تعرّف العالم عشية أول أمس على رئيس جديد لقوة عالمية كبيرة، وواحدة من الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، الذي هو صانع القرار في الكثير من القضايا التي تمس العالم، ويتعلّق الأمر بفرنسا التي انتخب مواطنوها أول أمس 07 ماي 2017 إمانوييل ماكرون رئيسا جديدا للبلاد خلفا لفرانسوا هولاند، الذي حكمها لمدة خمس سنوات قدّم خلالها الكثير للشعب الفرنسي واستطاع أن يفي بالكثير من الوعود التي قدمها أثناء حملته الانتخابية.
ماكرون الذي نال 65 بالمائة من أصوات الناخبين الفرنسيين، وكان ذلك على حساب زعيمة اليسار المتطرف، مارين لوبان، التي اتسمت خطاباتها خلال الحملة الانتخابية بالعدائية للمهاجرين والمسلمين، بمن فيهم ثمانية ملايين جزائري يعيشون في فرنسا منذ سنوات عديدة، مقارنة بالفائز الذي اتسمت خطاباته بنوع من البراغماتية، تجاه الجاليات المتواجدة في فرنسا وخصوصا الجزائرية منها، بل وراح إلى أبعد من ذلك في تصريحاته، حيث وصف الحقبة الاستعمارية في الجزائر، بجرائم ضد الإنسانية وهو ما لم يفعله أي مرشح أو رئيس قبله.
صحيح أن تصريحات ماكرون صنعت الحدث في الرأي العام الفرنسي والجزائري، فبين تخوف الفرنسيين من هذه التصريحات وفرحة الجزائريين، عمد الرئيس الجديد على لملمة الحال ووضع الأمور في نصابها، مؤكدا بأن فرنسا لن تعترف بأي حال من الأحوال بجرائمها في الجزائر، مواصلا عقب ذلك طريقه وبكل تأن في الوصول إلى قصر الايليزيه، مسترضيا كل الأطراف بعد أن لعب على جميع الأوتار.
إن العلاقة بين الشعب الجزائري والفرنسي طويلة وتمتد لأكثر من 200 سنة، أي قبل التواجد الاستعماري وبعده، كما أنها تشمل كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية بالإضافة إلى الدينية، الأمر الذي يجعل من طلاق هاذين البلدين مستحيلا، كما قال السفير الفرنسي السابق بالجزائر، بل ويجعل التقارب والتفاهم المبني على المصالح أمرا مفروضا وضروريا، وهو ما كان منذ استقلال الجزائر عن فرنسا، حيث تمتع الفرنسيون بمعاملة خاصة من طرف السلطات الجزائرية على مر السنوات الماضية، سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي، لدرجة بات الفرنسيون يحشرون أنفسهم في العديد من القضايا التي تهم الجزائر، آخرها الإصلاحات التربوية التي تعمل عليها الوزيرة بن غبريط بمعية خبراء فرنسيين.
لقد تلقى الرئيس ماكرون قبل انتخابه دعما مباشرا غير مسبوق من طرف السلطة في الجزائر، وقد تمثل ذلك في تصريح وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي أكّد أن ماكرون صديق الجزائر، بمعنى أن الدولة الجزائرية تقف خلف الرئيس الفرنسي وتدعمه بكل شيء، على أمل أن يقوم هو الآخر بتقديم أشياء تخدم الجزائر سياسيا، في ظل الأزمات التي تعيشها الدول المحيطة بالجزائر، أبرزها ليبيا التي تعيش حرب داخلية أنهكت الجزائر منذ سقوط نظام القذافي، ومالي التي تعرف هي الأخرى حرب طاحنة على الحدود مع الجزائر، أما على الصعيد الاقتصادي فان الجزائر تسعى إلى دفع فرنسا بتشييد مصانع تعمل على تطوير الاقتصاد الجزائر والتقليل من فاتورة الاستيراد، خاصة ما تعلّق بتصنيع السيارات التي تسير بطريقة بطيئة جدا.
عامر رخيلة : ليس بإمكان ماكرون تغيير سياسة فرنسا المؤسساتية
إن الصورة المستقبلية للعلاقات الجزائرية الفرنسية كما يراها المتتبعون، على غرار الأستاذ عامر رخيلة الذي أكّد أن” العلاقة الفرنسية الجزائرية سوف لن تختلف عما كانت عليه سابقا، فرغم التصريحات المثير لماكرون حول الحقبة الاستعمارية، إلا أن الأكيد والمسلّم به أن رجال الظل في فرنسا لن يسمحوا لماكرون بتقديم أي شيء مجاني للجزائر خاصة على الصعيد السياسي،ذلك أن فرنسا دولة مؤسسات ورسمت خطها مع الدول الأخرى منذ زمن بعيد، وإذا كان هناك تغيير فلن يتجاوز الجانب الاقتصادي كون ماكرون رجل براغماتي يريد تعزيز مصالح فرنسا من خلال فتح المجال للمستثمرين الفرنسيين بالدخول إلى الأسواق الجزائرية”.
ع.فداد
الرئيسية / الحدث / أكد أن الرئيس الجديد براغماتي وسيدفع بتعزيز الشراكة الاقتصادية فقط:
عامر رخيلة: ماكرون لن يخرج عن المؤسسة الفرنسية ولن يفيد الجزائر سياسيا
عامر رخيلة: ماكرون لن يخرج عن المؤسسة الفرنسية ولن يفيد الجزائر سياسيا