شكل مقترح تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية، الذي طرحته بعض التشكيلات السياسية على رأسهم حزب “تجمع أمل الجزائر” و”حركة مجتمع السلم” جدلا جديدا في الساحة التي تعاني أصلا من جمود سياسي مزمن جراء الشك الذي يحوم حول تنفيذ العهدة الخامسة إضافة إلى عدم وجود نية لدى أغلب الشخصيات الثقيلة للتفاعل مع هذه الانتخابات الرئاسية.
إضافة إلى عمارة بن يونس رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، الذي عبر عن رفضه لمبادرة شريكه في التحالف الداعم للرئيس بوتفليقة رئيس “تاج” عمار غول الداعي إلى تمديد العهدة الرابعة إلى غاية تنظيم ندوة وطنية يشرف عليها الرئيس ذاته السنة المقبلة، لإيجاد مخرج للمرحلة القادمة، خرج محسن بلعباس رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية مستغربا طرح مثل هذه المبادرات السياسية على مقربة من الرئاسيات، وذكر بلعباس في تصريحات له أن “الأرسيدي” “أول من نادى بتقليص الفترات الرئاسية والعمل بالمادة 88 من الدستور السابق والمادة 102 من الدستور الحالي التي تجبر الرئيس على الاستقالة في حالة العجز، والمشكل في هذا النظام أنه جعل الأمور تتعفن أكثر فأكثر”، ويعتقد محسن بلعباس أن المشكلة الحقيقية “لا تكمن في التأجيل” ويقصد انتخابات الرئاسة المقبلة، وإنما في “نزاهة الانتخابات بشكل عام في الجزائر، وغياب الإرادة السياسية، فهناك محطات يتم فيها تعيين رئيس الدولة رسميا عندما يحدث توافق داخل النظام”.
ومن جهتها، رفضت زبيدة عسول الناطقة باسم حركة “مواطنة” في تصريح لـ “الجزائر”، أمس، السيناريوهات المقترحة من طرف بعض السياسيين حول تأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراءها أفريل 2019، سواء عبر التمديد للعهدة الرابعة للرئيس الحالي أو إرساء ندوة وطنية للتوافق تكون تحت إشراف رئيس الجمهورية كما يقترح عمار غول.
وقالت زبيدة عسول أن حركة “مواطنة” “تتمسك بالدستور كما ترفض المساس بموعد الانتخابات الرئاسية”، وأعلنت المتحدثة التي ترأس حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي أن الحركة “ستكون بالمرصاد للأقلية التي تريد فرض منطقها على الجميع”، في إشارة مباشرة إلى أحزاب الموالاة، واعتبرت عسول أن عدم الامتثال لمواقيت الانتخابات والقفز عليها “خرق للدستور” الذي تم صياغته من طرفهم سنة 2016، مشيرة أن المادة 110 من الدستور الجزائري “واضحة حول قضية وقف الانتخابات وهي مقترنة بحالة الحرب”، وبمجرد انتفاء هذه الحالة يعود إجراء الانتخابات لموعدها.
وعادت زبيدة عسول للتذكير بأن حركة “مواطنة” سبق لها أن “دعت الأحزاب والنخب السياسية والمجتمع المدني للاجتماع ووضع خارطة طريق توافقية للمرحلة المقبلة لكن أحزاب السلطة التي تروج اليوم للمرحلة الانتقالية كانت أول من هاجمنا”، موضحة في الأخير أن الندوة الوطنية التي تطرحها هذه الأحزاب فرصة لـ”تغطية أزمة حوكمة”.
ويأتي موقف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحركة “مواطنة” حول قضية تأجيل الانتخابات الرئاسية التي يرافع من أجلها حزبا “تجمع أمل الجزائر” و”حركة مجتمع السلم” ليؤكد حجم الشرخ الحاصل بين مختلف القوى السياسية حول موعد انتخابات أفريل 2019، في ظل غرق أكبر أحزاب السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي في صمت القبور وهما اللذان لم يعلقا لحد الساعة حول فكرة التمديد للعهدة الرابعة وتأجيل الانتخابات، وهما الجهتان السياسيتان الوحيدتان اللتان تملكان بوصلة سير سفينة السلطة ولن يكون تحركهما إلا بـ”إيعاز” من طرف الربان، وليست التغييرات والتحركات الحاصلة داخل “الأفالان” بعد الإطاحة بأمينه العام السابق جمال ولد عباس إلا صورة مصغرة توحي أن مطبخ السلطة شرع في تحضير الوجبة التي سيطعم بها الرأي العام في 2019، على الأقل عبر مغرفة جبهة التحرير الوطني.
إسلام كعبش