الإثنين , ديسمبر 23 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة عمر بوساحة: الناس شركاء في الفلسفة أيضا / الفلسفة في يومها العالمي

مساهمة عمر بوساحة: الناس شركاء في الفلسفة أيضا / الفلسفة في يومها العالمي

 

في نقضه لأطروحة أفلاطون عن الفنون التي دعا فيها الى طرد الفنانين من الجمهورية يرى أرسطو، وأكد الفلاسفة المسلمون ذلك من بعده ان الفن لصيق الوجود الانساني على اعتبار أن المحاكاة تظهر مبكرا لدى الاطفال في ألعابهم وفيما يجدون في تلك المحاكاة الفنية من متعة ومعارف. شبيه بهذا الأمر هي الكثير من تلك الاسئلة ذات الأبعاد الفلسفية التي يمطرنا بها أطفالنا ويستفزون بها معارفنا وعقولنا، قبل أن يتدخل المجتمع ويقوم بالتصرف فيها، فالتفلسف هو كالفن فطري في الانسان كذلك، والثقافات هي التي تعمل على تفتح تلك الروح الفلسفية التي تأتي معنا الى هذا الوجود، أو وأدها في المهد كما تقوم به ثقافات التخلف والاستبداد. الثقافات هي حاضنة الوعي الفلسفي، فكلما فتحت له أبواب الحرية وعرفته على دروبها ازدادت الثقافة غنى وثراء، وازداد الانسان معرفة بعالمه وحبا ومتعة بحياته.

لذلك لا تعد الفلسفة خاصة بمن درسها أو درَسها، فالفلسفة معرفة مشتركة ومشاع بين البشر جميعا، بل إنك تجدها في أحيان لدى هواة لها أكثر بكثير مما تجدها عند  الذي يدعي التخصص فيها، فإن من هؤلاء من يعمل بوعي أوبغيره على طمسها والوقوف ضدها، وهو في الواقع وللأسف الشديد يعتاش منها. يعمل هؤلاء على الضد من ماهيتها التي تلخصها قوتها وروحها النقدية وذلك بمعارضتها بفكر تقليدي لم يقبله حتى فلاسفتنا الاوائل كالكندي في رسائله وابن رشد وغيرهم. فالفلسفة المعاصرة التي انفتحت على موضوعات جديدة لا تعد ولا تحصى ومناهج ارتبطت بفتوحات العلم وحضارته  لم تغادر عند البعض من زملائنا من المدرسين أفكار ابن تيمية وأمثاله من أصحاب الفكر القديم المتزمت، ولم ترق حتى الى اللاهوت الذي أسسه المعتزلة وبعض المدارس الكلامية، وعملوا على معارضة كل محاولة تأتي من بعض زملائهم الذي يبذلون جهدا مضنيا لأجل ترسيخ بعضا من أفكار تيارات الفلسفة المعاصرة في عالميها الغربي والعربي المعاصرين، ويوجهون لهم كل أشكال التهم الدينية والاخلاقية التي تحول دون عصرنة الدرس الفلسفي كتابة وتعليما.

ولأن الفلسفة طبيعية في الانسان كما سبق وأشرنا، فإنها وجدت من يعبر عنها من خلال أساليب للمعرفة أخرى، وأجاد في هذا الباب الكثير من الزملاء النقاد والأدباء والمسرحيين وغيرهم. وهم على الرغم مما يقومون به في ترقية الفكر الفلسفي في الجزائر نجدهم في أحيان كثيرة يعبرون عن حصرتهم على الوضع الذي هو عليه الدرس الفلسفي في بلادنا، ويأملون في تحسن وضعه للأهمية التي يعرفونها للفلسفة في حلحلة واقع الثقافة في هذا البلد، وحاجة النخب الى ذلك. نعرف كما يعرف زملاؤنا من مدرسي الفلسفة أن العوائق لا تقف عند الاستاذ وحده، فثقافتنا هي الأخرى تلعب دورا سلبيا في ذلك بمعارضتها الشديدة لكل تجديد، ولكننا ونحن نحمل المسؤولية للفيلسوف الجزائري نعرف انه بتسلحه بالمعرفة الفلسفية الجديدة وبشجاعة الفيلسوف صاحب الفكر الحر الذي يفترض ان تتوفر لديه سيفتح أفقا جديدا للثقافة في بلدنا التي هي بحاجة ماسة إليه.

الأستاذ عمر بوساحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super