يرمي مشروع قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية الذي سيعرض لاحقا على نواب المجلس الشعبي الوطني للمناقشة والإثراء، إلى تعزيز الحرية والاحترافية في الممارسات الإعلامية، وهذا استجابة لتطلعات مهنيي قطاع الإعلام واقتراحاتهم المنبثقة عن المشاورات التي أجريت معهم.
ويهدف هذا المشروع الذي يندرج في إطار تجسيد توجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى ترقية جودة الخدمة الإعلامية وتعزيز الاحترافية في الممارسات الإعلامية من خلال إخضاع إنشاء النشريات الدورية و/أو الصحف الالكترونية لحيازة مدير النشر لشهادة جامعية الى جانب الكفاءة والخبرة الفعلية وكذا ضمان التعددية الإعلامية ومنع التأثير المالي والسياسي أو الإيديولوجي لنفس المالك والسهر على ولوج المواطن إلى المعلومة عبر كامل التراب الوطني.
وسيساهم من خلال أحكامه الجديدة في تعزيز حرية الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية وحماية مهنيي وسائل الإعلام, كما يسعى إلى الاستجابة لتطلعات مهنيي القطاع من خلال الأخذ بعين الاعتبار انشغالاتهم واقتراحاتهم المنبثقة عن المشاورات التي أجريت معهم لاسيما ما يتعلق بتبسيط الإجراءات الإدارية عند إنشاء النشرية الدورية أو الصحف الالكترونية.
وفي هذا السياق, يقترح المشروع إخضاع النشرية الدورية والصحف الالكترونية لنظام التصريح, وهذا تكريسا لأحكام المادة 54 من دستور سنة 2020, كما يحدد مهام سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية المنشأة بموجب القانون العضوي المتعلق بالإعلام في مجال ضبط نشاط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية.
وفي حالة الإخلال بأحكام هذا النص, يمكن لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية إخطار الجهات القضائية المختصة قصد التوقيف المؤقت أو التوقيف النهائي لنشاط النشريات الدورية والصحف الالكترونية مع منحها إمكانية التدخل تلقائيا لإعذار المخالفين.
وتضمن المشروع أيضا تكريس مبدأ تعددية الآراء والفكر ومنع تمركز النشريات الدورية والصحف الالكترونية, وذلك بتحديد عدد النشريات والصحف الالكترونية المسموح امتلاكها أو مراقبتها من كل شخص طبيعي يتمتع بالجنسية الجزائرية أو معنوي خاضع للقانون الجزائري بنشرية واحدة و/ أو صحيفة الكترونية واحدة للإعلام العام.
واستجابة لنفس المبدأ, تم التأكيد على عدم إمكانية المساهمة في الرأسمال الاجتماعي لأكثر من نشرية دورية أو صحيفة الكترونية للإعلام العام، مع إخضاع إصدار النشريات لتصريح يوقعه مدير النشر مرفق بملف يودع لدى الوزارة المكلفة بالاتصال مقابل وصل إيداع يعد بمثابة الموافقة على الصدور, وهو غير قابل للتنازل بأي شكل من الأشكال, وتقوم الوزارة بإرسال نسخة منه والوثائق المرفقة به إلى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الالكترونية.
ويتضمن التصريح المنصوص عليه في نص المشروع, عنوان النشرية, موضوعها ودورية ومكان صدورها, إلى جانب الطبيعة القانونية للمؤسسة الناشرة ومكونات رأسمال المؤسسة الناشرة ومصدره, كما يشترط على مدير النشر حيازة الجنسية الجزائرية فقط وشهادة جامعية أو شهادة معترف بمعادلتها وخبرة لا تقل عن 15 سنة مثبتة لدى صندوق الضمان الاجتماعي, كما لا يجب أن يكون محكوما عليه في قضايا فساد أو متابع فيها أو مرتكبا لأفعال مخلة بالشرف.
وبخصوص الدورية الأجنبية, فإنها تستدعي ترخيصا مسبقا من المصالح المؤهلة للوزارة ويخضع إصدار و/أو استيراد النشريات الدورية الموجهة للتوزيع المجاني إلى ترخيص مسبق من الوزارة المكلفة بالخارجية.
