الجمعة , مايو 17 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / على وقع قانون المالية والجبهة الاجتماعية والرئاسيات :
نحو دخول اجتماعي وسياسي ساخن

على وقع قانون المالية والجبهة الاجتماعية والرئاسيات :
نحو دخول اجتماعي وسياسي ساخن

ستكون الساحة الوطنية أمام دخول اجتماعي لن يخرج عن تقاليد الدخول التي طبعته في السنوات السابقة حيث يكون عادة مرتبطا بنشاطات سياسية واجتماعية قوية بعد فترة من العطل الصيفية التي دخل فيها الجميع فترة “سبات” بما فيها الأحزاب ومؤسسات الدولة وإن كانت تنشط فإن نشاطاتها ظلت محددة ومؤقتة ومؤجلة لموعد الدخول الاجتماعي.

مرور صيف سياسي ساخن

رغم أن صيف هذه السنة مرّ ساخنا جراء بروز عدة قضايا على السطح شغلت الرأي العام في الجزائر بداية من القضية التي عرفت إعلاميا بملف ” كوكايين البوشي”، وانتهاء بانتشار وباء الكوليرا يوم احتفال الجزائريين بعيد الأضحى، مخلفا ثلاث ضحايا وعشرات المصابين اكتظت بهم مستشفيات بوفاريك والبليدة، في ظل هشاشة اتصالية كبيرة من طرف الحكومة التي لم تستطع إقناع غالبية الجزائريين بإجراءات محاصرة الوباء وحتى بالوصول إلى مصدر الميكروب وإقناع المواطن بذلك. إلى مبادرة “التوافق الوطني” التي طرحها رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري على السلطة والمعارضة وحتى على المؤسسة العسكرية باعتبارها مؤسسة جمهورية ودستورية لها كل الإمكانيات لرعاية انتقال ديمقراطي حسب قيادة “حمس”.

وخلال هذه الصائفة مرت سنة كاملة على تولي حكومة أحمد أويحيى المهام، بعد إقالة الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون إثر خلافات غير مسبوقة بين الحكومة ورجال المال. ومع أن أويحيى قدم مخططه الحكومي أمام نواب الغرفة السفلى للبرلمان ونال الثقة في سبتمبر الماضي، إلا أن مرور عام كامل على تقديم المخطط الحكومي يوجب على الوزير الأول الالتزام بما تقره المادة 98 من الدستور المعدل سنة 2016 والنزول إلى الغرفة السفلى لمبنى زيغود يوسف بالعاصمة، لضبط الرأي العام الوطني حول نتائج البرنامج الحكومي الذي اتكل عليه أويحيى لإنقاذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد وانتشاله من وضعية “الأزمة”.

الهوة تزداد اتساعا بين السلطة والمعارضة

وفي الجانب السياسي، تتعمق الهوة بين أحزاب السلطة والمعارضة على مقربة من أشهر قليلة عن الانطلاق في التحضير للرئاسيات، ورغم أنه لا يوجد حزب واحد أعلن عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل 2019 ما عدا حركة “الأمدياس” الحركة الديمقراطية الاجتماعية اليسارية التي دفعت بناطقها الرسمي فتحي غراس كمرشح عن الحزب وناصر بوضياف نجل الرئيس الراحل محمد بوضياف الذي يريد استغلال الرأسمال التاريخي الذي تركه والده الراحل في قلوب الشعب الجزائري لصالحه ومحاولة إقناع الجزائريين بالبديل.

وتتركز هذه الهوة أساسا في تعدد وتشتت المبادرات السياسية بين المعارضة نفسها وبين المعارضة وأحزاب السلطة من جهة أخرى، وحسب البرلماني السابق الصادق طماش فإن الساحة السياسية تعيش على وقع “مزايدات سياسية ومنافسة غير معلنة وصراع يأخذ شكل الابتزاز”.

ولا يرى  مقرر ندوة الوفاق الوطني لعام 1994 الصادق طماش في اتصال مع “الجزائر” أن ثمة نوعا من الاختلاف بين الدخول الاجتماعي لهذه السنة مع باقي السنوات السابقة، مشيرا إلى “برودة” ستطبع رئاسيات 2019 مقارنة بانتخابات 2014، التي يقول المتحدث أنه “سبقها حراك اجتماعي وسياسي ملحوظ”.

ويبرز البرلماني السابق الصادق طماش أن هناك ثنائية تتصارع في الساحة، أحزاب الموالاة “الباحثة على استمرارية مواقعها ونفوذها داخل السلطة” و”المعارضة غير المتواجدة في مؤسسات الحكم المنقسمة بين الرافضة للعهدة الخامسة والباحثة عن توافق للمرحلة المقبلة”، واعتبر الصادق طماش أن هناك “رؤية سياسية غامضة  لدي الجميع”، مبرزا في سياق ذلك وجود “ترقب لدى مختلف الأطراف لقراءة مختلف الحسابات سواء عند الموالاة أو المعارضة”.

كما حذر الصادق طماش من بقاء الوضع على حاله، مشددا في الوقت نفسه، على وجود إرادة “لعدم العمل بالدستور وفتح المجال للتجديد الحزبي”، في إشارة إلى رفض اعتماد أحزاب سياسية جديدة، موضحا أن “إسقاط مادة واحدة من الدستور هو تجميد للدستور بأكمله”.

