماء الشروب يبقى “أولوية الأوليات” للسلطات العمومية.
ولفت إلى أن الجزائر صارت في ظرف قصير “الأولى إفريقيا والثالثة عربيا” في مجال تحلية مياه البحر، مبرزا أن مشاريع محطات تحلية مياه البحر الجاري انجازها عبر خمس ولايات ستسمح بتوفير ما مجموعه 1.4 مليار متر مكعب, والهدف هو رفع القدرات الإنتاجية إلى 2.5 مليار متر مكعب من المياه المحلاة من أجل القضاء تماما على مشكلة شح المياه.
وبخصوص ملف تطوير النقل بالسكك الحديدية, شدد رئيس الجمهورية على أن هذا الأمر يشكل “أحسن ضمانة للتنمية” في البلاد، لاسيما بالنسبة لمناطق الجنوب، مضيفا أن الجزائر ستطلق برنامجا مع شركاء صينيين لمد خطوط نقل بالسكك الحديدية بطول يقارب 6000 كلم.
ولدى تطرقه إلى أهمية تنظيم الاقتصاد الجزائري، أعلن رئيس الجمهورية عن إنشاء المحافظة السامية للرقمنة التي ستوضع على مستوى رئاسة الجمهورية، والتي ستقوم بهذا الدور الهام، بحيث أن رقمنة الاقتصاد بشكل كامل تسمح بتوفير جميع المعطيات الضرورية لاتخاذ القرار.
كما أن الاعتماد على الرقمنة سيمنح نظرة أكثر دقة على إمكانيات الاقتصاد الوطني، حسب الرئيس تبون الذي أشار إلى أن الجزائر لم ترد التصريح بأكثر من 225 مليار دولار كرقم رسمي للناتج المحلي الخام لسنة 2022, في حين أنه قد يتراوح في الواقع بين 240 أو 245 مليار دولار.
الجزائر مع الشرعية الدستورية في النيجر وضد التدخل العسكري
وفي الشأن الدولي، تطرق رئيس الجمهورية إلى الأزمة في النيجر، مؤكدا أن ما يحدث في هذا البلد تهديد مباشر للأمن في المنطقة وأن الجزائر “ترفض رفضا تاما وقطعيا التدخل العسكري الذي لا يحل أي مشكل”.
واعتبر أنه “لا حل في النيجر دون مشاركة الجزائر المعنية بما يحدث في هذا البلد الجار”, مشيرا إلى أن الجزائر “مستعدة لمساعدة النيجريين على استرجاع الشرعية الدستورية”.
كما تحدث الرئيس تبون عن الزيارات الرسمية التي قادته مؤخرا إلى عدد من الدول الصديقة ومن بينها جمهورية الصين الشعبية التي وصفها بـ”الشريك الموثوق” للجزائر، مشيرا إلى أن الرئيس الصيني، السيد شي جينبينغ، أبدى ثقته في التوجه الجديد الذي تنتهجه الجزائر.
وأوضح في شأن آخر أن الصين وباقي الدول الفاعلة في “البريكس”، على غرار روسيا وجنوب إفريقيا والبرازيل، تدعم انضمام الجزائر إلى هذه المجموعة.
وفيما يخص زيارة الدولة التي كانت مرتقبة إلى فرنسا، أوضح الرئيس تبون أنها “لا تزال قائمة ولم يتم إلغاؤها ونحن ننتظر برنامج هذه الزيارة من طرف الرئاسة الفرنسية”، مشددا على أن زيارة الدولة لابد أن تكلل بنتائج ملموسة و”لا يجب أن تكون زيارة سياحية”.
وبخصوص اعتراف الكيان الصهيوني بالطرح المغربي حول الصحراء الغربية، وصفه رئيس الجمهورية بأنه “لا حدث وكلام فارغ”، مؤكدا أن “فاقد الشيء لا يعطيه”.
وأج