أما بالنسبة لنشاط الصحافة الإلكترونية, فتنص المادة 31 من مشروع القانون على الشروط الواجب توفرها في مدير النشر, منها حيازة الجنسية الجزائرية وشهادة جامعية أو شهادة معترف بمعادلتها وخبرة لا تقل عن 5 سنوات مثبتة, كما لا يجب أن يكون محكوما عليه في قضايا فساد أو متابع فيها أو مرتكبا لأفعال مخلة بالشرف.
وبخصوص سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية, فإنها تتولى السهر على شفافية القواعد الاقتصادية لتسيير النشريات الدورية والصحف الالكترونية, السهر على جودة الرسائل الاعلامية وكذا ترقية الثقافة الوطنية وإبرازها بجميع أشكالها, احترام المعايير التشريعية والتنظيمية المطبقة في مجال الاشهار ووضع كل الآليات للتحقق ومراقبة المعلومات المقدمة، لاسيما في مجال التمويل.
وتتشكل السلطة من 9 أعضاء بمن فيهم الرئيس, يعينهم رئيس الجمهورية باقتراح من الوزير الأول لعهدة مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة, ويتم اختيارهم من بين الكفاءات والشخصيات والباحثين ذوي خبرة فعلية في المجال التقني, القانوني والاقتصادي والصحفي معترف بمؤلفاتهم وأبحاثهم وإسهاماتهم في تطوير الصحافة, وتلزمهم المادة 47 بالامتناع عن اتخاذ أي موقف علني حول المسائل التي تداولت بشأنها السلطة.
وتناول مشروع القانون أيضا الأحكام الجزائية في حال الإخلال بالمضمون, حيث تنص المواد 74, 75 و76 على معاقبة كل شخص يصدر نشرية دورية أو ينشئ صحيفة الكترونية دون القيام بإجراءات التصريح, و كل مؤسسة ناشرة لم تصرح بأي تعديل للعناصر المكونة للتصريح بغرامة من مائتين إلى خمسمائة ألف دج.
وفي ذات السياق، تنص المادة 77 على معاقبة مؤسسة الطبع التي تطبع نشريات دورية والمستضيف الذي يستضيف صحيفة الكترونية في غياب التصريح بغرامة من مائة إلى خمسمائة ألف دج.
وتلزم المادة 80 من هذا المشروع النشريات الدورية والصحف الإلكترونية الموجودة في حالة نشاط , بالامتثال لأحكام هذا القانون في أجل 6 أشهر ابتداء من تاريخ إصداره, كما تنص المادة 81 على تولي الوزارة المكلفة بالاتصال مهام السلطة وصلاحياتها إلى حين تنصيبها.
مشروع قانون نشاط السمعي البصري يكرس حق المواطن في إعلام كامل وموضوعي
يرمي مشروع قانون نشاط السمعي البصري الذي سيتم عرضه لاحقا على نواب المجلس الشعبي الوطني للمناقشة والإثراء، إلى وضع إطار قانوني يحدد كيفية ممارسة هذا النشاط وفقا لمبادئ عامة أهمها حق المواطن في إعلام كامل وموضوعي.
وفي هذا الإطار, يحدد مشروع القانون المؤسسات العاملة في حقل السمعي البصري بمختلف انواعها وتنوع مصادر بثها, موضحا في ذات السياق الشروط الضرورية لتنظيمها وضبطها ومراقبتها.
ويتطرق إلى بعض الأحكام المقيدة التي فرضها القانون العضوي رقم 05-12 المتعلق بالإعلام والقانون 04-14 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، والتي تم الغاؤها بعد أن اتضح عدم فعاليتها، ليتم استبدالها بأحكام تواكب واقع الحقل السمعي البصري الوطني.
وقد تم إحصاء العديد من القنوات المسموعة والمرئية الخاضعة لقانون أجنبي ويتواجد مقرها الاجتماعي خارج التراب الوطني, في حين أنها تبث إلى الجمهور الجزائري البرامج التي تم اعدادها وإنتاجها على أرض الوطن.