البرلمان ينتظر بيان السياسة العامة للحكومة

كما ينتظر نواب المجلس الشعبي الوطني عشية الدورة الجديدة للبرلمان الحالي التي تنطلق اليوم، التزام الوزير الأول أحمد أويحيى بالمادة 98 من الدستور التي تفرض عليه تقديم بيان السياسة العامة لحكومته بعد مرور سنة كاملة من منح الثقة لبرنامجه الحكومي الذي أتى في سياق صعب متعلق بالأزمة المالية التي لا يزال يتخبط فيها الاقتصاد الوطني، وتقول المادة 98 من دستور 2016 “يجب على الحكومة أن تقدم سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة. تعقب بيان السياسة العامة مناقشة عمل الحكومة”، وتفصل المادة ذاتها بالقول “يمكن أن تختتم هذه المناقشة بلائحة، أما يمكن أن يترتب على هذه المناقشة إيداع ملتمس رقابة يقوم به المجلس الشعبي الوطني طبقا لأحكام المواد 153 و154 و155 أدناه”، وتضيف المادة الدستورية المشار إليها في فقراتها المضافة “للوزير الأول أن يطلب من المجلس الشعبي الوطني تصويتا بالثّقة. وفي حالة عدم الموافقة على لائحة الثّقة يقدم الوزير الأول استقالة الحكومة”.

وكان القيادي ورئيس الكتلة البرلمانية في حزب العمال جلول جودي قال في تصريح سابق لـ “الجزائر”، أن الوزير الأول أحمد أويحيى “مفروض عليه احترام الدستور الذي هو القانون الأعلى للدولة الذي يوجب عليه تقديم تقرير حول سياسة حكومته العامة بعد سنة من توليها زمام الأمور” أي أنه واجب دستوري وحق من حقوق نواب المجلس الشعبي الوطني الذين صوت عليهم الشعب لتمثيله أمام السلطات العليا للبلاد، وأضاف القيادي في حزب العمال جلول جودي أنه بعد سنة كاملة من المصادقة على برنامج عمل حكومة أويحيى من المفروض على هذا الأخير النزول إلى قبة الغرفة السفلى لتقديم حصيلة عمله ومناقشتها مع القوى البرلمانية المختلفة، كما تساءل جلول جودي عن سبب تخلف رؤساء الحكومات عن تقديم بيان سياستهم العامة مثلما كان عليه الحال خلال فترة الوزير الأول السابق عبد المالك سلال مع أن الأمر منصوص عليه دستوريا، في حين أن هذه الحكومات تمتلك الأغلبية داخل مقاعد المجلس الشعبي الوطني وبالتالي فإنه “من غير الدستوري” يقول جلول جودي “تخلف حكومة أحمد أويحيى عن تقديم بيان سياستها العامة السنوي”.

مسودة قانون المالية 2019 تبعث على الارتياح

وأشارت مسودة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة 2019 التي تم تسريبها للإعلام الوطني أن السلطة اختارت العام المقبل وهو المرتبط بالانتخابات الرئاسية “سنة هدوء اجتماعي” بما أن الجهاز التنفيذي لم يلغي سياسة التحويلات الاجتماعية وعدم الزيادات في الضرائب مثلما كان عليه الحال في السنوات القليلة السابقة في محور اهتماماته.

أقرت الحكومة ضمن مسودة قانون المالية للسنة المقبلة زيادات قياسية في حجم التحويلات الاجتماعية، في توجه اقتصادي مفاجئ يعاكس تماما توجهات التخلي التدريجي عن سياسة الدعم التي كثيرا ما صرح بها وزير المالية عبد الرحمن راوية، وحسب ما تطرحه الوثيقة الحكومية في صيغتها الأولى فإن قانون المالية للسنة المقبلة سيتجنب رفع الضرائب والرسوم الجبائية، على عكس ما جرت عليه العادة في السنوات التي صاحبت أزمة أسعار برميل النفط، منذ منتصف سنة 2014، وهو ما قد يرجع لاعتبارات أساسها مرتبطة بارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات مرتفعة نسبيا كما يقول بعض الخبراء، وثانيا الخوف من إثارة الجبهة الاجتماعية وتهييجها وهي موجودة أصلا على صفيح ساخن، تنتظر عود ثقاب واحد لإشعالها، وأيضا تزامن السنة المقبلة مع استحقاقات مهمة كالانتخابات الرئاسية التي كان لديها أثر البالغ في تحديد مواد قانون المالية 2019 كما يعتقد البعض حيث أن السلطة تريد تقديم ضمانات للمواطنين بعدم المساس بالقدرة الشرائية مقابل تمرير هذه الانتخابات بكل هدوء

وفي تقدير الدكتور يوسف بن يزة المحلل السياسي فإن الحكومة “اختارت مهادنة الجبهة الاجتماعية خلال السنة المالية المقبلة مضطرة ولم يكن تصرفها مبنيا على معطيات واقعية تتعلق بالتوازنات الاقتصادي الكلية”، ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة باتنة يوسف بن يزة في تحليل له أن الحكومة ذاتها “تعتمد تكتيكا متعدد الأبعاد منها ما هو سياسي ومنها ما هو اجتماعي وآخر اقتصادي، فأما البعد السياسي فهو كما يعلم الجميع يتعلق بالاستحقاق الانتخابي المفصلي المقبل، حيث عودتنا الحكومة على تغيير سلوكها الجبائي خلال المواسم الانتخابية حتى تتجنب المقاطعة الشعبية للانتخابات، وحتى تتجنب استغلال المعارضة لتلك الزيادات خلال الحملات الانتخابية كما كانت تفعل من قبل”، ويضيف المتحدث “أما البعد الاقتصادي فيتعلق بتحسن ملحوظ في الصحة المالية للخزينة العمومية التي استقطبت مبالغ مهمة بعد طبع مئات الآلاف من الملايير وفق آلية التمويل غير التقليدي كما أنها اغتنت من الزيادات والضرائب المفروضة خلال السنتين الماضيتين، في حين استعاد الميزان التجاري عافيته بعد الارتفاع المتواصل لأسعار البترول على فترات طويلة”.

إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super