يواصل الأمين العام لجبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس إحصاء إنجازات البلاد منذ تولي الرئيس بوتفليقة السلطة في عملية قرأها البعض على أنها تحمل نتيجتين هما الرد على المعارضة المشككة في المنجزات وأيضا القول لأويحيى أنه ليس الوحيد القادر على الدفاع عن رئيس الجمهورية بصفته الوزير الأول.
أمين عام حزب في مهمة دولة
في إطار دعم العهدة الخامسة للرئيس الحالي بوتفليقة، كل شيء متاح بالنسبة للأمين العام للأفالان جمال ولد عباس الذي يسارع الزمن في سبيل ” إحصاء سياسي ” لمنجزات الرئيس بوتفليقة الذي تشارف عهدته الرابعة على الانتهاء، وتحاول جهات سياسية على رأسها جبهة التحرير الوطني إعادة دعمه للترشح لعهدة خامسة من أجل ” مواصلة تحقيق إنجازات التنمية ” على حد قول أحزاب الموالاة. ويبحث جمال ولد عباس من خلال مواصلة تنصيب اللجان الولائية المكلفة بإعداد حصيلة إنجازات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. حيث بلغ عددها الـ30 لجنة، إضافة إلى تنصيبه لجنة ولاية المسيلة أمس، ويتكون أعضاء هذه اللجان من قيادات اللجنة المركزية، ونواب البرلمان بغرفتيه، وكذلك أعضاء المجلس الشعبي الولائي، ورؤساء المجالس الشعبية البلدية، والهدف المباشر هو إعداد حصيلة مدققة لإنجازات الرئيس بوتفليقة وأين توجهت 800 مليار دولار، مؤكدا في إطار تبرير واقع تلاشيها في ظرف قصير على أنها صرفت على ” 4 ملايين سكن و81 سدا، وعلى المستشفيات ومراكز مكافحة السرطان، والطريق السيار شرق ـ غرب “.
ولد عباس يبحث على “محاصرة” أويحيى
ويرى مراقبون أن توجه جمال ولد عباس نحو جرد إنجازات الرئيس بوتفليقة بالرغم من أن هذا ليس عمل حزبي وإنما يكون عمل دولة أي يفترض أن تقوم به الوزارات المعنية بإحصاء منجزاتها في إطار تطبيق برنامج رئيس الجمهورية وليس أن يقوم حزب ” الأفالان ” بمفرده بهذه المهمة غير سهلة، هو في إطار نفس السياسة التي ينتهجها حزب جبهة التحرير الوطني في منافسة غريمه ” الأرندي ” الذي يقود الحكومة لتقديم الولاء لمرشح النظام قبل أكثر من سنة عن موعد رئاسيات 2019، ومع أن الحزبين متحالفين في دعم الرئيس بوتفليقة ويتواجدان داخل نفس الجهاز التنفيذي إلا أنه منذ أن تم تعيين أويحيى على رأس الحكومة غداة تنحية عبد المجيد تبون في أوت الماضي، لم يستسغ ” الأفالان ” خروج تسيير الحكومة من يده وعودتها لحزب أويحيى، وتوالت ” ضربات ” خليفة عمار سعداني على رأس الحزب الجهاز اتجاه أحمد أويحيى إلى غاية تحول ” الأفالان ” إلى ” شبح ” بالنسبة لأويحيى، ووصل به الحال إلى غاية تنظيم ثلاثية موازية في مقر الحزب بحيدرة، بعد ثلاثية الحكومة مع شركائها الاجتماعيين، وتصوير أويحيى على أنه رجل غير مكترث يبيع مؤسسات الدولة الإستراتيجية بعد صدور تعليمة الرئاسة التي فرضت على الوزير الأول إحالة ملف خوصصة الشركات العمومية إلى الرئيس نفسه.
الرد بالحجة على المعارضة
من جهة ثانية، لا يستبعد أن من بين أهداف الحملة التي يقودها ولد عباس لتبيان إنجازات الرئيس بوتفليقة هي الرد الأوتوماتيكي على أحزاب المعارضة، التي تظل تتهم السلطة بتبذير أموال الريع التي جنتها خلال سنوات البحبوحة المالية عندما وصل سعر برميل النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل من دون أن تحقق إنجازات كبيرة على الميدان، وشهدنا تلك ” المعركة ” التي حدثت خلال عرض الوزير الأول أحمد أويحيى لمخطط عمل الحكومة، وهجوم نائب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عند عرض الوزير الأول لبرنامج العمل الحكومي، ما جعله يدخل في تلاسن مع نائب ” الأرسيدي ” التي اعتبرت ذهاب الحكومة نحو حل الأزمة المالية للجزائر بالتمويل غير التقليدي هو نتيجة منطقية لفشل السلطة في تسيير الملايير التي دخلت خزينة الدولة في ظرف 15 سنة بفضل ارتفاع سعر برميل النفط، ما دفع الوزير الأول أحمد أويحيى للرد بغضب على نائب المعارضة بالقول ” اسألوا الشعب أين هي الألف مليار ؟؟ “.
وكان رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، من أشد المنتقدين لسياسة التقشف التي انتهجتها حكومة أحمد أويحيى منذ اليوم الأول رغم المداخيل التي ناهزت 800 مليار دولار منذ بداية الألفينات التي دخلت جيب خزينة الدولة، ووصفها بأنها ” إعلان فشل مرحلة تمتد طيلة أربع عهدات للرئيس بوتفليقة وأنها سياسات نظام لا يملك رؤية سياسية ولا اقتصادية وإذا تأخرنا بعد تراجع المداخيل أكثر فستكون المديونية مكلفة جدا “، وفي نفس الإتجاه ركزت باقي أحزاب المعارضة في انتقاداتها لبرنامج حكومة أويحيى الثالثة، مرجعين الأمر إلى فشل سابقاتها في إدارة مبلغ 800 مليار. ما يوحي أن مهمة ولد عباس في إظهار إنجازات الرئيس عبر الولايات ما هي إلا مواجهة مفتوحة مع المعارضة التي لطالما اتهمت بأنها تقدم نظرة سوداوية للشعب، ووصل الحال بوزير الشؤون الدينية محمد عيسى لاتهامها بالمساهمة في بروز ظاهرة ” الهجرة غير الشرعية ” ” الحرقة ” عبر قوارب الموت من خلال خطابها السوداوي الذي أزّم من واقع الشباب.
إسلام كعبش