تولي الدولة اهتماما كبيرا بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبار هذه الأخيرة وحسب آخر الإحصائيات تمثل ما لا يقل عن 97 بالمائة من مجموعة المؤسسات الاقتصادية في البلاد، وتوظف ما يزيد عن 56% من اليد العاملة، كما أنها تعكس مدى قوة الاقتصاد لكل دولة، ويرى خبراء أن أغلب الدول تعتمد على مقاربة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعدة اعتبارات، ودعوا إلى ضرورة تغيير نماذج تسيير هذه الأخيرة في الجزائر لجعلها أكثر نجاعة، كما أشاروا إلى ضرورة تسهيل الإجراءات أمام الشباب والمستثمرين وتوفير بنك معلومات لميادين الاستثمار وفق احتياجات السوق لضمان نجاح المؤسسات واستمراريتها.
الخبير الإقتصادي، أحمد سواهلية:
“لا بد من تسهيل الاستثمارات أمام الشباب لتمكنيهم من خلق مؤسسات قوية”
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية، في تصريح لـ”الجزائر”، أمس، إن “ما تمثله المؤسسات الاقتصادية في الجزائر ما لا يقل عن97% من إجمالي الـمؤسسات وتوظف ما يزيد عن 56% من اليد العاملة هي طبيعية، فأغلب الدول في العالم تعتمد على مقاربة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعدة اعتبارات، فهي ترتفع فيها نسبة التشغيل، كما أنها مرنة وسهلة الإنشاء ولا تحتاج لرأس مال كبير ولا لعقار كبير، وتتميز بالكفاءة الذاتية، ما يجعلها الأقوى والأكثر إنشاء وتوسعا وانتشارا وتمنح الاقتصاد قوة”.
واعتبر سواهلية أننا في الجزائر لا تزال أرقام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بعيدة عن المطلوب حتى تتمكن من تنشيط الاقتصادي مثلما يحدث في البلدان الأخرى، فقد لا يتجاوز عدد هذه المؤسسات 500 ألف مؤسسة على المستوى الوطني وهي أرقام تبقى ضعيفة جدا.
وأضاف أنه في الجزائر هناك خليط غير مفهوم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و يرى أنه لجعل هذه المؤسسات أكثر قوة وتنشيطا للاقتصاد الوطني لا بد من تسهيل إجراءات إنشاءها، وتسهيل الاستثمارات أمام الشباب كون هذه المؤسسات تعتمد في قوتها على الشباب واختراعاتهم وابتكاراتهم، كما شدد على ضرورة استقرار القوانين.
الخبير في الشؤون الإقتصادية، أحمد طرطار:
“ضرورة تغيير نماذج تسيير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة”
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد طرطار في تصريح لـ”الجزائر”، إن إشكالية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر تكمن في طرق تسييرها، واعتبر أنه إذا ما تم تغيير أساليب التسيير سوف يكون لهذه المؤسسات الدور الكبير والفعال في تنشيط الاقتصادي الوطني.
وأشار الخبير إلى أن مسار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر منذ إنشائها في 2021، والمشاكل التي تعرضت لها منذ 2003، والتعديلات المتعاقبة للدفع بها، إلا أنها للأسف لم تعطي النتيجة المرجوة منها، وأغلبها كانت مؤسسات عائلية تقتصر نشاطاتها في النشاطات البسيطة مثل الصناعات التحويلية وغيرها، وهي تبقى نشاطات مهمة لكنها لا تعطي قوة كبيرة للاقتصاد الذي له تأثير على المجتمع والنسيج الاقتصادي كالقطاع الفلاحي، السياحة والصناعات الثقيلة، وهذا ما جعلها-يوضح المتحدث ذاته- تتراجع مكانتها، الأمر الذي دفع الدولة لتخصيص وزارة منتدبة خاصة بها وإنشاء صناديق لإنشاء وتشجيع هذه المؤسسات غير أن هذه الإجراءات لم تعطي لحد الآن ثمارها.
ويرى الخبير الاقتصادي أن لهذا الوضع-أي عدم إعطاء النتائج المرجوة من الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة- راجع إلى نماذج تسيير هذه الشركات في الجزائر مقارنة بنظيراتها في دول الاتحاد الأوروبي مثلا أو غيره، فاغلب هذه الشراكات لديها طرق تسيير هزيلة، فهي مؤسسات عائلية قد يساء في إحدى المراحل تسييرها من أصحابها، ومنها مؤسسات ورثت من فترة التسعينيات، وأحيل تسيرها على العمال دون وجود إطار موجه لها، ما يجعل نشاطها ضعيف ولم يعطها دور في تفعيل الاقتصاد، واعتبر أنه لو تم تغيير أساليب التسيير سوف تنجح هذه الشركات وتصبح حقيقة قاطرة للاقتصاد الوطني، شريطة أيضا تغير توجهها إلى مؤسسة اقتصادية بالمفهوم الحقيقي والدقيق للمؤسسة الاقتصادية.