وانطلاقا من هذه المفارقة, أصبح من الضروري دمج هذه القنوات ضمن المشهد الإعلامي الوطني من خلال توسيع نطاق خدمات الاتصال السمعي البصري المرخص لها إلى القنوات ذات المضامين العامة.
ومن بين التعديلات المهمة التي جاء بها مشروع النص القانوني، توحيد إجراءات منح الرخص لتكون نفسها التي تمنح للقنوات السمعية البصرية التقليدية والقنوات السمعية البصرية عبر الأنترنت.
وباعتبار النشاط السمعي البصري بما فيه عبر الانترنت نشاطا مقننا، تم إخضاع ممارسته من قبل خدمات الاتصال السمعي البصري إلى حيازة رخصة يمنحها الوزير المكلف بالاتصال مع ضرورة الالتزام بأحكام دفاتر الشروط العامة والخاصة.
وتم من جهة أخرى، تكليف السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري بالسهر على احترام خدمات الاتصال السمعي البصري لدفاتر الشروط هذه قصد التصدي لأي انحراف قد يعيق السير الحسن للنشاط السمعي البصري بمجمله والحفاظ على مصالح كافة الجهات المعنية.
وفي هذا الإطار، يكشف المشروع عن التحول الذي عرفه مفهوم السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري بموجب القانون العضوي الجديد المتعلق بالإعلام بشكل يجعل منها أداة في خدمة قطاع السمعي البصري والصالح العام ويمكنها من ممارسة صلاحياتها على أكمل وجه، لاسيما السهر على احترام التعددية الإعلامية وتنوع الآراء.
وفيما يخص المضمون، يحتوي مشروع هذا القانون على جملة من الأحكام تتمثل أهمها في إسناد مهمة تخصيص الذبذبات الموجهة لخدمات الاتصال السمعي البصري إلى الهيئة العمومية المكلفة بالبث الإذاعي والتلفزي بعد منحها طيف الذبذبات اللاسلكية الكهربائية من قبل لجنة منح الذبذبات التابعة للوكالة الوطنية للذبذبات، والتي تضم لاسيما ممثلين عن مصالح الدفاع الوطني والداخلية وسلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية.
كما ينص مشروع ذات القانون على تمديد التراخيص الخاصة بخدمات الاتصال السمعي البصري الموضوعاتية إلى خدمات الاتصال السمعي البصري العامة وكذا الزامية حيازة رأسمال اجتماعي وطني خالص وإمكانية الترخيص بإنشاء خدمة اتصال سمعي بصري عامة وأخرى موضوعاتية.
وتطرق المشروع أيضا إلى توسيع مهام السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري ومواءمة الخدمات السمعية البصرية عبر الإنترنت مع الخدمات السمعية البصرية المرخص لها, مع ضرورة التزام خدمات الاتصال السمعي البصري بدفتر الشروط العامة ودفتر الشروط الخاصة.
ويمنح مشروع قانون نشاط السمعي البصري السلطات القضائية المختصة دون سواها سلطة تعليق وسحب رخص إنشاء خدمات الاتصال السمعي البصري, كما وضع إطارا قانونيا لممارسة نشاط إنتاج وتصوير المضامين السمعية البصرية وبثها عبر كافة الدعائم, فضلا عن إنشاء هيئة عمومية تتولى حفظ وصيانة التراث السمعي البصري الوطني وتثمينه.
ويهدف مشروع هذا القانون من خلال الاحكام التي تضمنها ووفقا لعرض الأسباب الخاص بنصه, إلى تشجيع الاستثمار الوطني العمومي والخاص في الصناعة السمعية البصرية الوطنية وترقية الإنتاج السمعي البصري من خلال تحديد النسب التي يتعين على المؤسسات الاعلامية الالتزام بإنتاجها وبثها بما يعرف بالموروث الحضاري والثقافي للجزائر ويعزز الهوية الوطنية.
وأج