توصف العلاقات الاقتصادية الجزائرية الايطالية بـ“القوية والمتينة” وتشير الإحصائيات الخاصة بحجم المبادلات بين البلدين لبلوغها ما يقارب 6 مليارات سنويا، حيث تعد روما ثاني أكبر زبون للجزائر، وثالث أكبر مموّن للسوق الجزائرية بالسلع والبضائع، بعد كل من الصين وفرنسا، وتتجه هذه العلاقات حسب الخبراء الاقتصاديين نحو التطور خاصة في مجالات الطاقة والصناعة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واعتبروا أنه في الفترة الحالية هناك فرص كبيرة لتحقيق قفزة نوعية في هذه العلاقات الثنائية.
ينتظر أن يأخذ الجانب الاقتصادي حصة كبير من المباحثات التي سوف يجريها المسؤولون الإيطاليون الذين حلوا بالجزائر أمس والذين ستدوم زيارتهم إلى غاية اليوم، وعلى رأسهم الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وتأتي هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ 18 عاما في أجواء سياسية تطبعها إرادة قوية لدى البلدين للتوجه نحو تعزيز التعاون في شتى المجالات، في وقت يبدو أن المجالات الاقتصادية سوف تأخذ اهتماما كبير لعدة عوامل حسب قراءة خبراء ومراقبين للعلاقات الثنائية.
الخبير الإقتصادي، سليمان ناصر:
“زيارة الرئيس الإيطالي للجزائر تأتي لتعزيز العلاقات الاقتصاديةّ الثنائية“
وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي سليمان ناصر في تصريح لـ”الجزائر” إن العلاقات الجزائرية الايطالية “جيدة وازدادت قوة في المجال الاقتصادي السنوات الأخيرة”، حيث أشار إلى أن إيطاليا تعد ضمن قائمة زبائن الجزائر في أوروبا وتحتل الصدارة حتى قبل عدد من الدول الأوروبية الأخرى كفرنسا وإسبانيا.
وأشار المتحدث إلى أن صادرات الجزائر نحو ايطاليا حسب حصيلة مصالح الجمارك لسنة 2020، بلغت 3.44 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 14.5 من إجمالي صادرات الجزائر، إما إذا أخذنا واردات الجزائر من إيطاليا فتقدر بحوالي 2.4 مليار دولار من إجمالي واردات الجزائر، بما يعني-يضيف الخبير-أن حجم التبادلات التجارية مع إيطاليا في 2020 تقارب 6 مليار دولار.
وأضاف سليمان ناصر أن “هذه الزيارة للرئيس الايطالي للجزائر مرفوقا لوفد هام، جاءت لتعزيز العلاقات الاقتصادية التي يحرص كلا الطرفين على تطويرها، واليوم الجزائر باتت أكثر حرصا على هذه العلاقات وعلى تنويع علاقاتها مع دول أوروبا خاصة بعد التصدع الذي أصاب العلاقات مع فرنسا مؤخرا”.
ويرى المتحدث ذاته، أن لإيطاليا مميزات تسمح بتطوير أكبر في العلاقات الاقتصادية، ومنها قرب المسافة بين البلدين، ما يعني أن تكلفة نقل السلع غير مكلفة مقارنة بدول أخرى، إضافة إلى المناخ المشابه لمناخ الجزائر، ناهيك عن وجود قاعدة صناعية متطورة في هذا البلاد، ما يسمح للجزائر من الاستفادة منها خاصة في مجال الصناعات الخفيفة والصناعات الطاقوية وكذا الخبرات التي تمتلكها إيطاليا في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
المختص في الشأن الإقتصادي، أحمد طرطار:
“العلاقات الاقتصادية الجزائرية–الإيطالية تتجه نحو التطور أكثر فأكثر”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد طرطار، في حديث مع “الجزائر”، إن العلاقات الاقتصادية الجزائرية-الإيطالية تتجه نحو التطور أكثر فأكثر خاصة في الفترة القادمة، ويرى المختص في الشأن الإقتصادي أنه لـ”إيطاليا تجربة كبيرة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ويمكن للجزائر أن تستفيد من هذه الخبرة”.
وأفاد طرطار أن هناك فرصا كبيرة لتطوير هذه العلاقات خصوصا حاليا بعد توتر العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث يمكن التوجه بقوة نحو الإستثمارات مع ايطاليا مع منح امتيازات لهذا الشريك التي تربط الجزائر به علاقات سياسية وتاريخية جيدة وهي تعد عامل مساعد على تطوير العلاقات الاقتصادية”.
وتوقع طرطار أن تتخلل زيارة الرئيس الايطالي للجزائر بتوقيع اتفاقيات واستثمارات خاصة في مجالات الطاقة والصناعات الخفيفة والتحويلة واتفاقات حول تحويل التكنولوجيات والابتكارات.
وجدير بالذكر أن الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، كان قد أكد في حوار مع يومية “المجاهد” في عددها الصادر أمس، أن الجزائر التي تعد ثاني ممون بالغاز لإيطاليا ستظل “شريكا محوريا” في مجال التعاون الطاقوي لهذا البلد الذي يأمل في تعزيز وتنويع التعاون الثنائي.
وأعرب ماتاريلا عن رغبة إيطاليا في “تنويع الشراكة الثنائية باستكشاف أشكال جديدة من التعاون مع الشركات الجزائرية في القطاعات التي “تنطوي” على فرص جديدة على غرار الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية”، وشدد على أن هذه “القطاعات على وجه الخصوص هي في قلب الاستراتيجيات الايطالية والجزائرية في الانتقال الطاقوي التي ستتضاعف فرصها الاقتصادية في السنوات المقبلة”.
وكشف الرئيس الإيطالي أن بلده يتابع “باهتمام” تنفيذ مخطط حكومة الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان الذي يعتبر “مخططا طموحا يرمي إلى تحسين مناخ الأعمال بهدف مرافقة آفاق تنويع الاقتصاد الجزائري بما في ذلك عن طريق الفرص لصالح الأجيال الجديدة”، وأضاف أن “إيطاليا ترغب في مرافقة الجزائر في هذا المسار”.
رزيقة. خ