يبدو أن الكاتبة تركية لوصيف، تعشق الأساطير والأجواء الخرافية وكأنى بها متأثرة إلي حد بعيد بأجواء أساطير وخرافات ألف ليلة وليلة، يبدو هذا جليا في “أسطورة سنجابي” القصة التي جعلت أحداثها تدور في الصحراء الكبري بالجنوب الجزائري متخذة من قلعة المحبة رمزا للوطن.
الصراع عن القلعة يجرى بين الجن والإنس، وهو الصراع الديمومي بين الخير والشر كذلك.
صراع بين الجد وإبليس الشيطان ثم بين الورثة الأحفاد و إبليس، فلمن تكون السيطرة علي قلعة المحبة ؟
القلعة التي يريدها الجد قلعة محبة وعدل ورفاهية وحياة السعادة لسكانها، ويريدها إبليس قلعة له يفرض سيطرته علي سكانها ويستغلهم ويتمتع بخيراتها، لو أردنا هنا تأويلا واعتبرنا كل من القلعة والجد والحفيد وإبليس والسنجاب رموزا، فيمكننا أن نؤول كالآتي:
أولا.. القلعة هي الجزائر بخيراتها وشعبها ونضالها.
ثانيا.. الجد هو الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية.
ثالثا.. الحفيد أو الأحفاد هم مجاهدو ثورة أول نوفمبر 1954.
رابعا.. إبليس أو الشيطان أو الشيطانة هي فرنسا التي احتلت الجزائر ونهبت خيراتها وعذبت وقتلت أبنائها
خامسا.. السنجاب هو الشعوب الصديقة التي ساعدت الجزائر في ثورتها ضد الاحتلال الفرنسى.
هذه قراءة، غير تلك التي قدمها آخرون لأسطورة سنجابي للكاتبة تركية لوصيف، وكل التأويلات التي قدمناها لشخصيات القصة، الرموز تنطبق عليها تلك التأويلات، التي لا نجزم أنها هي التي قصدتها الكاتبة تركية لوصيف ولا نفرضها كتأويلات لا تقبل بغيرها رمزا، ولكنه اجتهاد من طرفنا، أردنا منه إعطاء بعد وطني للقصة، وتبرير لجوء الكاتبة إلي الأسطورة والرمز كتورية غير صريحة، دفعا للقارئ وتحريضا له باستخدام عقله وفكره التأويلي في قراءة القصة، وعدم الاكتفاء بقراءتها قراءة أسطورية دون تأويل لها..
إن اهتمام تركية بالأساطير، هو الدافع في رأينا، الدافع لها لإضفاء الأجواء على قصصها، تحبيبا للقارئ الذي نشأ فيها، إذ أن القصة موجهة بالدرجة الأولى إلى الناشئة من الفتيان.
ولكن حتى وغير الناشئة يجدون فيها متعة عند القراءة لأن بداخل أي إنسان مهما تقدم به العمر شيء من الطفولة بداخله، تستعيده الذاكرة كلما وجد نفسه أمام شيء أسطوري أو خرافي من القصص التي كان يسمعها وفي طفولته من الجدات، وهذا في الحقيقة اتجاه لم يكن موجودا في قصص الجيل السابق من كتاب القصة، وحتي الرواية، ولكنه الآن يلقي اهتمام بعض كتاب القصة من جيل تركية لوصيف وإن كان بشيء من الاحتشام وقلة نشره..
لغة تركية لوصيف بسيطة، فهي تتحاشي استخدام المفردات التي قد يصعب علي الناشئة فهمها، وتوفر عليهم جهد البحث في القاموس عن معناها لغة في المتناول بسيطة وصحيحة ومؤدية لوظيفتها دون وسائط.
نبارك للكاتبة تركية لوصيف على ماتبذله من جهد في هذا الاتجاه ونتمنى لها المزيد والنجاح.
…
لمحة تعريفية: علاوة وهبي، كاتب وإعلامي متقاعد، كان من أهم المسرحيين ممارسا، حيث يعد من مؤسسي فرقة “كراك”المسرحي بقسنطينة إلى جانب عبد الحميد حباط، ألف العديد من النصوص المسرحية، تم تقديمها وحاز عن أحدها بعنوان “الضوء” الجائزة الأولى سنة 1966 في مهرجان عيد الاستقلال والشباب. و له عدة مؤلفات منشورة في القصة والرواية والمسرح والشعر، و مجموعة كتب مترجمة عن الفرنسية في مجالات مختلفة، أهمها ترجمة مسرحية “ألف مرحي” لمحمد ديب، و “استراحة المهرجين” لنور الدين عبة وآخرين من الغرب.
علاوة وهبي