الجمعة , مايو 3 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / اعترف بمقتل موريس أودان وإقامة نظام للتعذيب خلال الاستعمار:
ماكرون يطوي صفحة من ملف الذاكرة مع الجزائر

اعترف بمقتل موريس أودان وإقامة نظام للتعذيب خلال الاستعمار:
ماكرون يطوي صفحة من ملف الذاكرة مع الجزائر

اعترف الرئيس الفرنسي لأرملة موريس أودان عن مسؤولية الدولة الفرنسية في مقتل هذا المناضل اليساري الفرنسي سنة 1957 في عز “معركة الجزائر” وهو الذي اختار السقوط من أجل القضية الجزائرية العادلة، خطوة إضافية من خطوات الرئيس ماكرون الذي يعتبر أول رئيس في الجمهورية الخامسة لا ينتمي لمرحلة “حرب الجزائر” يفتح صفحات كانت مطوية في ملف الذاكرة الذي يظل يعيق تطور العلاقات الجزائرية الفرنسية.

• ترحيب جزائري رسمي بخطوة الرئيس الفرنسي 

أقرت فرنسا رسميا عبر الرئيس إيمانويل ماكرون بأنها أنشأت خلال حرب الجزائر (1954-1962) “نظاما” استخدم فيه “التعذيب”، وعلقت وكالة “فرانس برس” على خطوة ماكرون بأنها “فارقة في نزاع لا يزال يتسم بحساسية خاصة بعد ستة عقود من انتهاء تلك الحرب”.

وسلم الرئيس إيمانويل ماكرون إعلانا بهذا المعنى إلى أرملة موريس أودان الذي فُقد أثره بعد اعتقاله عام 1957، يطلب منها “الصفح”، وقال ماكرون “من المهم أن تعرف هذه القصة، وأن يُنظر إليها بشجاعة وجلاء، هذا مهم من أجل طمأنينة وصفاء نفس أولئك الذين سببت لهم الألم في الجزائر وفي فرنسا على حد سواء”. وعبر ماكرون تمنياته كذلك بـ “فتح الأرشيف المتعلق بقضايا اختفاء مدنيين وعسكريين من فرنسيين وجزائريين”، وأفاد قصر الرئاسة الإليزيه قبل الزيارة أن الإعلان يقر بأن أودان “توفي تحت التعذيب الذي نشأ عن نظام وجد عندما كانت الجزائر جزءا من فرنسا” وأثارت هذه التصريحات الصادرة من الرئيس الفرنسي ماكرون ردود فعل قوية في فرنسا حيث لا تزال مسألة التعذيب، وإن كانت معروفة، من المحظورات في الرواية الرسمية في فرنسا للأحداث التاريخية، فلقد عانت قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري والفرنسي خلال تلك الحقبة حيث ترى بعض الأوساط الإعلامية في فرنسا أن الرئيس ماكرون “عازم على إنهاء هذه المعضلة”.

وفي الجانب الجزائري الرسمي رحب وزير المجاهدين الطيب زيتوني بإقرار الرئيس إيمانويل ماكرون الاعتراف بقتل موريس أودان المناضل من أجل القضية الجزائرية، حيث اعتبرها “خطوة إيجابية يجب تثمينها”. وتحدث على تعاون جزائري فرنسي هادئ في مجال الذاكرة. في حين لم يستسغ رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، خطوة ماكرون أحادية الجانب، قائلا في منشور على صفحته في “الفايسبوك” “لا شك أن موريس أودان بطل من أبطال الثورة التحريرية الجزائرية، ونحن نعتز به، حتى وإن كان اسمه موريس، ولكن حينما يعتذر الرئيس الفرنسي لعائلة موريس أودان فقط يظهر حقيقة العنصرية الفرنسية، وعدم اعتباره الملايين من الجزائريين الذين عُذبوا وقتلوا بشرا”، وأضاف عبد الرزاق مقري “سيدرك الرئيس الفرنسي يوما ما بأن الإنتهاكات التي وقعت للإنسان الجزائري الذي اسمه محمد وعبد الله والدراجي والعياشي والهواري وعائشة وفاطمة والعارم والبتول ولونيس وإيدير وما شابه هي كذلك جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب لا تتقادم بمرور الزمن، تصرف ماكرون هذا يدل كذلك على قلة احترام للمسؤولين الجزائريين ولكل الشعب الجزائري”. من جهته، قال أستاذ علم التاريخ في جامعة قسنطينة عبد المجيد مرداسي في تصريح لقناة “فرانس24” إن اعتذار فرنسا له “بعد رمزي للعلاقات الجزائرية الفرنسية”، مشيرا في السياق ذاته “ودون شك ستتبعه اعترافات فرنسية أخرى”، مذكرا أن حرب الجزائر “ميزتها التعذيب والمجازر ضد المدنيين”،وواصل مرداسي “اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها في مقتل الشاب موريس أودان خطوة مهمة لعائلة الأخير ولزوجته جوزيت ولأولاده خاصة أنهم يطالبون بكشف الحقيقة منذ سنين”. وعلقت الإعلامية والمحللة السياسية الجزائرية المختصة في الشأن الفرنسي فاطمة محمدي في تصريح أمس، لـ “الجزائر” أن موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتعلق بالاعتراف بجريمة اغتيال المناضل موريس أودان أمام الرأي العام الفرنسي بعد 60 سنة من إخفاء الجريمة، بإمكانه “إزالة الضبابية في العلاقة بين الجزائر وفرنسا ولربّما ستتطور العلاقة و تأخذ مجرى آخر سيستفيد منه البلدان”، وأفادت المحللة السياسية فاطمة محمدي أن العائلات الجزائرية “قد تطالب بتعويضات لضحاياها إذا اعترفت فرنسا بباقي الجرائم والتفجيرات النووية في منطقة رقان جنوب الجزائر”. وأكدت فاطمة محمدي أن ردود الفعل بعد هذا الاعتراف “قسمت الرأي العام و النخب الفرنسية، بخاصة اليمين المتطرف الذي انتقد الرئيس ماكرون بشدة متذرعا بعبارة تقسيم المجتمع الفرنسي”.

