جاءت توصيات البيان الختامي للندوة الوزارية الدولية حول مكافحة تمويل الإرهاب التي انعقدت بباريس و التي اختتمت مساء أول أمس و التي تم خلالها اتخاذ 10 إجراءات لمكافحة تمويل الإرهاب، متطابقة للرؤية الجزائرية حول تجفيف منابع الإرهاب، وتجريم تمويله ووضع إستراتيجية “منسقة” لمكافحة هذا التمويل، و التي كانت قد دعت إليها منذ سنوات، وهو ما يعكس الرؤية الاستباقية للجزائر بحكم الخبرة و القدرات التي تمتلكها في هذا المجال.
وقد دعا المشاركون في الندة الوزارية، و التي حضرها 80 وزيرا عن 72 دولة و 500 خبير و حوالي 20 منظمة دولية، إلى التجريم “الكامل” لتمويل الإرهاب لاسيما تمويل تنقلات و تجنيد الإرهابيين و تطبيق عقوبات جزائية “فعالة ومتناسبة و ردعية” حتى في غياب علاقة بعمل إرهابي ما.كما التزموا أيضا بمكافحة المعاملات المالية المجهولة و هذا بتحسين تتبع السيولة المالية وكذا شفافيتها.
وشارك في الندوة وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل ، بصفته عضو في مجموعة النقاش حول موضوع “مكافحة الجريمة المنظمة من أجل تجفيف تمويل الإرهاب، و الذي أكد أن الجزائر واعية بالتهديد الذي يمثله الإرهاب على أمن و استقرار الدول و كذا على السلم و الأمن الدوليين حيث أنها “التزمت بصرامة” بمكافحة تمويل هذه الظاهرة، من خلال انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة من اجل القضاء على تمويل الإرهاب و لمختلف الأجهزة الدولية الأساسية لمكافحة هذه الظاهرة التي وضعت تحت إشراف الأمم المتحدة خاصة مؤسسات بريتون وودز.
كما أشار مساهل إلى أن القوانين الجزائرية تتطابق مع توصيات مجموعة العمل المالي و مع لوائح مجلس الأمن الدولي، مضيفا أن الجزائر، و بصفتها عضو في مجموعة ايغمونت تشارك “فعليا” في هذه الأشغال.
و أكد الوزير أن تجند المؤسسات المالية الجزائرية ضد مصادر التمويل المحتملة ينبع من الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب التي تتسم بالحفاظ على مستوى عال من اليقظة في مختلف ميادين النشاط سواء داخل البلد آو على الحدود خصوصا مع البلدان الأكثر تضررا من هذه الظاهرة.
وأشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن هذا السياق يتميز “باستمرار” التهديد الإرهابي بالرغم من التقهقر المسجل مؤخرا لاسيما في سوريا والعراق, مذكرا بأن الاعتداءات الإرهابية المسجلة خلال السنة المنصرمة “تؤكد عدم وجود أي بلد أو بقعة من العالم في منأى عن مثل هذه الأعمال الإجرامية”.
مساهل يحذر من تغير النمط العملياتي للجماعات الإرهابية
و بخصوص مسألة عودة المحاربين الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية أو تنقلهم نحو مناطق نزاع أخرى، قال الوزير أن ” المعطيات الأخيرة تشير إلى أن هؤلاء المحاربين الإرهابيين الأجانب ينحدرون من أزيد من 120 بلدا و هو ما يدل على توسع النطاق المحتمل لنشاطاتهم الإجرامية”. وحذر من تغير النمط العملياتي للجماعات الإرهابية التي “تستدرك فقدان أقاليم كاملة بلجوء أكبر إلى الإنترنت والفضاء المظلم والمنصات المشفرة من خلال إعادة نشر القوات في مناطق النزاعات أو المناطق المتميزة، مثل الساحل و كامل شريط الساحل الصحراوي، بشساعة ترابها وسهولة اختراق حدودها وضعف وسائل دول المنطقة والفقر ونسب البطالة العالية وسط الشباب”.
وقدم مساهل عرضا لنتائج ندوة الجزائر العاصمة حول مكافحة تمويل الإرهاب في إفريقيا التي عقدت يومي 9 و 10 أفريل و التي نظمتها الجزائر مع الاتحاد الإفريقي، و ذكر أنه تم عقد هذا الاجتماع في إطار المهمة السامية الموكلة لرئيس الجمهورية، د عبد العزيز بوتفليقة الذي عيّن من قبل نظرائه الأفارقة منسقا للاتحاد الإفريقي في مكافحة الإرهاب و التطرف العنيف في إفريقيا و الوقاية منهما.و يأتي الاجتماع -كما قال- تطبيقا لقرار في هذا السياق لمجلس السلم و الأمن للاتحاد الإفريقي كما يجسد أحد المحاور السبعة (07) للعمل المستقبلي لإفريقيا مثلما اقترحه الرئيس بوتفليقة في المذكرة التي بعث بها لنظرائه.
هذا وكان مساهل ، قد تحادث على هامش الندوة الدولية بباريس، مع المنسق الفرنسي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، مستشار رئيس الجمهورية الفرنسية المكلف بالاستخبارات، بيار بوسكي دو فلوريان، وتمحور اللقاء حول “التعاون الثنائي في مجال القضاء على التطرف و مكافحة الإرهاب و التطرف العنيف”.كما تبادل الطرفان وجهات النظر حول الوضع في المنطقة لاسيما أزمتي مالي و ليبيا, ملحان على ضرورة ترقية حلول سياسية لهذه الأزمات”.
رزيقة.خ