حل أمس اليوم الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، والذي يعد يوما للتذكير بأن السرقة والنهب والاتجار غير المشروع بهذه الممتلكات تحدث في جميع البلدان، وتسلب أهلها ثقافتهم وهويتهم وتاريخهم. ومن هنا، يتعين علينا التكاتف ومكافحة هذه الجريمة، حسب الموقع الرسمي لــ “اليونسكو”.
وبالحديث عن الجزائر التي وقعت على اتفاقية في هذا الشأن، سنة 1974، إلى جانب 124 بلدا انضم إلى الاتفاقية إلى اليوم، فإنها تتخذ إجراءات الحماية على ترابها ومراقبة حركة هذه الممتلكات الثقافية واسترجاع الممتلكات المسروقة.
وقد تمكنت الجزائر من استرجاع ما لا يقل عن 40 ألف قطعة مسروقة من تحف و قطع نقدية و مخطوطات خلال السنوات الخمس الأخيرة حسب المعطيات التي كشفتها وزارة الثقافة سنة 2019.
ولعل أهم هذه الممتلكات قناع “غورغون” الأثري، الذي سرق عام 1996 مِن “متحف هيبون” في مدينة عنّابة، ليتضح بأنه كان في بيت صخر الماطري؛ صهرِ الرئيس التونسي المخلوع، بمدينة سوسة، لتباشر وزارة الثقافة والفنون الاجراءات القانونية لاسترجاعه، خاصة بعد عرض القطعة الأثرية في أحد المعارض بتونس؛ ليتم بعد ذلك استلامه، حيث كانت وجهة قناع “غورغون” هي “المتحف الوطني العمومي للآثار” في الجزائر العاصمة، ثم أعيد أخيراً إلى “متحف هيبون” بعنابة.
في سياق آخر، تعتبر سرقة الممتلكات الثقافي ونهبها والاتجار غير المشروع بها جريمة، إذ تسلب الأمم تاريخها وثقافتها، وتبعث الوهن في النسيج الاجتماعي على المدى البعيد، وتؤجج الجرائم المنظّمة، وتساهم في تمويل الإرهاب. ومن هذا المنطلق، لا تنفك اليونسكو تعمل على إبداء رد فعل قوي وواضح من أجل كبح جماح هذه الآفة.
وشرعت اليونسكو، منذ إنشائها، في صياغة وإعداد صكوك قانونية مرجعية، ومن ضمنها اتفاقية عام 1970 التي تمثّل ثمرة عملية مطولة من التفكير المتمحص بشأن مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، مع العلم أنّ العمل على التصدي للاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وحماية التراث الثقافي ما هو إلّا مسؤولية جماعية.
ويعزى الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية لأسباب عديدة، من بينها الجهل وسوء الأخلاق التي تعدّ من أسبابه الجذرية. تُنقل الممتلكات الثقافية المتاجر بها بصورة غير مشروعة في أغلب الأحيان، وذلك إما من خلال الأسواق غير المشروعة في جميع أنحاء العالم أو من خلال الأسواق المشروعة مثل المزادات، بما في ذلك عبر الإنترنت. ويمكن للناس والحكومات وسوق الأعمال الفنية والمؤسسات الاضطلاع بدورهم للتصدي لهذه الممارسة من خلال إذكاء الوعي، والحرص على إحاطتهم بكافة المعلومات اللازمة والتحلي بأخلاقيات المهنة عند شراء وبيع القطع الفنية والثقافية، فضلاً عن سن القوانين وإنفاذها، والذود عن التراث الثقافي والممتلكات الثقافية.
واعتمدت اليونسكو اليوم الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في 14 نوفمبر لأول مرّة خلال مؤتمرها العام في دورته الأربعين التي عقدت في 2019، وكان الهدف من هذه الخطوة لفت الانتباه إلى هذه الجريمة وسبل مكافحتها، وكذلك إبراز أهمية التعاون الدولي في هذا الصدد، واتخاذ تدابير استباقية من خلال اتفاقية بشأن الوسائل التي تستخدم لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة (1970). إذ توفر هذه الاتفاقية، التي احتفلت بالذكرى الخمسين لاعتمادها
يذكر أن “اليونسكو” كانت قد أطلقت مؤخرا، حملة إعلامية دولية لتوعية عموم الجمهور وعشاق الفن بالتخريب الذي يلحقه الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية بتاريخ الشعوب وهويتها، حيث يقدر حجمه السنوي بما يقارب 10 مليارات دولار أمريكي، حسب ذات المنظمة.
صبرينة ك