في غضون ذلك، قال طرطار إن “الدولة تعمل على بعث ميكانزمات لمساعدة هذه الشراكات”، ويرى أنه “يمكن خلق شراكات بين المؤسسات الجزائرية وأجنبية للاستفادة من خبرات الغير خاصة الدول المتطورة التي تمتلك شركات صغيرة ومتوسطة رائدة، ونقل تجارب تسييرهم للشركات المحلية”.
نائب بالمجلس الشعبي الوطني، يوسف عجيسة:
“إنعاش الإقتصاد الوطني يحتاج إلى ما يقارب مليوني مؤسسة”
أما نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، يوسف عجيسة، فقال في تصريح لـ”الجزائر”، إن إنعاش الاقتصاد الوطني وإخراجه من الوضعية التي هو فيها يتطلب وجود ما يقارب 2 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، فاليوم هناك نقص كبير في عدد هذه المؤسسات كما أن هناك مؤسسات كبيرة تعاني من أزمات مالية وهي على حافة الإفلاس، ومنها مؤسسات شبه متوقفة وعمال أحيلوا على البطالة.
ويرى المتحدث ذاته، أنه “للخروج من هكذا وضع لا بد من إعادة النظر في طرق إنشاء المؤسسات، وتسييرها، إذ –يقول أنه لا بد من أن تكون هناك شفافية ووضع بنك معلومات حول احتياجات السوق، لتسهيل الأمر أمام الشباب المقاولاتي أو المستثمرين لفتح شركات في الميادين التي يحتاجها السوق، رغم أننا -يضيف النائب- نحتاج اليوم إلى مؤسسات في كل المجالات والميادين.
ويرى الخبير الاقتصادي أن “الجزائر لا تنقصها كفاءات، فهناك شباب من خرجي الجامعات يمتلكون من الأفكار والابتكارات ما يؤهلهم إلى إنشاء شركات قوية، غير أن البيروقراطية و طرق التسيير تؤثر سلبا على خلق مثل هذه المؤسسات”، كما اعتبر أنه من الضروري التوقف عن استيراد منتجات يمكن تصنيعها محليا وذلك لإعطاء الفرصة أمام الشباب والمستثمرين لدخول السوق الوطنية وتسويق منتجاتهم، كما شدد على ضرورة أن يكون إنشاء هذه المؤسسات وفق معايير المؤسسة الاقتصادية الحقيقية التي من شانها الدفع بالاقتصاد الوطني وتحسينه.
هذا وكان الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، قد ترأس، أول أمس، اجتماعا للحكومة خصص لدراسة ثلاثة عروض حول مشروع قانون يتضمن تسوية الـميزانية للسنة الـمالية 2019 ومشروعي مرسومين تنفيذيين يتعلقان بشروط منح الرخصة الاستثنائية لحرق الغاز، وقد درس أعضاء الحكومة مشروع تمهيدي لقانون، ومشروعي مرسومين تنفيذيين معدة من طرف الوزيران الـمكلّفان بالـمالية، والطاقة والمناجم.
كما تم تقديم عرض من قبل الوزير الـمنتدب لدى الوزير الأول، الـمكلف بالـمـؤسسات الـمصغرة، حيث استمعت الحكومة إلى عرض قدّمه الوزير الـمنتدب، حول وضعية الـمـؤسسات الـمصغرة، ووسائل إنعاشها، ولقد أبان تشخيص الوضع الراهن للمؤسسات الـمصغرة، والصغيرة، والـمتوسطة، أنها تمثل ما لا يقل عن 97% من إجمالي الـمؤسسات وتوظف ما يزيد عن 56% من اليد العاملة.
كما تم عرض الإصلاحات التي شُرع فيها، وكذا خارطة الطريق التي تهدف إلى ترقية إنشاء الـمؤسسات الـمصغرة وتحسين نظامها الإيكولوجي.
وعقب العرض، أشار الوزير الأول إلى ضرورة دراسة السبل والوسائل التي من شأنها تحسين وضمان تثمين أقصى لآليات دعم إنشاء مناصب الشغل التي وضعتها الدولة على مستوى مختلف القطاعات.
رزيقة. خ