السبت , مايو 18 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة مصطفى بوسنة: الفنانة الإيرلندية anne magill

مساهمة مصطفى بوسنة: الفنانة الإيرلندية anne magill

 

اكتشفت هذه الفنانة منذ مدة قصيرة، أعجبتني كثيرا أعمالها بحثت عن مصادر باللغة العربية و الفرنسية فلم أجد سوى كلمات معدودة و عامة مما جعلني انقب شخصيا لأعرف بهذه الموهبة التي لا أبالغ إن قلت أنها لا تبتعد كثيرا عن مستوى الفنان الأمريكي ادوارد هوبر الذي نحس جليا بتأثير أسلوبه على أعمالها…

ولدت آن ماجيل في Co. Down أيرلندا الشمالية عام 1962. درست في ليفربول قبل أن تنتقل إلى لندن لإكمال شهادتها في مدرسة سانت مارتن للفنون. بعد تخرجها في عام 1984، عملت آن ماغيل كرسامة حيث اشتهرت بسرعة رسوماتها المثيرة من بخامة الفحم والباستيل .. حصلت على جوائز B&H Gold Illustration أربع مرات. إلى جانب عملها كفنانة تجارية، بدأت في تجربة رسومات الفحم الأكثر حميمية بناءً على ذكريات تعكس وقتها الذي قضته مع الجيش في بلفاست، وفي جرينهام كومون وفي باريس أثناء دراستها. أصبحت رسومات التخطيطية السريعة التي قامت بها خلال هذه الفترة مقدمة لأسلوب ناضج يتم فيه بناء لوحاتها بأجوائها الشاعرية من مناظر مجهولة وحميمة، تظهر مثل الذكريات المسروقة في الوقت المناسب.

الغموض والفتنة التي نجدها في عمل”آن ماجيل هي شاهد على سلسلة من المناظر البشرية الساكنة والصامتة بشكل لا نهائي من خلال رسمها. إن القوة العظيمة لعملها هي عبقريتها مثل هوبر لإرغامنا على نسج قصة، مستمدة من ذخيرتنا الخيالية الخاصة حول هذه المشاهد. على الرغم من أننا لا نعرف الرجال أو النساء في اللوحة نشعر أننا نتعرف عليهم، لأنهم يقفون وهم يحدقون في حدث لا نستطيع رؤيته أو المشي فيه، ووجهنا مختبئ تحت قبعة، نحو وجهة لا ندركها … حينما نقف امام لوحاتها نكون مقتنعين بأننا سوف نفهم في نهاية المطاف، الحقيقة الإنسانية التي ألهمت الصورة”.

حاز عملها على شهرة دولية من خلال العمل المعلق في مجموعة الخطوط الجوية البريطانية، نايكي، ليفي سترواس، هاينكن، كاناري وارف، فورتي جروب، ساب، بالإضافة إلى المجموعات الخاصة الرئيسية في جميع أنحاء العالم.

لوحات ورسومات الفنانة مستوحاة من حياتها وذكرياتها، الصور القديمة لفترة العشرينات و الثلاثينات والكتب التي قرأتها، اعمالها الفنية عبارة عن عصارة للصور والأفكار التي تدور في رأسها والتي طورتها إلى لوحات. يبدأ عملها مثلا بصورة صغيرة لرجل، التي حسب رأيها هي لقطة صغيرة لكنها سجل موجز، حيث توقف رجل مؤقتًا قبل مغادرته في الأخير، واللوحات هي لحظات مسروقة على طول الطريق بعد ذلك.

يتأثر محتوى لوحاتها بشكل مباشر بتجاربها وذكريات طفولتها قبل ان تغادر و تترك أيرلندا الشمالية. إنها فنانة مفتونة بفكرة ترك مكان ماديًا ولكنه يجذبها دائمًا للعودة إليه، كان المنزل والأسرة. ذاكرة المكان وهؤلاء الناس العابرين للمكان تتخلل العمل. برايتون حيث تعيش وتعمل.

مناظر المدينة تشعرنا انها مهجورة بشخصياته معزولة، استحوذت الرسامة على الوحدة واغتراب الحياة الحديثة، معبرة بذلك على الشعور بالوحدة والعزلة، تصور اللوحات أن الناس معزولون جداً عن بعضهم البعض، ففى إحدى اللوحات تقف فتاة وحيدة امام البحر، ولوحة أخرى تصور يسير وحده بالمدينة عند غروب الشمس…

لنأخذ الأمر على محمل الجد، إذا كان المجتمع الحديث فعلا كما هو منقول في لوحات الرسامة، فإن أزمة الوحدة وشيكة قد تكون واحدة من أكثر العواقب الاجتماعية المشحونة، قد يكون فقدان الاتصال المباشر بالبشر الذي نتفق عليه كارثى، هذا ما تظهره لنا الفنانة.

حاولت من خلال لوحاتها القول إن الحياة الحديثة يمكن أن تكون فيها وحيداً للغاية.

وجدير بالذكر أن إدوارد مونش بالفعل فى أمسيته الكابوسية فى شارع كارل جوهان أظهر أن الحشد يمكن أن يكون مكانًا منعزلاً للغاية.

الفنانة التي استطاعت ان تلتقط عبر الرسم لحظات الاغتراب والتيه والعزلة التي تواجه حياة الإنسان في المدن الحديثة. حتى الآن يظل تعريف هذا الاغتراب غامضًا وغير واضح، لكنّ رسوماتها تستطيع أن تخبرنا الكثير عن ما الذي لا يعنيه الاغتراب.

لا شيء يدعو للإسراع في لوحاتها، فالوقت ممتد أمامنا دائمًا، يحمل الإنسان في اللوحة مصباحًا مضيئًا ينير له الطريق فيصلنا شعورها الواثق باليقين في قدراتها وفي معرفتها وتجربتها، المشاهد للوحاتها يرى لحظاتٍ خاصَّة وسريَّة للشخصيات لا يمكنه أن نراها في الظروف العادية. يقال إن نكهة الإستراق الزمني هذهِ هي التي جعلت للوحاتها كل هذه الجاذبية لدى المشاهد الذي غالبًا ما يجد نفسه في مكانٍ غير معتاد وغير مريح وهو ينظر إلى اللوحة.

يمكن ان نصنفها ضمن التيار الواقعي، لكن نقادًا آخرين يصنفونها ضمن المذهب السريالي، ذلك الذي يحتفى بغرابة الحياة الواقعية لاغرابة الأحلام. ..اعمال تحتوى على أعمق الاستبصارات السريالية الخاصة بأفضل السرياليين. استطاعت أن تجعل من واقعيتها شيئًا يفوق في جوهره أكثر اللوحات السريالية خيالًا.

لم تكن تثق أبدًا في الكلمات، وكانت تقول دائما.. إن ما يمكن قوله بالكلمات لن نكون في حاجة إلى رسمه، وكانت تعتقد أن الصور المرسومة هي الأقدر على توصيل المشاعر والأفكار. لذا سيظل دائمًا في لوحاتها شيء ما لا يمكن قوله ولا كتابته، شيء غامضٌ جدا، كوجودنا الغامض في هذه الحياة….

التشكيلي مصطفى بوسنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super