انقسم تقرير الدبلوماسية الأوروبية حول تطور العلاقة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي ، إلى قسمين، الأول مدح، و الأخر قدح، ، فمن جانب أشار إلى تطور و تعزز هذه العلاقة، و أشاد بسياسة الحكومة التي قال أنها نجحت في الحفاظ على معدلات النمو مرتفعة نسبيا رغم تراجع إيرادات النفط، وعلى عدم الاستدانة من الخارج ، واعتبر بشأن إجراءات تقليص الاستيراد، أنها كانت محل مراسلات بين الطرفين، ووصف الجزائر ب “الفاعل الأساسي” في مجال الأمن على المستويين الإقليمي والدولي، غير أن التقرير من جانب آخر، وجه انتقادات للجزائر بخصوص” وضعية حرية التعبير والمعتقد والمضايقات التي تتعرض لها النقابات المستقلة، كما قدم ملاحظات حول حقوق المرأة والمهاجرين غير الشرعيين. قالت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا وغيريني، في بيان للجنة الأوروبية نشر في التقرير الخاص بتطور العلاقة بين الجزائر والاتحاد، مساء أول أمس، أن الشراكة الجزائرية- الأوروبية “تتطور وتتعزز” مشيرة إلى تكثيف العلاقات بين البلدين منذ سنة “بخصوص المسائل الثنائية والجهوية”، وأوضحت انه و “منذ انعقاد مجلس الشراكة في مارس 2017 تكثفت علاقاتنا فيما يتعلق بالمسائل الثنائية و الجهوية” وترى المسؤولة الأوروبية أن إصلاح نظام الحكامة السياسية في الجزائر هو “محور” الشراكة بين الطرفين و “يستفيد من دعم الاتحاد الأوروبي” في تنفيذه لا سيما في مجالات القضاء و الديمقراطية التشاركية، مضيفة بالقول ” نحن كذلك بصدد بناء علاقة ثقة فيما يتعلق بالأمن لضمان الاستقرار الجهوي ومكافحة الإرهاب لمواطنينا”.
و جاء في ذات التقرير الذي نشر تحضيرا للمجلس ال11 للشراكة الجزائرية الأوروبية الذي سينعقد في14 ماي 2018 ببروكسل، أن “إصرار الطرفين على تعزيز الحوار السياسي بكافة أشكاله و توسيع مجالات تعاونهم تترجم إرادتهم المشتركة في إقامة شراكة متعددة الأشكال تكون في مستوى أهميتهم في المنطقة الأورومتوسطية”.
وأشار إلى أن تعزز الحوار جاء عن طريق العديد من الزيارات رفيعة المستوى و تعمق خصوصا في مجال الأمن و مكافحة الإرهاب و الطاقة، حيث أوضح أن “التعاون عرف توسعا في مجال الأمن خصوصا”، مؤكدا أن هذا التوجه يجب أن يتعزز في سنة 2018 بتنفيذ جملة من النشاطات الملموسة في التعاون. و جاء في التقرير أن “تطورات ملموسة” تم انجازها في العديد من المجالات مثل القضاء و الفلاحة و الصيد البحري مرورا بالبحث و الحماية المدنية في إطار ثنائي أو إقليمي.
معدلات النمو الاقتصادي في الجزائر بقيت “مرتفعة نسبيا” رغم الأزمة
أكدت المفوضية الأوروبية في تقريرها، أن معدلات النمو بالجزائر بقيت “مرتفعة نسبيا” بين 2013 و 2016 على الرغم من الانخفاض الكبير لأسعار المحروقات، و قالت أن “الحكومة نجحت في الحفاظ على معدلات النمو المرتفعة نسبيا بمعدل نمو 6ر3% بين سنتي 2014 و 2016 بفضل الحفاظ على مستويات النفقات العمومية منذ أزمة البترول”، مشيرة إلى أن مستوى المديونية “يبقى منخفضا” بالنظر إلى المعايير الدولية، وأن “الحكومة حافظت على عدم استدانتها الخارجية”.
تواصل الحوار حول تأثير تقليص الاستيراد على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي
ترى المفوضوية الأوروبية أنه بالرغم من التراجع المتسارع لاحتياطي الصرف بالجزائر -من 194 مليار دولار أمريكي مع نهاية ديسمبر 2013 إلى أقل من 100 مليار دولار نهاية 2017- إلا أن “المستوى الحالي يبقى مهما”، و أشارت بخصوص سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الجزائر الرامية إلى تخفيض وارداتها بسبب الصعوبات المالية، أنها كانت محل مراسلات بين مفوضة التجارة والممثلة السامية للمفوضية الأوروبية بالجزائر ونظرائهم الجزائريين، وزير التجارة ووزير الشؤون الخارجية”، و قالت أن الاتحاد الأوروبي كثف حواره مع الجزائر “مع تحليل أثر هذه الإجراءات على التجارة الثنائية ومناخ الأعمال في الجزائر مع البحث عن حلول تتوافق مع بنود اتفاق الشراكة”.
