يؤكد خبراء ومحللون اقتصاديون على الأهمية الكبيرة لفتح فروع لبنوك عمومية في الخارج، سواء من الناحية الاقتصادية والمتعلقة بتشجيع المعاملات المالية أمام المتعاملين الاقتصاديين وجذب الإستثمار أو ما تعلق بتحويلات المغتربين الجزائريين بالخارج، أو من ناحية تفتح هذه البنوك على المحيط الإقليمي والدولي، غير أنهم شددوا أولا على ضرورة تطوير النظام المصرفي والقضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة.
الخبير الإقتصادي، مراد كواشي:
“فتح فروع للبنوك في الخارج له أهمية اقتصادية واستراتيجية”
وفي هذا الصدد يقول الخبير الإقتصادي، مراد كواشي إن لهذا “الفتح أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية والإستراتيجية”، وأول أهمية تكمن في أن هذا التوجه يعتبر “خطوة جريئة” لانفتاح البنوك الوطنية على المحيط الدولي، كون هذه البنوك ومنذ إنشائها لم يكن لديها فروع في الخارج.
وأضاف كواشي في تصريح لـ”الجزائر” أن فتح فروع في فرنسا بالخصوص يساعد على تحصيل أكثر لتحويلات الجزائريين بهذا البلد والذي يزيد عددهم عن 6 ملايين فرد، وبالتالي زيادة الحصول على العملة الصعبة، خصوصا إذا علمنا أن تحويلات المغتربين الجزائريين هي الأضعف حاليا من بين الدول العربية والمغاربية.
كما أن فتح فروع للبنوك العمومية في الدول الإفريقية –يقول الخبير الاقتصادي- يساعد على توطيد علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدول الإفريقية وتدعيم الإمتداد الجزائري في القارة، خاصة مع طرح قانون الاستثمار الجديد الأمر الذي قد يسمح بجلب مستثمرين أفارقة للجزائر بالنظر إلى سهولة عملية انتقال رؤوس الأموال، كما أن العملية تسهل انتقال السلع بين الجزائر والدول الإفريقية.
الخبير الإقتصادي، سليمان ناصر:
“لا بد من القضاء على السوق السوداء للعملة الصعبة”
من جهته، قال الخبير الاقتصادي سليمان ناصر أن فتح فروع للبنوك العمومية في عدد من الدول خاصة إفريقية وأوروبية، سيكون له فائدة كبيرة خاصة على المتعاملين الإقتصاديين، ممن يرغبون في التصدير لهذه الدول، إذ يساعد هذا الوضع على تسهيل عمليات تحويل رؤوس الأموال وتحصيل أموالهم.
غير أن الخبير الاقتصادي ذاته يرى أن هذه الفروع من البنوك “قد لا تكون مفيدة للمهاجرين الجزائريين، خاصة في ظل وجود نظام مصرفي متخلف ووجود أكبر مشكلة تعيق الاقتصاد الوطني وهي السوق الموازية للعملة الصعبة”.
وأوضح سيلمان ناصر في تصريح لـ”الجزائر” أن “تطوير النظام المصرفي وإعادة النظر في القوانين الخاصة بالبنوك والمؤسسات المالية قد لا تشكل عائقا كبيرا ويمكن إيجاد حلول لها”، في حين استطرد قائلا: “لكن يبقى المشكل الأكبر يكمن في السوق السوداء للعملة”.
واعتبر المتحدث أنه “حتى في حال فتح فروع لبنوك العمومية بالخارج فالدولة لن تستفيد من تحويلات المغتربين من العملة الصعبة في ظل وجود هذه السوق”.
وقال ناصر إن القضاء على هذه السوق الموازية “سيسمح للدولة برفع قيمة احتياطي الصرف وتنويع مصادره من خلال تحويلات المغتربين التي سوف تمر عبر القنوات الرسمية أي عبر البنوك”.
عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني، ممثلا عن الجالية بفرنسا، عبد الوهاب يعقوبي:
“فتح فروع للبنوك الجزائرية بالخارج مطلب قديم للجالية واليوم أصبح حتميا”
من جانبه يقول عضو لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني، ممثلا عن الجالية بفرنسا، عبد الوهاب يعقوبي إن فتح فروع للبنوك الوطنية بالخارج “مطلب قديم لأبناء الجالية بالخارج، واليوم أصبح حتميا، وذلك لتسهيل مختلف المعاملات المالية أمامهم”.
ويرى يعقوبي في تصريح لـ”الجزائر” أن النظام المصرفي في الجزائر “لا يزال متخلفا، ولا بد قبل فتح فروع للبنوك العمومية أو غير العمومية في الخارج، إعادة النظر في النظام المصرفي وإصلاحه ليكون مواكبا للتطورات الحاصلة في الأنظمة المصرفية في العالم”.
واعتبر النائب البرلماني، أن تطوير هذا النظام سيشجع أبناء الجالية في الخارج على الاعتماد على هذه الفروع من البنوك الوطنية، بدلا من التوجه لبنوك أخرى أو لمكاتب الصرف الموازية، كما دعا إلى ضرورة إعادة النظر في قانون النقد والقرض.
للإشارة، فقد كشف عرض قدمه وزير المالية عبد الرحمان راوية، الأربعاء الماضي، خلال اجتماع الحكومة، عن اعتزام ثلاثة بنوك عمومية فتح فروع لها في الخارج، في الوقت الذي أكد فيه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان على ضرورة الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع قبل نهاية العام.
وبخصوص البنوك العمومية، الثلاثة، يتعلق الأمر بالبنك الوطني الجزائري، والقرض الشعبي الجزائري وبنك الجزائر الخارجي، حيث تعتزم إنشاء وكالات بنكية تابعة لها في العديد من البلدان الإفريقية.
كما بادر بنك الجزائر الخارجي بالمساعي من أجل فتح مكتب للوكالة التابعة له “بنك الجزائر الخارجي الدولي” بفرنسا من أجل الاستجابة للانشغالات المعبر عنها من طرف الجالية الجزائرية المقيمة في هذا البلد.
رزيقة. خ