فجعت الساحة الثقافية في أولى أيام العام الجديد بوفاة أحد أعمدة الأدب والإعلام، مرزاق بقطاش، عن عمر ناهز 75 سنة، ليوارى الثرى اليوم بمقبرة “القطار” بالعاصمة.
وقد خلق خبر وفاة مرزاق بقطاش -75 سنة- حزنا كبيرا في الوسط الثقافي، خاصة ممن عرفوه عن قرب، فالراحل الذي كان يشتغل في صمت، وبعيدا عن الأضواء كان يلقى احترام المؤسسات الرسمية من وزارة الثقافة والفنون وكذا وزارة الاعلام، فضلا عن طبقة النخبة، حيث نعاه ثلة من الكتاب والأدباء وحتى الأكاديميين.
في السياق، وصفت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة وفاة الكاتب الجزائري الكبير مرزاق بقطاش بـصاحب الإنتاج الأدبيّ الِاستثنائيّ بثيماته وشخوصه، الذي يرحل عنّا بعد سنوات من العطاء في الكتابة والتّرجمة، وبعد مشوار في الصّحافة والصحافة الثّقافِيّة، حيث استطاع بقطاش أن يسجل حضورا مختلفا في الثمانينيات من القرن الماضي، وفاجأ المشهد العربيّ بوعيه الكبير بالكتابة السردية، مؤكدة بأنه سيبقى خالدا بأعماله الكبيرة “موزة” و”الموسم والبحر” و”دم الغزال” و”خويا دحمان” و”المطر يكتب سيرته” وغيرها من تحفه المتقنة.. بقطاش المكافح الذي صنع اسمه وكوّن شخصيّته العميقة عصاميا، تفرّد في حياته بحضور العظماء المترفعين، وعاش تجارب قاسية لم تغير من توجهاته وأصالته.
من جهتها، ودع الروائي واسيني الاعرج، مرزاق بقطاش بعبارة “وداعا البحار الأخير”، حيث اعتبر الراحل بالمقاوم الذي واجه حتى رصاصات الإرهاب، مضيفا بأنه يشعر بخيانة الموت والتي لم يشعر بها قبلا، بعد أن مات طير الظهيرة، واستسلم القبطان لقسوة الموت، وانسحب الغزال من دائرة الدم.
واعتبر الروائي بشير مفتي بأن رحيل الروائي الكبير مرزاق بقطاش، خسارة كبيرة للمشهد الروائي في الجزائر، على الرغم من أن الراحل كان يكره الضجيج ويعيش للكتابة، منذ محاولة الاغتيال الجبانة في فترة التسعينيات والتي نجا منها بأعجوبة.. مضيفا بأنه روائي وكاتب قصة قصيرة ومترجم ومعروف بمقالاته الأدبية الجميلة ولقد كان يحسن الكتابة بالفرنسية والقراءة بالانجليزية ولكنه كتب بالعربية التي نشر بها معظم أعماله.
أما الكاتب والناقد عامر مخلوف، فأشار إلى أن مرزاق بقطاش، الكاتب الذي واكب تحولات الجزائر وَوَعاها بعمق، ونجا بأعجوبة من محاولة اغتيال، وأبى إلا أن يُجرِّد قلمه ليستخلص من المؤقت الزائل ما يمكث في الأرض. فإذا كان يغمس ريشته الأدبية في الزمان والمكان، فإنما ليعْلوَ عن الزمان والمكان. ولأن صورة الوطن الذي يؤمن به ليست حكراً على جيل مضى ولا على جيل الحاضر. فهو يريدها صورة جميلة لا تفقد بريقها على مر العصور. ولا سبيل إلى بلوغ غاية مماثلة إلا من خلال أدب جميل.
ويعتبر مرزاق بقطاش (1945-2021) أحد كبار الكتّاب الجزائريين وأكثرهم نشاطا وتنوّعا في التأليف والترجمة، من آخر أعماله رواية تحت عنوان: “مدينة تجلس على طرف البحر”، صدرت العام الماضي: 2020. ومن أهم أعماله الأدبية: “جراد البحر” صدرت العام 1978عن مجلة آمال بوزارة الإعلام والثقافة، “كوزة” العام 1984 عن المؤسسة الوطنية للكتاب، “المومس والبحر” العام 1986 عن نفس المؤسسة، “دار الزليج”، “بقايا قرصان”، “طيور الظهيرة” العام 1976، نشر مجلة آمال بوزارة الإعلام والثقافة، “البزاة” العام 1983 عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. “قفزة في الظلام” العام 1986 عن المؤسسة الوطنية للكتاب، أيضا “دم الغزال”، “عزوز الكابران”، “يحدث ما لا يحدث” و”خويا دحمان” العام 2007 والتي صدرت في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية، “رقصة في الهواء الطلق” عام 2011، عن دار الآداب/بيروت، “الرطب واليابس”، “وداعا بسمة”، “أغنية البعث والموت”، “نهوند” عام 2016. رواية “المطر يكتب سيرته” في صيف 2017 عن مؤسسة “لاناب”، وبفضلها نال “جائزة آسيا جبار للرّواية” في دورتها الثالثة أواخر ديسمبر 2017، رواية “البابور”، وكذا رواية ستصدر قريبا عن منشورات “لاناب” بعنوان “كواترو”.
صبرينة ك