منذ بداية نُذُر الأزمة الروسية الأوكرانية، طرحت العديد من التساؤلات حول تأثير الحرب على الأسواق العالمية خاصة الطاقة والقمح، باعتبار روسيا من أكبر البلدان الطاقوية في العالم، وتمون العديد من الدول خاصة منها الأوروبية، إضافة إلى أوكرانيا وهما كذلك أكبر دولتين مصدرتين للحبوب لاسيما منها القمح، وتأثير ذلك على العديد من الدول التي تعتمد على موارد هذين البلدين في تموين سوقها الداخلي.
وأكد خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ”الجزائر”، أنه بخصوص أسعار النفط فقد شهدت ارتفاعا منذ بدء العمليات العسكرية الروسية حيث بلغت سعر 104 دولار للبرميل، لكنهم توقعوا أن تستقر هذه الأسعار ما بين 98 إلى 101 أو 102 دولارا ولن تصل إلى مستوى التوقعات المتفائلة كثيرا بارتفاعها إلى سعر 120 أو 130 دولارا للبرميل.
كما اعتبر هؤلاء المحللون الإقتصاديون أنه في الأخير لا يمكن التكهن بالمستوى الذي سوف تصله كون الحرب هي التي تقرر ذلك، وإن توجهت نحو المزيد من التصعيد فسوف تزيد الأسعار في الارتفاع، وإذا اتجهت نحو التهدئة والتفاوض فسوف تنخفض الأسعار أو تستقر في حدود ما وصلت إليه حاليا في حدود 100 دولار للبرميل، في حين أكدوا أن أسعار المنتجات الأخرى خاصة منها القمح والمنتجات التي تدخل في إنتاجها الطاقة، سوف ترتفع أسعارها إضافة إلى ارتفاع أسعار الخدمات خاصة النقل، وهذا سوف يؤثر على أسعار السلع وبالتالي على القدرة الشرائية لمختلف المجتمعات.
الخبير الإقتصادي، سليمان ناصر:
“أسعار النفط ستبقى مرتبطة بمدى التصعيد أو التهدئة في حرب أوكرانيا“
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، سليمان ناصر إنه “لا يمكن التكهن بالأسعار التي سوف يبلغها سعر برميل النفط أو أسعار الغاز، كون من يقرر في الميدان هي الحرب، فكلما اتجهت نحو التصعيد، ارتفعت الأسعار، وكلما اتجهت للتهدئة والمفاوضات سوف تنخفض الأسعار أو تستقر، غير أنه توقع استمرار التصعيد على الأقل خلال الأيام القليلة القادمة”.
واعتبر ناصر أنه “حتى وإن اتجه الوضع نحو المفاوضات أو الوساطة فالحرب لن تنتهي في ظرف قصير، وبالتالي فهناك توقعات لأن ترتفع الأسعار أو تستقر في السعر الحالي 103 دولارا للبرميل”.
وبخصوص تأثيرات الحرب الروسية-الأوكرانية على مختلف المنتجات والسلع والخدمات في السوق العالمية، قال ناصر إن “لهذه الحرب بالتأكيد تأثير على ارتفاع مختلف السلع والخدمات، خاصة منها سعر الحبوب لاسيما القمح باعتبار البلدين -روسيا وأوكرانيا- توفران للسوق العالمية ما نسبته 30 بالمائة من احتياجاته من القمح”.
وأشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أنه “حسب معطيات مواقع متخصصة في السلع والخدمات، فقد وصل سعر 1 طن من القمح خلال اليومين الماضيين 384 دولارا، في حين كان سعره في نهاية ديسمبر-أي منذ شهرين- يبلغ 288 دولار- أي بزيادة قاربت 100 دولارا للطن الواحد”.
وأضاف ناصر أن “أسعار الحبوب الأخرى هي الأخرى سوف تعرف ارتفاعا في السوق العالمية، إضافة إلى اشتعال أسعار مختلف المنتجات والخدمات كالنقل الذي يشتغل بالطاقة وبما أن أسعارها ارتفعت فمن الطبيعي أن ترتفع تكاليف النقل، إضافة إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأولية كون إنتاجها مرتبط بالطاقة”.
الخبير في الشؤون الإقتصادية، أحمد طرطار:
“الحرب الروسية–الأوكرانية سوف تُلهب أسعار القمح“
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار، إن “تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية لها شقان، شق مرتبط بأسعار النفط حيث ارتفعت الأسعار جراء هذه الحرب حيث وصل السعر إلى حدود 105 دولارا، غير أنه يبقى ارتفاعا ظرفيا.
أمّا الشق الثاني، حسب الخبير- يتعلق بأسعار الحبوب خاصة منها القمح، فهاتين الدولتين تمولان السوق العالمية بـ30 بالمائة من احتياجاته من مادة القمح والحرب المعلنة بينهما لها تأثير كبير على أسعار هذه المادة سوف يكون لها تأثير سلبي كبير على الدول التي تعتمد على روسيا وأوكرانيا كمورد أساسي لها للقمح كدول الشرق الأوسط وبعض الدول في شمال إفريقيا، وسيكون لهذا تأثيره الكبير بالتالي على القدرة الشرائية في هذه الدول.
الخبير في الإقتصاد، عبد الرحمان عية:
“أسعار النفط لم تصل للمستوى الذي تفاءل به المراقبون“
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان عية بخصوص تأثير الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا على أسعار الطاقة، إنه “عندما أعلنت ألمانيا توقفها عن استقبال الغاز الروسي، كان هناك توقع لارتفاع أسعار النفط في حدود تتجاوز 100 دولار وتوقعات للوصول إلى سعر 105 دولار، ومع بدء الحرب الروسية-الأوكرانية وما هو موجود من ارتفاع الطلب على الغاز وعدم العودة للإنتاج الكلي للنفط، كانت هناك تصورات بأن يصل سعر برميل النفط إلى حدود 113 دولار، لكن السعر الذي سجل اليومين الماضيين نجده مستقرا في حدود 100 دولار، وبالتالي فالتوقعات المتفائلة كثيرا بأن يصل سعر البرميل إلى 110 دولار لم تتحقق، ويعتقد الخبير أن سعر النفط سوف يبقى يتراوح ما بين 98 إلى 102 دولار”.
وبخصوص سعر الغاز، توقع عية أن “سعره هو الآخر سوف يرتفع”، لكنه أشار إلى أن “الأمر يخص الغاز المسال، لكن الغاز التعاقدي لا يعتقد أنه سوف يرتفع كثيرا على الرغم من أنه يمكن للدول المصدرة كالجزائر أن تطلب مراجعة الأسعار في ظل التطورات الحالية، لكن يبقى العقد شريعة المتعاقدين”.
أما بالنسبة لأسعار المواد الغذائية، يرى عية أن “أسعارها سترتفع” غير أنه أرجع ذلك ليس إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، قائلا إن “هذا الارتفاع بدأ منذ 2020 وليس مرتبطا بالحرب الدائرة حاليا بين هذين البلدين، بل مرتبط بتراجع الإنتاج العالمي بسبب جائحة كورونا والأسعار في اتجاه تصاعدي حيث أنها قد تصل إلى 370 دولار لـ1 طن من القمح، أيضا الأمر ذاته بالنسبة للصوجا وغيرها من السلع والمنتجات”.
رزيقة. خ