الصحف الفرنسية تحيي خطوة ماكرون  

وتناولت الصحف الفرنسية خطوة الرئيس ماركون بكثير من التعليق والتحليل، حيث عنونت صحيفة “لوموند”، “حرب الجزائر: بادرة إيمانويل ماكرون التاريخية”، وشرح لوكالة “فرانس برس” المؤرخ باتريك غارسيا إن “البادرات الأولى تعود إلى فترة جاك شيراك عندما اعترف من خلال سفيره في 1998 بمجازر 8 ماي 1945 وفتح بذلك عملية اعتراف تواصلت مع فرنسوا هولاند الذي أقر بقمع مظاهرات أكتوبر 1961 في باريس وكذلك بقساوة النظام الاستعماري، عام 2012″، وأضاف “لقد تم تجاوز عتبة مهمة مع الاعتراف بالتعذيب من خلال حالة موريس أودان النموذجية، إن ماكرون أقرب إلى أعمال المؤرخين الذين خطوا مسار الأمور منذ فترة طويلة”

وقالت المؤرخة سيلفي تينو إن اعتراف الدولة الفرنسية بأن وفاة أودين نجمت عن “منهج” يشير إلى اعتراف بارتكاب أخطاء على نطاق أوسع. وفي مقال نشره موقع “ذي كونفرسايشن” الخميس، تساءلت المؤرخة الفرنسية، “عبر الإقرار بمسؤولية الدولة في اختفاء موريس أودان، أفلا يتم الإقرار بالتالي بمسؤوليات الدولة في كل حالات الاختفاء التي حصلت في العام 1957 في الجزائر العاصمة؟” ولسيلفي تينو كتاب بعنوان “تاريخ حرب الاستقلال الجزائرية”.

وقالت المؤرخة رافايال برانش لصحيفة “لوموند” الفرنسية إنه “للمرة الأولى، تعترف الجمهورية بأنه خلال حرب الجزائر قد يكون عسكريون فرنسيون ارتكبوا خلال أداء واجبهم ما يمكن تسميته جرائم حرب”، وبرانش مؤلفة كتاب “التعذيب والجيش خلال حرب الجزائر. ومن جانبه، كتب المؤرخ المتخصص في الثورة الجزائرية، بنجامين ستورا، الخميس مقالا في صحيفة “لوموند”، مؤكدا أن مبادرة ماكرون تمثل “مؤشرا جديدا” في كشف الستار عن وحشية الحرب والحقد الذي غذته”، وسأل “كيف نحزن على هذه الحرب إذا لم نثر قضية مصير الناس الذين لم يدفنوا أبدا؟”. وفي الوسط السياسي الفرنسي انتقدت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان ماكرون بقولها “ما هي مصلحة الرئيس في نكئ الجراح عبر التطرق إلى حالة موريس أودان؟، إنه يسعى إلى استغلال انقسام الفرنسيين بدلا من توحيدهم في مشروع”، مشيرة إلى “تملق ماركون للشيوعيين الفرنسيين” على حد قولها، كما ندد بهذه المبادرة والدها جان ماري لوبن، الذي سبق له العمل كعسكري وجلاد في الجزائر خلال الثورة التحريرية، ووصفها بأنها “في غير محلها”.

إسلام كعبش

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super