أعطت الزيارة القصيرة التي أداها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، الأربعاء الفارط، نفسا جديدا للعلاقات الثنائية بين باريس والجزائر بعد فترة من البرودة، خاصة خلال آخر أيام حكم الرئيس الأسبق فرونسوا هولاند وبداية عهدة ماكرون، معلنا أنه سيعود إلى الجزائر السنة القادمة في إطار ” زيارة دولة “.
انتهت زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الجزائر العاصمة، زيارة انتظرها الكثيرون سواء في الجزائر أو فرنسا، لمحاولة فك شفرة العلاقات الجزائرية الفرنسية في عهد الرئيس الشاب الذي لم يستطع القدوم إلى الجزائر إلا بعد مرور نصف سنة على انتخابه على رأس الجمهورية الفرنسية الخامسة، ليأتي في زيارة ” عمل وصداقة ” حسب قصر الإيليزي لأقل من ثماني ساعات فقط، فترة قصيرة، لم يقم بها سابقوه لكنها سمحت له بمقابلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإقامة الدولة في زرالدة، وكذلك لقاء الوزير الأول أحمد أويحيى ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح في جلسات مغلقة في إطار مباحثات تناولت مسائل متعددة تهم البلدين خاصة في المجالات الإقتصادية حيث تبقى فرنسا أول شريك استثماري للجزائر خارج قطاع المحروقات وكذلك المجال الأمني والعسكري بعد توجه باريس لتطبيق خطة عسكرية جديدة في منطقة الساحل الإفريقي لمحاربة الجماعات الإرهابية من خلال مجموعة الـ5 المدعمة لعملية ” برخان ” العسكرية التي تقودها فرنسا منذ تدخلها العسكري في مالي سنة 2012.
وتقرأ معظم التصريحات التي أطلقها الرئيس ماكرون من الجزائر في خانة ” النظرة إلى المستقبل “، بالرغم من أن الرجل لم يعتذر عن جرائم استعمار الجيش الإستعماري الفرنسي، بعدما ظن الدميع بعد تصريحه كمترشح للانتخابات الرئاسية من الجزائر أن الاستعمار الفرنسي ” جريمة ضد الإنسانية “، لكن من جهة أخرى تعهد الرئيس ماكرون بتغيير القانون وتسليم الجزائر جماجم رجال المقاومة الشعبية المتواجدين في متحف الإنسان بباريس، إضافة إلى جزء من الأرشيف الجزائري المتواجد لدى السلطات الفرنسية للقيام بدبلجته أولا، أمر جعل وزير المجاهدين الطيب زيتوني يعتبر أن تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول ملف الذاكرة بـ ” المبادرة الإيجابية “.
ومثلما أكد الرئيس الفرنسي في حوار صحفي قبل ساعات من قدومه سعيه إلى بناء “محور قوي” مع الجزائر ” أساسه الحوض المتوسط ويمتد إلى إفريقيا “، استطاعت السلطات في المقابل تنظيم استقبال شعبي لماكرون في شوارع العاصمة، لن يجد مثيله في تنقلاته إلى بلدان أخرى، نظرا لحفاوة الإستقبال التي لطالما تبرزها السلطات الجزائرية للرؤساء الفرنسيين الذين يودون مقابلة الجماهير مباشرة من دون وسيط. ولا يمكن أن لا تدخل هذه اللقطات التاريخية بالنسبة لرؤساء فرنسا خلال قدومهم لأول مرة إلى الجزائر في باب تلطيف الأجواء السياسية بين الدولتين اللتين تعرفان شدا وجذبا في علاقاتهما بالنظر إلى سحب التاريخ المتراكمة.
ويوما واحدا بعد الزيارة التي أداها الرئيس ماكرون، وقعت الجزائر وفرنسا بباريس، على 11 اتفاقا للتعاون بين البلدين بحضور الوزير الأول أحمد أويحيى ونظيره الفرنسي إدورارد فيليب وذلك في ختام أشغال الدورة الـ 4 للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى الجزائرية-الفرنسية، وتتعلق الاتفاقات بقطاعات الاقتصاد والتعليم العالي والتكوين المهني بالإضافة إلى الصحة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والثقافة، كما أبرم الطرفان في إطار الشراكة الإستراتيجية التي تسعى إليها السلطات العليا في البلدين اتفاقية شراكة متعلقة باستحداث فروع للتكوين الممتاز تخص مهن الطاقة والكهرباء والآلية الصناعية.
إسلام كعبش
محور الجزائر- باريس ينتعش :
الوسومmain_post