الجمعة , مايو 3 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / Non classé / مساهمة عبد الحق شعيبي (محافظ تراث ثقافي بمتحف “سيرتا” بقسنطينة): نظرة شخصية لتمثال المحارب المحفوظ بمتحف “سيرتا”

مساهمة عبد الحق شعيبي (محافظ تراث ثقافي بمتحف “سيرتا” بقسنطينة): نظرة شخصية لتمثال المحارب المحفوظ بمتحف “سيرتا”

 

منذ فجر التاريخ كانت القبعة ذات قيمة فردية أنتجتها الحاجة والمناخ وتقلبات الأجواء صنعت من الفراء، الجلد، الكتان، والمعادن.

ليس هناك تاريخ محدد لظهور القبعة عند المجتمعات القديمة لكن أقدم دليل على ارتداء القبعات وجدت في رسم بأحد معابد طيبة لمجموعة من رجال يرتدون قبعة من القش مخروطية الشكل كما كان العوام يرتدون قبعات مصنوعة من الكتان ويذهبون بها إلى المعابد.

ارتدى الإغريق القدماء قبعات دائرية وارتدى النخبة أكاليل مصنوعة من أغصان الزيتون، واستمر تقليد ارتداء إكليل كتصرف شرفي حتى العصر الروماني

كما ارتبطت القبعة بالوضع الاجتماعي وفي المجال العسكري إذ دلت على الرتبة والنظام العسكري كما ارتبطت  بالحداثة والثورة والازدهار الاقتصادي والكساد والحرب والسلام والاحتلال وحتى الانتماء السياسي !. وخلال العصور الوسطى وعصر النهضة بأوروبا ساعدت القبعات على فهم وضع الرجال في المجتمع.

بين الحاجة والزينة والموديل و البريستيج انتشرت القبعة بين الشعوب في رحلة تاريخية وثقافية طويلة الأمد بدأت ولم تنته حتى اليوم.فالقبعة وريثة التاريخ والملوكية والعروش، كما هي وريثة الفقراء والصعاليك والفلاحين وراكبي الحياة في كل منعرجاتها.

يضم المتحف العمومي الوطني سيرتا- قسنطينة – تحف نادرة  ومميزه تعود لمختلف الحقب التي تسلسلت على الجزائر القديمة و أشهرها على الإطلاق تمثال صغير يعرف  بتمثال المحارب وهو تميثل مصنوع من الطين الأصفر يفتقد للذراعين  يظهر محارب أمرد  في مقتبل العمر جالس يرتدي لباس قصير يعتمر طاقية أو قبعة فريجية طوله حوالي 27 سم.

وحسب اعتقادي أنه لا يحوز أي متحف في الجزائر تمثيل بهذا المميزات في زيه و طريقة لباسه و طريقة جلوسه و ارتداءه  لهذه الطاقية المميزة لشعوب بعيدة  كل البعد عن نوميديا ومن هنا يمكنان نؤكد على الانفتاح الذي كان سائدا بين نوميديا و بلدان العالم القديم بالأخص وبين نوميديا و دول جنوب أوروبا

تعد القبعة الفريجية الحمراء من أوائل القبعات في التاريخ عندما كان الرقيق المحررون يرتدونها في اليونان وروما القديمتين و هي تعد رمزاً للحرية، كما كان الملاحون والمحكومون بالأشغال الشاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط يلبسون هذا النوع من الطواقي وفيما يبدو و أن  الثوار القادمون من مناطق ميدي في جنوب فرنسا هم الذين استعاروا هذه الطاقية.

وهي طاقية من  الصوف مخروطية تسع الرأس مع تاج صغير في الرأس وكانت غطاء الرأس المعروف في فريجيا.

لا نعلم جيدا إذا كان هذا التمثال يظهر محاربا من العبيد

أحضر للخدمة العسكرية  وهم ما يعرف بالمرتزقة التراقيون (و تراقيا هي منطقة تاريخية وجغرافية في جنوب شرق البلقان تضم شمال شرق اليونان وجنوب بلغاريا وتركيا الأوروبي). حيث استقدمهم ماسينيسا للعمل في الجيش النوميدي فالمصادر المادية الإغريقية و اللاتينية اكدت بوجود هذه الفئة من العسكريين في عهد الملك ماسينسيسا  و ابنه مسيبيسا إذ كان حضورهم قوياً في مئات الحروب  ولطالما كانوا عنصراً حاسماً في ترجمة النفوذ الاقتصادي والمادي لسطوة عسكرية في المنطقة كما عزز هذه الفرضية احتفاظ متحف سيرتا على نصب أخر تحت رقم 5653cp مكتوب بالحروف الإغريقية و هو إهداء لتاس أبوليتيميس بن أسليودوروس يعلوه نحت لقائد من المرتزقة التراقيون عمل في صفوف الجيش النوميدي حيث إستعان ماسينيسا و ابنه مسيبسا بقواد وضباط عسكريين من اجل تدريب جيش المملكة.

قائمة المراجع المعتمدة:

– الجزائر نوميدية ، معرض منظم في إطار الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007، ص 197.

– L’Algérie en héritage, art et histoire Institut Du Monde Arabe 2003.p — n79.

– Recueil des notices et mémoires de la société Archéologiques de la province de Constantine.

– André Berthier -A.R Charlier le sanctuaire punique d’el hofra a Constantine.

 

ترجمة و تحقيق عبد الحق شعيبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super