جريدة الجزائر اليومية الجزائرية
مقالات مشابهة
أصدرت دار ومضة للنشر والتوزيع والترجمة كتابا جديدا بعنوان “إدارة البيئة في القوانين الجزائرية من الاستقلال إلى اليوم” للدكتور والباحث عباس لغواطي.
ووفق الكتاب فقد أصبحت حماية البيئة من أهم ما يطرح للنقاش في المنابر الدولية وانعقدت العديد من المؤتمرات لذلك، أهمّها مؤتمر استوكهولم سنة 1972 ومؤتمر ريودي جانيرو سنة 1992، كما أبرمت الكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية في هذا الموضوع، هذه الأخيرة تعدّ المصدر الأساسي للقانون الدولي العام حسب ما أقرّت بذلك المادة 38 من القانون الأساسي لمحكمة العدل الدولية. فالطبيعة المشتركة للعديد من المواضيع البيئية توجب على الدول التعاون والتنسيق فيما بينها، بل يذهب العديد في الظروف الراهنة إلى تأكيد عالمية موضوع حماية البيئة على غرار عالمية حقوق الإنسان. كل هذا يدفع إلى أن الدراسة المتعلقة بإدارة البيئة في القوانين الجزائرية لا بد أن تراعي كذلك الالتزامات الدولية للجزائر اتجاه المسائل البيئية وكذا التعاون والتنسيق الواجبين لتحقيق الحماية المطلوبة لبيئتنا.
ومن جهة أخرى فإن الغصدار يتناول خصوصيات الجزائر التي تدفع إلى الولوج إلى موضوع حماية البيئة عبر مدخل جغرافي واقتصادي، فالجزائر تتربّع على موقع استراتيجي يتميز بشساعة مساحتها التي تتنوع ما بين الأراضي الخصبة وما تتوفر عليه من أنظمة بيئية متعددة كالغابات وكنوز الطبيعة المختلفة، وكذا المناطق الصحراوية التي تمثل 87% من المساحة الإجمالية وما تطرحه من اهتمامات مختلفة كإشكالية التصحر بفعل زحف الرمال وانجراف التربة. أما الواجهة البحرية للجزائر، فهي تمتد على مسافة 1200كلم، وهو ما يرتـّب ضرورة الاهتمام بكل ما يتعلق بالبحر كالتلوث المتعدد الأسباب والثروات المتواجدة فيه، بالإضافة إلى القضايا التي تطرحها التغيرات المناخية في ظل مناخ معظمه جاف أو نصف جاف. أما الجانب الاقتصادي فمن بين الخيارات الاقتصادية المطروحة منذ أمد بعيد في الجزائر، المشاريع التنموية والاستثمارات المتعددة من جراء الأنشطة البشرية المتنوعة، وكما هو معلوم يتطلب موضع الاستثمارات محاولات الموازنة بين المتطلبات الملحّة للتنمية من جهة والحفاظ على البيئة والثـروات الطبيعة من جهة أخرى، كل هذا دفع إلى اتساع نطاق الاهتمامات البيئية، وهو ما ترجم إداريا من خلال العديد من الإجراءات كدراسات التأثير وموجز التأثير وما تتطلبه من إدارة بيئية فعّالة لتنفيذه.
ويضم الإصدار أيضا مدخلا سياسيا لموضوع إدارة البيئة وهو خيار حتمي خاصّة بعدما أصبح الحكم الراشد هدف كل نظام حكم قائم في أي دولة كانت، وهو مفهوم جديد يرمي إلى مشاركة واسعة للمواطنين في تسيير شؤون إدارتهم، وتفرض حاليا العديد من نصوص القانون الدولي هذه المفاهيم على السياسيين، مثل ما ورد في المبادئ التي أعلن عنها مؤتمر – قمّة الأرض – في ريو، والتي تجعل من المشاركة والإعلام شرطا للدعم الدولي للحكومات القائمة، كما تربط السياسة التنموية بالبيئة وحقوق أجيـال المستقبل، ومن جهة أخرى نجد أن النشاط الإداري هو الصورة الخارجية التي تظهر بها السلطة التنفيذيـة.
صبرينة ك