وذكرت المفوضية أنه في إطار “أولويات الشراكة” التي اعتمدت في مارس 2017 التزمت كل من الجزائر والاتحاد الأوروبي ب”تطوير شراكة إستراتيجية تكرس أمنهما الطاقوي بحيث تكون الفائدة متبادلة كما اتفقا على تحديد الإجراءات الممكنة من أجل زيادة الاستثمارات والربط الكهربائي بأوروبا والبحر الأبيض المتوسط”.والتزم الطرفان كذلك “بإيجاد التدابير التي تشجع على التكوين ونقل التكنولوجيا والابتكار والخبرات ومعرفة الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر”.
وأضاف التقرير بخصوص إنتاج الغاز أنه تم التفاوض حول اتفاقات شراكة مع شركات أجنبية منها شركات أوروبية من أجل الاستكشاف المشترك لحقول البترول وانجاز أشغال إضافية للرفع من الاحتياطات المستغلة. و أكد مفوض السياسة الأوروبية للجوار و مفاوضات التوسيع، جوهان هاهن أن الاتحاد الأوروبي “مستعد” لمواصلة دعم الإصلاحات لا سيما تلك المتعلقة بتنويع الاقتصاد الجزائري، قائلا “نحن على ثقة أن الاتحاد الأوروبي سيساهم في تحسين مناخ الأعمال و تنمية الشراكة و هذا ما يصب في مصلحة الطرفين”.
الجزائر “فاعل أساسي” في مجال الأمن على المستويين الإقليمي والدولي
أكدت المفوضية الأوروبية أن الجزائر تظل “فاعلا أساسيا” في مجال الأمن على المستويين الإقليمي و الدولي ، حيث “أشادت” بمساهمتها في ضمان استقرار جوارها المباشر و دورها “المعتبر” كوسيط في الأزمتين المالية و الليبية، و أضافت المفوضوية ، أن الجهود المتواصلة لعصرنة التجهيزات و كذا العدد الهام من عناصر قوات الأمن الذي تتوفر عليه الجزائر، سمح لها بالتصدي بشكل فعال للتهديدات الإرهابية”.
و جاء في تقرير المفوضية الأوروبية أنه حتى و إن يظل الوضع الأمني في الجزائر “مستقرا” فان السلطات تواصل خوض عمليات ضد “بقايا الإرهاب” بعدة مناطق من البلد موضحا أن تطور الأزمة الليبية و الوضع المعقد بمنطقة الساحل دفعا بالجيش الوطني الشعبي إلى نشر قوات أمن إضافية على الحدود.
و بخصوص الأزمات الإقليمية، أشار الاتحاد الأوروبي إلى أن “الحكومة تتابع عن كثب تطور” هذه الأزمات بهدف “تسهيل التوصل إلى تسوية تساهم في ضمان استقرار جوارها المباشر لاسيما في الساحل” في هذا الشأن، ذكرت بأنه في ليبيا، استمرت الجزائر بالاضطلاع “بدور وساطة هام” من خلال تنظيم العديد من اللقاءات رافضة بشدة أي تدخل أجنبي. و في مالي، واصلت الجزائر جهودها من أجل تشجيع تنفيذ اتفاق الجزائر لاسيما من خلال تكوين القوات الخاصة بالنيجر و مالي لاسيما بمناطق القتال الصحراوية.
في هذا الخصوص، جدد الاتحاد الأوروبي التزامه بمسار ضمان الاستقرار الإقليمي و دعمه للجزائر في جهودها مذكرا ب “أهمية وحدة الشركاء الدوليين”.
و من جهة أخرى، ذكرت المفوضية الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي و الجزائر اتفقا في إطار “أولويات شراكتهما” على ترقية حوار استراتيجي و أمني أمام التحديات المشتركة في مجال الأمن و التنمية من أجل ” شراكة سلم و أمن”.كما اتفق الجانبان بإقامة “تشاور وثيق” حول المسائل الإقليمية و الدولية ذات الاهتمام المشترك.
ارتفاع في عدد المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء الجزائريين
من جانب اخر، انتقدت المفوضية الأوروبية في تقريرها وضعية حرية التعبير والدين والمعتقد والمضايقات التي تتعرض لها النقابات المستقلة، كما قدمت ملاحظات حول حقوق المرأة والمهاجرين غير الشرعيين، حيث اكدت في هذا السياق أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين القادمين إلى أوروبا ارتفع بنسبة 85 في المائة مقارنة مع سنة 2016، حيث وصل 7239 جزائريا بشكل غير قانوني إلى الشواطئ الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط، مقابل 676666 مهاجر جزائريا يقيمون بطريقة شرعية في دول الاتحاد الأوروبي.
كما لاحظت المفوضية زيادة عدد الجزائريين طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي، حيث تضاعف هذا الرقم ما بين 2013 و2016، ليستقر عند 11265 طلب سنة 2016.
رزيقة.خ